قرار الزواج الثاني هل يجب إخبار الزوجة؟

2974

أنت تبحث في تجربة زواجك الأولى عن شريكة تُغذي شعورك بالدفء وتفيض عليك من شلال حنانها، بينما يبحث آخر فيما وراء قدرة عقلها على استيعابه والمرونة التي يبديها في التعامل مع اختلافه عنها، فعن أي شيء يبحث الرجل في تجربة زواجه الثانية، هل تميل حساباته للتعقل أكثر؟ ما الشيء تحديدًا الذي يدفعه لتجديد التجربة بضخ دماء جديدة؟ هل هو الملل؟ أم عدم الانسجام؟ أم اللا شيء؟ وهل الزواج الثاني ناجح على الدوام؟

هل الزواج الثاني ناجح؟

قطعًا لا، يمكنني إعطاؤك إجابة شافية لهذا التساؤل، فالزواج بنسختيه الأولى والثانية، بل وحتى العاشرة إن وجدت، شأنه شأن أي سلوك أو عادة اجتماعية، يخضع لمعايير تختلف باختلاف الأطراف القائمة عليه، بل وحتى تعبير “ناجح” في حد ذاته، يُعتبر تعبيرًا نسبيًا، فبينما يُرجع أحدهم تعبير “زواج ناجح” لطول مدته، سيراه آخر في حجم السعادة والاستقرار الذي حظي به الزوجان وإن انتهى الزواج بعد وقت قصير.

ولهذا دعنا نناقش أمرًا آخر، هل يجدد الزواج الثاني النشاط؟ في يقيني واستقاءً من عدد لا بأس به من التجارب المحيطة، إنه ربما يفعل في بداية حقبته، شأنه شأن تجربتك الثانية لأي شيء فشلت في إتمامه في المرة الأولى على أكمل وجه، بمعنى أكثر مباشرة أنك تكون قد توصلت لشيء من سر الخلطة، لكن ضع خطًا تحت “تعلمت شيئًا” وليس كل شيء، وهذا يتوقف على طبيعتك الشخصية ومدى حلمك في سبيل الحصول على رحلة سعيدة رغم الطريق الوعرة، وإصرارك على الوصول وإن تسنى ذلك عبر تحكمك في طباعك الشخصية وتطويعها كي تلائم طباع الشريك.

وفي هذا الإطار دعنا نؤكد أن الزواج الثاني ليس فانوسك السحري الجديد، بمعنى أنه لن يجدد طاقة الحياة فيك ما لم تكن طبيعتك الشخصية دافعة لذلك. فمن وجهة نظري المتواضعة واحد من الأسباب التي تشي بنجاح علاقة ما، وأنها على الطريق الصحيح يتعلق بوقت الفراغ الذي يقضياه الشريكين معًا بعيدًا عن الالتزامات والضغوط، إذا نجحا في إنفاق هذا الوقت فيما يسعد كليهما ودون أن يشعر أحدهما بالضجر، فهما بلا شك في علاقة ناجحة.

وإذا كانت عصبيتك الشديدة -على سبيل المثال- وراء انفصالك الأول فربما قادتك ثانيةً نحو انفصال جديد، فالأمر -كما ذكرنا مسبقًا- متوقف عليك وعلى مدى رغبتك في تفادي أخطاء الماضي، وزراعة فرص تلاقي جديدة من أنصاف الفرص.

الزواج الثاني للرجل المتزوج

حينما تتصرف في الحياة بمنأى عن النسق الأخلاقي والاجتماعي القويم، ومهما كانت دوافعك في ذلك، تأكد أنك تسير في الطريق الخاطئ. وفي تجربة الزواج الثاني أنت لا تحتاج لأكثر من أن تضع نفسك مكان زوجتك، تلك التي أخذتك الحياة رفقتها وتحفظت عليكما في حيز ضيق منها، جعل من استمرار الحياة أمرًا صعبًا.

هذا الزواج الثاني والذي اتخذته كطوق نجاتك الجديد من حياة مملة وتعيسة، الزواج الذي تتحدث عنه بوصفه حقك، سيصير لعنة عليك ما لم تُكرم زوجتك الأولى بحق المعرفة قبل الشروع فيه، وستصير كمن يسرق حقه -على حد تعبيرك- ومن أدراك؟ ربما كانت تلك الخطوة بالاعتراف لها بأنك تفكر في الزواج بأخرى طوق نجاة زواجكما، قبل أن يصير الغضب والعناد سيدا الموقف! أو تجدا حلولاً توافقية تُرضي الجميع بالانفصال مع إعلاء مصلحة الأبناء فوق كل اعتبار.

المرأة المطلقة والزواج الثاني

كونك امرأة مطلقة لا يجعلكِ الاختيار المثالي كزوجة ثانية، وإن كان ما يُحركك هو تلك القناعة، فأنتِ بلا شك في مأساة كبيرة، مأساة حاكها المجتمع وسيطرت عليكِ حتى أفسدت عليكِ حياتك. أنتِ تصلحين لأن تكوني اختيار أحدهم الأول. أقول هذا وكلي يقين أن المنطق الذي نؤمن به، هو ما يأخذنا حيث نستحق أن نكون، حتى في مجتمعات كمجتمعنا لديه عداء مسبق مع الفشل، رغم خلو سجله الحالي من نجاحات مبهرة.

أما إذا قادكِ قلبك حيث رجل لديه نفس تجربتك، وهو بالفعل مُنفصل ويبحث عن شريكة يجد في السكينة بقربها ضالته، فعليكِ تفادي أخطاء التجربة الأولى، وكلك يقين أن الحياة وإن لم تكن وردية فلا بد أن تتعاونا معًا لئلا تكون حالكة، تستحيل معها الرؤية.

وإذا كان لكِ أو لهذا الزوج أبناء من التجربة الأولى، لا بد أن يدور بينكما نقاش مطول حول مصيرهم جميعًا، بحيث يُمحى الغموض تمامًا عن أي شيء يخصهم، وفي هذا ضمان لسعادتكما كما سعادتهم.

الزواج من الثانية بدون سبب

هناك تجارب للزواج الثاني لا تُشبه إلا نفسها، فتجد رجلاً يُخبرك بحقيقة زواجه من ثانية دون علم زوجته، تلك التي يصفها بـ”ست الناس” و”حبه الأول” و”أم أبنائه” و”الحارس الأمين” على بيته، فتظن أنه ربما يمزح. إذا كانت زوجتك كل هؤلاء إذًان لما تزوجت عليها؟! غالبًا ما يصعب على أمثال هؤلاء إيجاد أسباب واقعية لتبرير إقدامهم على تجربة الزواج الثاني، لذلك يبحثون في أسباب ما وراء الواقع: “حاسس بملل”، “بدور على حد يفهمني”، “هي مركزة مع الأولاد أكتر مني”، بينما في الواقع هم يعانون من شيء أُطلق عليه “رفاهية العطاء”.

هم في حقيقة الأمر يأخذون من الشريكة كل شيء، بلا جهد يُذكر، الحب والاهتمام وتربية الأبناء والطاعة والصفح، حتى الأشياء التي لم يكونوا يريدونها، وجدوها تُقدم لهم على طبق من ذهب، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العطاء في العلاقات الإنسانية وإن كان محمودًا، لا بد أن يُراعى حجمه، فكثرة العطاء قد تجلب الطمع أو سوء التقدير.

والقانون القائل بأن الرجل يحب أن تُقضى جميع حوائجه، وتأتيه الأمنيات بينما هو مُمدد مُسترخِ، ولم يبذل مجهودًا لقاء ذلك، هو قانون فاشل، لم تفلح في تطبيقه أي من الإناث من قبلك، وإذا كنتِ كأنثى تبحثين عن من يطمئنك ويبث الأمان في روحك ويسعى لراحتك، فالرجل يا عزيزتي ليس كذلك، الرجل يصير أكثر تعلقًا كلما زاد حجم قلقه، ولا تروقه كثيرًا الطمأنينة، وكونك موجودة وإرضاؤكِ سهلاً وغفرانك مضمونًا يشعره بشيء من الضجر. ستجدينه يبذل قصارى جهده فقط ليرى ابتسامة ثغرك على شيء قام به وكله رغبة في أن يُرضيكِ، ما دام الحب والمودة والعشرة الطيبة بينكما بخير حال.

فنصيحة من أختك الصغرى: لا تجعلي رضاؤكِ سهلاً يسيرًا ولا تجعلي حنقكِ مقيم. وازني بين الأمور وأخبريه بما تشعرين به، وإياكِ ثم إياكِ أن تنتظريه ليفهم ما بين السطور، لأنه أحيانًا لا يفهم السطور نفسها، وذلك بحكم الفطرة.

شعرة معاوية في قرار الزواج الثاني:

في رأيي المتواضع هناك زيجات كانت لتحظى بقبلة النجاة وبدء جولة جديدة بدماء جديدة، فقط لو أن الزوجة كانت أكثر استيعابًا وصبرًا على خطايا الزوج وهفواته، وأقل مكابرة معه فيما يحب ويُفضل، فقد تجد زوجة تجادل زوجها في كونه يحب الصهباوات، وهي ذات الشعر الأسود المعتم “سيبيه يحبه يا فوزية” و”جربيه مش يمكن يعجبك”. أو أن الزوج أقل إنصاتًا لصوت ذكوريته التي أورثه إياها المجتمع، “إزاي تحط راسها براسي”، وأكثر استيعابًا لكون ضعف المرأة مع رجل لا تشعر معه بالتقدير أكثر إيلامًا من تكسير عمودها الفقري فقرة فقرة.

وإذا كان البعض يضمن لتجربة الزواج الثاني النجاح كون الشريكين تعلما من تجربتهما الأولى، لماذا لا يفعل الزوجين الشيء ذاته في تجربتهما الأولى؟! أن يتعلما من أخطائهما في مواقف الأمس بحيث تُصبح أخطاء الغد أقل خطورة وأكثر قدرة على إيجاد التلاقي منها على حدوث الانفصال، تحديدًا إذا كان في القصة أبطال آخرون لا ذنب لهم فيما آلت إليه الأمور.

فشعرة معاوية في قرار الزواج الثاني برأيي تكمن في شعور أحد الطرفين بأن الطرف الآخر لم يعد يهتم لأمر رضاه، شيئًا فشيئًا يشعر أن هذا الشريك صار لا يُبالي به البتة، ومع استمرار الحياة على تلك الشاكلة يتسرب إليه شعور أنه صار يكرهه، وهنا ينزل الستار معلنًا النهاية.

المقالة السابقةما تريدين معرفته عن التعليم المنزلي في مصر أماكن التعليم المنزلي وشروطه
المقالة القادمةفي شقة مصر الجديدة
كاتبة وصحفية مصرية

2 تعليقات

  1. مقال رائع و متألقه دايما أستاذة منى ، و اود أن أشير إلى أن المقال تم تناولة من وجهة نظر أنثوية بحتة من شرفة بعض النساء الاتى عانين و تجرعن مرارة تفاصيل كثيرة خلصت لهذا السؤال لماذا لم اعد كافية؟ و ليس هذا حال كل النساء ولا حتى اتفاق لآراء كل النساء و المقال ابرز قصور و اتهام بعض الرجال و ليس “كل” الرجال بناءً على تلك التجارب المذكورة التى اقطتعتها الكاتبه و ذكرت ذلك فى النهاية أنه “جزء من الاسباب” ، فى انتظار المزيد من التألق أن شاء الله

  2. شكرا جزيلا على وقتك في قراءة المقال و التعليق عليه، و كذلك جزيل الشكر لإستيعابك ما بين السطور أستاذ عمرو ، يسعدني مرورك دائما .

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا