ما الفرق بين الولد والبنت ؟ في التعامل، والعمل، والحياة العامة

955

(أنتٍ بنت، أنا الراجل، عيب، عشان أنا قُولت كده).. الجُمل المبتورة دي عينات من بعض الإجابات اللي أصحابها بيستخدموها لحَسم النقاش، للأسف في مجتمعاتنا العربية ناس كتير بيشوفوا الأنثي كائن ناقص يترمي في آخر الليسته أو يُتَهَم بإنه فصيل لابد من السيطرة عليه وتحجيمه وإلا عياره هيفلت فيتكسر جناحه أول بأول، ودي بتبقى محطة من محطات كتير بتبين التفرقة في المعاملة بين الولد والبنت.

الغريب أن ده مبيحصلش بس من الذكور تجاه الإناث، لا ده بيحصل كمان من إناث قُهِرن فى الماضي فقررن ممارسة نفس طقوس القهر مع بناتهن/ صديقاتهن بل وأنفسهن!

 

“أنتِ بنت”

لو أنتِ بنت فأنتِ عارفة كويس إزاي الجملة دي ممكن تُستخدم كإجابة ووسيلة لإنهاء النقاش معاكي في مواقف مختلفة تمامًا عن بعضها، ومع ذلك إجابتها واحدة! 

-عايزة أروح رحلة الأقصر وأسوان مع الكلية. 

مينفعش أنتِ بنت.

 

-جايلي شغل ميتعوضش ف محافظة تانية وبفكر أقبلها.

 أنتٍ اتجننتي؟ أنتِ بنت.

 

-مش هتجوز غير الشخص اللي أقتنع بيه إن شالله أقعد كده من غير جواز.

 وهو المجتمع هيسيبك فى حالك! أنتِ بنت.

 

-مقدرش أكمل في علاقة بتستهلكني وتدمرني.. أنا هطلب الطلاق.

الناس تاكل وشنا، ثم مفيش راجل كامل.. استحملي وعيشي أنتِ بنت.

 

وكأنهم يقصدوا بأنتِ بنت: اتلهي ملكيش أي حقوق غير اللي الناس والمجتمع هيتفَضَّل بيها عليكي وتبوسي إيدك وش وضهر! كأن البنت معندهاش عقل يخاطبوه ويبرروله أسباب الرفض والقبول. كأن البنت ناقصة إيد وللا رجل فمينفعش تعيش حياتها بشكل كامل، ناقصة الحِكمة والحَدس فمتقدرش تفاضل وتختار وتعرف إيه الأنسب لها، ناقصة القوة والفضيلة اللي يسمحولها أنها تحمي نفسها من غوغائية وفساد أخلاق المجتمع اللي هم جُزء منه، وبدل ما يقفوا ف وش المُتهم بيكتفوا بحَبس الضحية.

 

مين قال إن فيه خط مرسوم للبنت مينفعش تشذ عنه ولو ممشيتش عليه تبقى بتخرق ناموس الكون؟! وإيه سبب التمييز المُجحف ده بين الولد والبنت؟

 يا أفاضل لو عندكم اعتراضات على أفعال مش حابيين بناتكم أو زوجاتكم يعملوها، اشرحولهم أسباب رفضكم: هل الفعل ده فيه منه ضرر؟ إساءة للذات؟ ضد مبادئ الدين؟ مفيش منه فايدة أصلًا؟ جَرَّب تقنع اللى قدامك بدل ما أنت مصمم تشرَّبه رأيك بالمعلقة، خلي فيه كلام وهات وخُد، عُمر ما هيبقى فيه إنسان واحد على حق على طول أو على غلط على طول.

ولازم قبل أي شيء نفرَّق بين: الحلال والحرام، الصح والغلط، العادات والتقاليد.. الحلال والحرام مفيش عليهم اختلاف، الصح والغلط ليهم النصيحة وبعدين صاحب الشأن يختار يبعد عن الشيء وللا يجربه، أما العادات والتقاليد فدول زي ما بيختلفوا من مكان لمكان المفروض يختلفوا من عصر لعصر. 

 

البنت زي الولد

مش معنى إننا طلعنا لقينا اللي قبلنا ماشيين على نَهج معين يبقى خلاص بقيت قاعدة، وزي ما سيدنا علي رضى الله عنه قال: “لا تربوا أبنائكم على طبائعكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم”. أرجوكم متكَرَّهوش بناتكم ف جنسهم وتخلوهم يقولوا ليه يا رب مخلقتناش ولاد، أو يكرهوا كل الكائنات المُذكَرة، بسبب التفرقة في المعاملة بين الولد والبنت.

آه فيه حاجات ينفع يتوافق عليها وتتجرب وحاجات هيتقال عليها لأ، بس متخليش إجابتك لما يتقال لأ ليه؟ تبقى عشان أنتِ بنت، لأنك يا هتخرَّج للمجتمع بنت معقدة ومقهورة أو واحدة قدامك حاجه ومن وراك حاجة أو بنت متعودتش تفكر وتناقش وتحس إن ليها عقل بتخاطب بيه اللى قدامها، فسهل يتضحك عليها. وأوعى تزرع ف بنتك بذرة شعور بالدونية عشان أول حد هينزل من نظرها هتبقى أنتَ.

البنت/الست لو كانت كائن ملهوش أهمية في ذاته وقادر على مواجهة الحياة ماكنش ربنا خلقها مع آدم تكَمِّل معاه المشوار. فطبطبوا على قلوبهم واستمتعوا بالنقاش مع عقولهم وكونوا سَنَد يرتقوا بيه لفوق مش يتدفنوا بيه بالحياة. 

 

اقرأ أيضًا: عن الهروب: ما بين “ليه لأ” وUnorthodox والأقرب للمصريات

المقالة السابقةما تريد المرأة أن تسمعه
المقالة القادمةدا.. زُرَار محمود!
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا