من كام يوم، صحيت على وجع في إيديا ورجليا، لأن اليوم اللي قبله كنت غيرت نظام الشقة بتاعتي. فجأة جات في دماغي فكرة جديدة، عملتها، والنتيجة كانت مذهلة بصراحة. وقفت بعد ما خلصت، وبصيت على المنظر الجديد كده، وقلت لنفسي “تغيير حلو وأنا داخلة ع التلاتين”. التلاتين العمر اللي وأنا صغيرة، كنت بحس إن اللي وصله المفروض يكون بقى شخص عاقل، ومش متردد، وشخص كبير وحياته مترتبة، وعارف حاجات كتير في الدنيا. مش زيي لسة بيتلخبط، ويسأل أنا ماشى صح ولا غلط، وبيمسك ورقة يملاها بأحلامه، اللي نفسه يحققها، والبلاد اللي عاوز يزورها.
نجوى
النهارده بقى، صحيت من النوم بفكر في “نجوى”، في واحد من أحلى وأجمل أفلام المخرج العظيم، محمد خان، فيلم “في شقة مصر الجديدة“. “نجوى” البنت اللى في أواخر العشرينات، من مواليد برج القوس زيي، اللي لسة متمسكة بحلمها، حتى لو الكل شايفه كلام فارغ، والمشي وراه نوع من الجنان، واللي أغنية حلوة ممكن تظبط مزاجها، وبتلاقي في كلامها إشارات تمشي وراها.
“كان ليَّ واحدة صاحبتى بتقول إن الرجالة بتحب الست تكون جميلة قوي وقوية قوي ومدردحة قوي، بس أنا لا جميلة قوي ولا قوية قوي ولا مدردحة قوي”. الكلمات دي كانت وصف “نجوى” وصورتها عن نفسها، اللي قالتها للأستاذ “يحيى”، وهما قاعدين بيتعشوا في مطعم، نفسي أعرفه وأروحه.
“نجوى” البنت الصعيدية، اللي العادات والتقاليد بتتحكم في الجزء الأكبر من حياتها، وبالرغم من كده، استغلت وجودها في رحلة مع المدرسة بتاعها، في “مصر“، عشان تزور صاحبتها، اللي فضلت تراسلها سنين، بعد ما اتفصلت من المدرسة، لدرجة إنها تبات برة البيت كذا يوم، في رحلة البحث دي، وإصرارها إنها تلاقيها، لدرجة إنها تمشي لحد ما رجلها توجعها، لأن فلوسها خلصت، وبعدين تبيع السلسلة الدهب بتاعتها عشان توفر فلوس، وبالرغم من جمال الملامح الهادية، بالرغم من كل ده، كانت شايفة إنها لا جميلة ولا قوية ولا مدردحة.
الصورة الذهنية عن نفسنا
مش عارفة ليه المشهد ده تحديدًا، بيخليني أتاثر بيه! يمكن لأن “نجوى” فيه بتحكى ببساطة، اللي بتتعرض له معظم البنات والستات، في مراحل عمرهم المختلفة، وأيًّا كانت ظروفهم الاجتماعية، واللي أنا نفسي عشت فيه فترة طويلة جدًا من حياتي، وهي الصورة الذهنية اللي بتطبع جوة دماغ الواحدة، من كلام ناس، غالبًا بيكونوا قريبين منها، زي الأهل أو الزوج مثلاً، لحد ما بتصدق إنها فعلاً الشخص ده. إطار خشبه مسوِّس بيزرعوا البنت جواه، لحد ما تطرح قلة ثقة في نفسها، وفي المقابل بتنسى الحاجات الحلوة اللي فيها، ونقط القوة اللي غالبًا الأهل مش بيقولوا عنها لبناتهم.
“نجوى” صدقت إنها حلوة، لما حكت لـ”يحيى”، وقالها إنها فعلاً جميلة وقوية. ولأن أول طريقة للتعافي هي الحكي، فأنا كمان هحكي.
إنتي عصبية
إنتي عصبية. الجملة دي حاصرتني سنين طويلة جدًا، وكانت بتتقال في سياق إني صعبة المعشر، لدرجة إني كنت مصدقة ده عن نفسي جدًا. وده خلاني في أي مشكلة، أو اختلاف في وجهات النظر، حتى مع أي شخص، كنت دايمًا بحمِّل نفسي إني السبب في المشكلة، لأن أكيد أنا اللي وصلتنا للمكان ده، بعصبيتي، وطبعًا مش محتاجة أحكي ده كان مؤذي نفسيًا إزاي.
من سنتين تقريبًا كنت بتكلم مع مديري في الشغل، في مشكلة ما، كنت اتدخلت وحليتها، قالي: “إنتي هادية وبتعرفي تتحكمي في الأمور”، مش فاكرة بقية الكلام، لأني وقفت وقتها مستغربة، إن فيه شخص واحد على الأقل شايفني هادية. أنا اللي كبرت مصدقة إني السبب في المشكلة دايمًا، جه شخص وقال إن ساعات بكون مش السبب، وقادرة كمان أكون الحل.
شكل صوابع إيدي
كان ليَّ واحدة صاحبتي بتقول إن أول حاجة بتلفت انتباهها لأي بنت بتشوفها هي صوابع إيديها، ولما سألتها عن السبب قالت إن باباها دايمًا كان بيعلق على شكلهم، لأن إخواتها شكل صوابعهم أحلى، بالرغم إن البنت فعلاً شكل إيديها كلها على بعضها متناسق. البنت فضلت مصدقة إن شكل إيديها وحش، لحد ما خطيبها اشترى ليها كذا خاتم ورا بعض هدايا، ولقيتهم حلوين جدًا على إيديها.
الأحلام ملهاش عمر
الفيلم بينتهي و”نجوى” عارفة إن “تهاني” موجودة، وإنها كمان لقت شريك حياتها، وبتروح تشتري فستان جديد ألوانه مبهجة، وبتلبسه وبتركب ورا “يحيى”، وتسيب شعرها يتنفس في الهوا، في إشارة أخيرة من الفيلم ليَّ، إن الأحلام مش بتخلص في عمر معين، وإن طول الوقت فيه فرصة جديدة لحاجات حلوة، لو فيه تغيير نظام الشقة.