أم بـ100 أم.. اعرفوا حكاياتهم

1194

لو كانت الأمومة بشكل عام مش سهلة، فالقيام بدور الأب والأم مع بعض من أصعب الوظائف في العالم.. أمهات كتير عظيمات، وآباء كتير يستحقوا لقب الأبوة عن جدارة، لكن لما تجتمع الأمومة والأبوة في كيان واحد اسمه “أم سينجل أو وحيدة”، يبقى إحنا أمام بطلة خارقة بتعلب كل شخصيات البطولة في حياة أولادها، اللي بالتأكيد رغم النظرة الخارجية المليانة صعبانيات ليهم، لكنهم محظوظين.

 

وأنا كمان كنت محظوظة بمقابلة أكتر من أم سينجل، من جيلي والجيل اللي قبله واللي قبلهم، فتحوا قلوبهم وصندوق حكاويهم، وحكولي شوية عن سر القوة والصلابة.. واللي كان منبعها واحد على اختلاف الحكاوي، الحنّية.

 

الأم تعشش والأب يطفش

– خمس عيال ربيتيهم لوحدك إزاي؟

– تقصدي خمس رجالة.. يملوا العين ويشرحوا القلب الحزين.

ده كان كلام الست “راجية” لما سألتها عن تربيتها لولادها الخمسة لوحدها، جوزها سافر الخليج ومرجعش، متعرفش إذا كان مات ولا عايش ولا طفش، كل اللي تعرفه إنها صحيت بين يوم وليلة لقيت في رقبتها 5 عيال، أكبرهم 10 سنين وأصغرهم لسة مكملش السنة.. وجوزها اتقطعت أخباره، وحتى لو كان رجع فهو كان شايل إيده من تربية العيال.

 

بس “راجية” شالت عيالها فوق ضهرها، “عششت عليهم” -على حد قولها- قفلت باب بيتها واستغنت عن القريب اللي شمتان والغريب الطمعان، اشتغلت وربتهم بالحلال، اتعلموا تعليم عالي وكبروا العيال وبقوا رجالة يوم ورا التاني.

تعرفي على: 7 اعترافات خاصة جدًا لأم عزباء

– ولادك محسوش إن ناقصهم أب يا “راجية” في يوم م الأيام؟

– البيت اللي مفيهوش أم ينهد، العيل ممكن يعيش يتيم الأب حتى لو أبوه على وش الدنيا، أمه هتحاجي عليه وتكبره حنية وتربية، ممكن يكونوا حسوا إن ناقصهم حاجات مادية زي بقية زمايلهم، بس الأكيد إن الحنية منقصتش يوم، وهما مكانوش محتاجين غيرها عشان يكبروا.. كل الناقص يكمل بيها والكامل من غيرها ناقص.

 

ساعات بقول هو أنا كنت عايزة إيه من الدنيا أكتر من كده سند؟ هما شايفني سندهم صحيح، بس الحقيقة إن هما عزوتي وسندي، البصة في عيونهم كانت بتخليني كل يوم أرمي الدنيا وكلام الناس ورا ضهري وأكمل.

 

“لا تحارب أمًا بأطفالها.. الأبوة بالتجربة، أما الأمومة بالغريزة”

***

ابن عمري

صديقة ليَّ بتحكي عن والدها: جدتي أم بابا جوزها توفاه الله، وبابا كان عنده سنتين وهي اللي ربته لوحدها، بدون مساعدة مادية أو غيرها من حد خالص، فضلت تشتغل يمكن شغلانتين في نفس الوقت، وعلمته إن اللي عايزه هييجي لو فيه إمكانية، دخلته أحسن مدارس والجامعة الأمريكية، وساعدته يسافر يكمل تعليمه في أمريكا.

 

لما كان نفسه يشرتي موتوسيكل وهو مراهق، مزعقتش وقالت أجيبلك منين ولازم تحس بيَّ، علِّمته المسؤولية وفهمته إنها بتربيه لوحدها فلازم يسندها ويقويها وميطلبش غير اللي فعلاً محتاجه، بعد شوية وقت فاجئته باللي كان نفسه فيه.

كبر واتجوز وبقى ناجح في حياته ومتزن نفسيًا أكتر من بعض الأطفال اللي اتربوا بين أب وأم في ظروف عادية. طلع شبعان وعينه مليانة، كانت هي أمه وأبوه وسره عشان مكانتش بتعاقبه على الغلط على قد ما صاحبته وعلمته من أخطائه.

 

كانت ست قوية وعطوفة جدًا، و ده اللي علمني أنا شخصيًا إن الست تقدر تدي كل الحنان وتحط ضوابط زي الراجل وأكتر.. كانت دايمًا تقولي كوني حكيمة في تصرفاتك، وازني بين قلبك وعقلك، وافتكري إن ربنا شايفك، وعيشي حياتك بعد كده.

 

“قد ينجب الرجل ١٠ أطفال ولا يستحق أن يُدعى أب. أما المرأة فهي أم وإن لم تنجب”.

***

 

وحدي في الغربة

أم وطفلين وبلد غريب لوحدها، معادلة صعبة، بس “أميرة” حلتها، أو تحايلت عليها بالحلول، ما هو مكانش فيه حلول بديلة.

حكاية “أميرة” كأم سينجل بدأت لما حصلت مشاكل كتير بينها وبين جوزها، وهي معاها طفلين 6 و3 سنين، أهلها كل واحد في بلد، وجوزها طلقها وراح اتجوز ونسي ولاده، رغم كل القضايا اللي لسة بينهم لحد دلوقت عشان المصاريف والإنفاق وخلافه.

 

“أميرة” أم وحيدة مع أطفال في سن صعبة، غير متقنة للغة البلد اللي هي فيها، مش عارفة تنزل بلدها الأم بأولادها لوحدهم بسبب مشاكل الأم وعقم القوانين، حكاية ولا الأفلام، تبان مقفولة زي الدومينو.. بس على مين؟ دي أم!

 

الحلول مكانتش سهلة، كان أول مفتاح هو لغة البلد اللي عايشة فيها، شوية بشوية اندمجت، نسيت مشاكل جوزها أو رميتها ف آخر أولويتها، حطت ولادها قدام عينيها، هي دلوقتي أم وأب، لازم تعاقب وتطبطب وتحضن وتربي، سنة ورا التانية، انهارت فيهم كتير، بس كانت بتشوف ولادها بيكبروا أسوياء، المجتمع كمان ساعدها، لأن في البلد الأجنبية كانوا شايفينها أم خارقة، فيه احترام ودعم نفسي للأطفال ولها. بعد سنين “أميرة” دلوقتي عندها شركة خاصة بيها في مجال الأزياء والتفصيل، ولادها متفوقين دراسيًا.. وقلبها مفتوح ع الدنيا والحب والحياة.

 

بتقول: كل يوم كنت أبص لنفسي في المراية وأعيط على حظي وأقول إشمعنى أنا.. دلوقتي ببص لنفسي وأقول الحمد لله إني كنت “أنا”، أنا قدرت وبقدر، ومكنتش هبقى أفضل من كده لو ممرتش بنفس الظروف مُرّها قبل حلوها.

 

الحكاية لسّة مخلصتش.. حكاية كل أم قررت تلعب الدورين سوا، حكايات أبطال ملهمات حوالينا في كل مكان.. ولا عمرها هتخلص.. بس الأكيد إن..

أكثر ما يحتاجه طفلك هو أم سعيدة ومتزنة نفسيًا.. حتى وإن كانت أم سينجل.. في الحقيقة أكثر ما يحتاجه طفلك هو “أم”.

المقالة السابقةدليل المرأة المعيلة لتمويل المشروعات الصغيرة
المقالة القادمة7 اعترافات خاصة جدًا لأم عزباء
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا