عن ذوي متلازمة داون(1): ويختصكم الله بالحكايا

1358

علياء احمد

تم نشرة في 07/14/2016

وقت القراءة : 1 دقيقة

 

الحلمُ الذي تبنيه مع شريككَ تفصيلة تفصيلة يشملُ محبتَكما لدورِكُما في الخْلْقِ معًا.. يشملُ قطعًا صغيرةً مِنَ الجنةِ ستجلبانِها للأرض، وتبدآن في زرعها بالأفكار الطيبة، وتَجْنِيان ما زرعتماه بابتسامةٍ أو تصرفٍ أو شَبَهٍ يَلْتَقِطُه مِنْ ملامحكَ أو ملامحها.

ستنتظران الحدثَ في شوق.

وحين تحينُ اللحظة المنتظَرَة، لحظة تَعَرُّفِهِ عليكما/ تَعرُّفِكُما عليه، سيلقي كلاكما الأسئلة: لماذا لا يشبهنا؟!

لأن الله يختار من يختصهم بالحكايا.

نعم طفلكما المختلفُ سيسير بكما إلى عالمٍ جديدٍ منَ الاكتشاف والتعلم والبهجة.

 

متلازمة داون ليست تخلفًا عقليًا، ولا بلهًا منغوليًا. المختصون يصفون الأمر بأنها مجموعةٌ من الصفاتِ المُمَيِّزَةِ لشكلِ الطفلِ، من صِغَرٍبالملامح، خط أحادي بكف اليد، وتسطح بالرأس، إلى بعضِ صعوباتِ التعلٌّمِ التي تتطلبُ التدخلَ المُبَكِّرَ، وبعضِ المشكلاتِ الصحيةِ التي تتطلبُ نِظامًا صِحيًّا مُخْتلفًا.

 

طفلكَ المصاب بمتلازمة داون له نفس حقوق إخوته، بل وبما سيمنحكَ من سلامٍ بلا مقابلٍ يستحق منكَ المزيدَ من المحبةِ بلا شرطٍ أو سقفٍ، يستحق ابتسامتكَ غير المشوبة بحزنٍ ما في نفسك، يستحق إظهاركَ الاهتمامَ به وبما أنجز.

 

 

 

إذا منحته فخركَ باختلافه، وثقتك في قدراته، فتأكد أنه سيبهركَ بأشواطٍ يقطعها بخِفةٍ وسهولةٍ. الأمر يتطلب فقط أن نراه كيانًا كاملاً منذُ اللحظة الأولى، وأن نتخلى عن النظرةِ القديمةِ الراغبةِ في التقويم وتعديل السلوك.

 

الطفل -كل طفل- حقيقة لا شية فيها ولا كذب.. إذا تبسم يضيء حدائق البهجة ويعطر الكون بالفرح عن عمد، وإذا بكى.. فصدق كامل لا مُراءاة ولا ادعاء.

 

فلننغمس إذًا بإنسانيةٍ كاملةٍ غيرِ مشوبة بضغوطِ الحياة، مع أطفالنا، نساندهم، ندعمُ آرائهم، نحترمُ قدراتِهم، نرعى حقوقَهم، ونبذلُ كل ما نستطيعُ من محبةٍ لنتيحَ لهم فرصةَ التفتحِ والنموِّ والانطلاق.

 

الشبح الذي يلاحقك هو نظرة المجتمع، خوف يغزوك ويستولي على مشاعرك.. وتتمنى لو تسلح جيشًا ليحرس طفلك في كل صغيرة وكبيرة، أو تفكر في أن تعزل طفلك ونفسك عن مجتمعه وبيئته.. خوف لا حيلة لنا فيه.

 

ولكن دعني أبشرك.. الأمر أبسط بكثير؛ القواعد تؤكد أن:

1- الناس أعداء ما تجهل.

2- من يعرف يرحم.

 

إذًا الأمر يبدأ بأن تنشر النور الذي زار بيتك، وتشبع الأهل والجيران وكل من تسطيع بمعرفة ما يحتاجه ذوي متلازمة داون، وعن قدرات طفلك المختلفة.

وأن تعلم أطفال العائلة أن الاختلاف سنة الكون وأنه منحة البشر الحقيقية.. وأن قبولنا لأنفسنا بتنوعنا يخلق الحضارة والتطور.

وتؤمن روعك بأن ما يستطيعه طفلك يحدث بكونه معلمًا لعائلته من اليوم الأول، ثم بإضافته لكل عناصر الجمال والرحمة في حياتنا، ثم بكونه متحدًا حقيقيًا لكل ما يعيقه.

 

دورونا إن ادّعينا القدرة والتفوق على أبنائنا من ذوي متلازمة داون، أن نرتقي ونتسع بعقولنا وأرواحنا وإنسانيتنا لنستقبل الاختلاف بكل رحابة.

أن نهيئ بيئة تسمح للطفولة أن تنبت ببساطة وسهولة.. أن نمتن للمستقبل الذي بين أيدينا.. نسترضاه حتى يرضى.

المقالة السابقةلا يأس مع الشغف
المقالة القادمة9 طرق لتصبحي متمكنة جنسيًا وتحصلي على الأورجازم لا أن تخترعيه

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا