إنتي أولوية

842

الست في مجتمعنا عليها ضغوطات كبيرة جدًا، من وهي طفلة مطالبة إنها تساعد في شغل البيت “أمرًا وليس فضلاً”، وتفضل الحكاية دي معاها لحد ما تكبر وتتجوز، ويكون النظام الوحيد اللي تعرفه لحياتها هو إن كل ما طلعت عينها بشكل أكبر ده بيدل إنها ست ممتازة ومتتفوتش ولا تتساب.

 

بس المشكلة إن مع اختلاف الأجيال، ظهرت مهام جديدة للست، زي إنها تذاكر للعيال، لأن المدارس بقت زي عدمها، وسواق للأطفال للمدرسة وللتمرين وللملاهي، وطبّاخة ماهرة مُلّمة بكل الجديد في العالم عشان العيال بتعاير بعضها، ومربيّة فاضلة عارفة طرق “إزاي تصاحب ابنك/ بنتك عشان ميقعش فريسة للمخدرات/ أصدقاء السوء”، وبلياتشو مسلّي عشان خلاص مبقاش أمان إننا نطلق الأطفال تلعب في الشارع وألعاب الكمبيوتر بتجيب توحد.

 

إضافة لكل اللي فات، فالأزمة الاقتصادية اللي البلد بتمر بيها، بقى مطلوب من الست إنها تحاول تفصّل الهدوم بنفسها، وتتعلم طريقة عمل اللانشون والكاتشاب والصلصال في البيت، وتزرع نعناع وروزماري وريحان أرخص من السوق، وتعمل بنفسها لعب الأطفال لأنها بقت غالية جدًا.

 

فوق ده كله، أغلب الستات دلوقتي بتشتغل، مش عشان تحقق ذاتها ولا عشان هي شاطرة ولا كل الكلام النظري الجميل ده، ولكنها بقت مضطرة تشتغل عشان مرتب الزوج بقى غير كافي.

 

المشكلة الأكبر، إن أوقات كتيرة الست بتحس إن لازم عليها تقوم بكل الأدوار دي، حتى لو هي مش مقتنعة، بس لأن المجتمع والناس والأهل والفيسبوك والتليفزيون، بكل بساطة بيرموا حمل ومسؤولية البيت والأطفال بالكامل على الست، هي اللي لازم… وهي اللي لازم… ناسيين إن الست دي كمان بني آدم ومحتاج براح وإلا هييجي وقت عليها وهتتكسر ومحدش ساعتها هيكون جنبها.

 

فأنا من هنا بقول لكل الستات، اتعلمي تقولي لأ، وتكبري للأولويات اللي المجتمع بيفرضها عليكي عشان تكوني مثالية، إنتي لو بقيتي المرأة الخارقة مش هيعجبهم وهيقولوا “شوفوا الست اللي بتطير ومعلمتش عيالها إزاي يطيروا!”. بيتك وأسرتك إنتي أكتر واحدة عارفة احتياجاتهم، وطاقتك مش من المفروض تديها للآخر لبيتك. “إنتي أولوية”، قوليها لنفسك وأكّدي عليها، إنتي أولولية وراحتك أولولوية، إنتي مسؤولة من نفسك ومن واجبك تحافظي على الأولوية دي.

 

فبما إننا هنكبر للمعايير دي، خلينا نحط خطة عشان ترجعي الأمور تاني لمكانها الصحيح.

 

وأول الكلام إنه لو أمورك المادية تقدر تتظبط يبقى لازم تستعيني بمساعدات خارجية، يعني تنضيف البيت دي مهمة مشتركة بينك وبين جوزك وأولادك، الترويق اليومي مش مهمتك لوحدك، مهمة كل اللي عايشين معاكي في البيت، أما التنضيف فهاتي واحدة تعمله ولو مرة كل أسبوعين، أو مرة في الشهر وإنتو عليكو في البيت بس مسح التراب الظاهري، لكن الشغل التقيل سيبيه لليوم ده، صدقيني البيت مش هيحصله حاجة ولا هتطلعله عفاريت ولا جوزك هيطفش منك.

 

الأكل.. تاني.. لو الميزانية تسمح، هاتي طبّاخ ولو مرتين في الشهر يعمل كمية تطلعوا منها طول الشهر، أو هاتي من أصحاب مشاريع الأكل البيتي المجمد، ودول بقوا منتشرين جدًا. لو خايفة من المكونات اللي بيستخدموها هاتي إنتي المكونات وخليهم يشتغلوا بيها، أما لو مش بتحبي تاكلي من أكل حد، يبقى اشتري الخضار جاهز على العمل، اشتري الملوخية متخرطة والبسلة متفصصة والبامية متقمعة والصلصة مفرومة جاهزة، دي مهام بسيطة بس بتاخد من وقتك وجهدك كتير جدًا، تقدري تخلي ستات كتيرة تعملهالك وبتكلفة مش كبيرة.

 

نفس الكلام ينطبق على الحلويات، هاتي جاهز بيتي، مشاريع الأكل والحلويات البيتي مبقاش فيه حي في مصر مش متوفر فيه على الأقل مشروع واحد من المشاريع دي، وفَّري على نفسك التعب من وقت للتاني وهاتي منهم، بيكونوا في أغلب الأوقات أنضف من شغل السوق وأرخص أو بسعر موازي أحيانًا، أما لو إنتي بتحبي عمايلهم، فأكيد مفيش ضرر إنك تقومي بعملها مرة في الشهر أو كمان في الأسبوع، الفكرة إنها متكونش حاجة مرهقة زيادة أو إلزامية بدون داعي.

 

الكاتشاب والمايونيز واللانشون وكل أنواع الأكل غير الضرورية دي مفيش لازمة إنك تهلكي نفسك في عمايلهم، هم كده كده حاجات جانبية ينفع الاستغناء عنها، وقفوهم خالص وعوِّدوا الأطفال ياكلوا من غيرهم، وممكن من وقت للتاني تجيبيهم مرة في الشهر لو لازم قوي، ولو بتخافي من تصنيعهم برة يبقى اعمليهم مرة كل شهر أو كل كام شهر. لكنه شيء غير منطقي إنهم يكونوا دائمين الوجود في البيت ولازم كمان يكونوا عمايل البيت، ده إرهاق كبير على حاجة مش أساسية.

 

أما اللبس.. دوّري وهتلاقي حد حواليكي بيعرف يفصّل، وبأسعار كويسة ويعملّك شغل أحسن من اللي موجود في المحلات، وأرخص طبعًا وعلى ذوقك، لكن في حالة إنك أصلاً مش غاوية تفصيل ومش في دماغك وبتعمليه كنوع من هلك النفس، بلاش منه، ممكن من وقت للتاني تفصّلي قطعة، تغيّري من موديل قديم عندك، لكن دي تكون مهمتك في البيت وبالإجبار؟ مش منطق!

 

نفس الكلام بينطبق على كل تفصيلة.. غسيل السجاجيد والألحفة، فيه دراي كلين جنبك يعمل المهمة دي اللي المفروض تحصل كل فين وفين أصلاً، المكواة، طيب المكوجي فاتح لمين؟ ودّي حاجة البيت تتكوي عنده، لو مفيش إمكانية كل واحد يكوي لنفسه، دي مهام إضافية مش مطلوبة منك، وإنما المجتمع الكسول اللي فرضها.

 

في النهاية كل حاجة ولها حل، استعيني دايمًا بمساعدات خارجية، هتفضلي تحوّشي فلوسهم عشان تقدروا تطلعوا مصيف في إسكندرية تقضيه طبيخ وحلل محشي ومكرونة وبانيه ومش هتنبسطي، وترجعي مهدودة أكتر من الأول. ريّحي نفسك وشيلي من على كتافك، الحاجات اللي مش ضرورية استغني عنها، ولو مفيش إمكانية مادية يبقى باقي سكان البيت الأعزاء كل واحد يؤدي دوره في المهام المنزلية، لأنها مش مفروضة عليكي لوحدك، كله يغسل المواعين، كله يكوي هدومه، كله ينضف البيت، كله يطبخ. 

 

إنتي مش سبب الأزمة الاقتصادية ولا تدهور الأجيال ولا كل الكلام اللي الإعلام بيصمم يرمي الحمل عليكي ويقولك إنتي الأساس، هو إنتي الأساس فعلاً بس مش بالطريقة دي، إنتي الأساس فمحتاجة تشمّي نَفَسك وتتعاملي كبني آدم عشان متنهاريش، فابدئي بنفسك وعرّفيها إنك أولوية، وإنك مش آلة لخدمة البيت والأسرة لوحدك.

المقالة السابقةإزاي تعملي spa في البيت
المقالة القادمة4 أفكار لسفرية دلع سريعة بالتفاصيل

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا