يا فاتن تمسكي بالأمل وحاربي

1741

 

بقلم: سارة سكر

تابعت -فيما أتابع من مسلسلات رمضان- مسلسل فاتن أمل حربي. أحسست أني أعرف هذه السيدة جيدًا، وقابلتها شخصيًا عن قرب مرارًا وتكرارًا. قابلتها في كثيرات ممن انكسر زواجهن بخلاف أو خيانة، أو انفصال أو طلاق أو خلع، أو حتى لم ينتهِ ظاهريًا لكنه مُنتهٍ منذ زمن. وتركهن وحيدات، أو مسئولات عن أطفال، لكن بدون شريك.

ورغم أن المسلسل لم ينتهِ بعد، والحقيقة أنه لا يهمني كثيرًا على ماذا سينتهي؛ فالقصص قد تختلف في تفاصيلها، لكن الملامح واحدة. فرغم الواقع -وبرغم كل الوقائع- ما زلت مؤمنة أن الزواج وُجِدَ ليستمر. فإذا انكسر سينكسر معه الكثير مما لا يمكن إصلاحه أو تعويضه.

لا أقول طبعًا أن انكساره يأتي بنهاية الحياة؛ فالنهايات لا تأتي أبدًا طالما هناك فاتن ما زال لديها أمل وبها نفس داخل وخارج. وطالما بقيت واقفة تعافر وتحارب حربها. لكني فقط أقر بواقع أن كسره محزن ومؤلم وموجع بدرجة مخيفة. وهو واحد من أصعب وأقسى الخبرات التي لا أتمنى لعزيز أن يمر بها أو تمر عليه مرور القطار الذي يدهس ويكسر ويفرم ما يمر عليه. فهو قطار صادم يترك القلب مفروم والروح مدهوسة والنفس مكسورة.

لست هنا لمناقشة لماذا ينكسر الزواج، أو ماذا نفعل لوقف قطار الانفصال المجنون؟ أنا هنا مجرد صوت ينادي ويشجع كل فاتن في ميدان معركتها: يا فاتن تمسكي بالأمل وحاربي.

تمسكي بالأمل وحاربي

وإليكِ يا فاتن بعض الأسلحة. أسلحة لا تُستخدم للهجوم والقتل والتجريح، بل هي أسلحة مُجربة ومضمونة لحماية الباقي من قلبك ونفسك وروحك. وهي فعالة جدًا لتبقيكِ واقفة رافعة رأسك في شموخ المنتصر بعد عبور القطار المدوي.

 

اشتري سلامك الداخلي بأي ثمن

فهو كنزك الباقي الذي لن يسلبه منكِ أحد إلا إذا فرطتِ فيه بنفسك وتنازلتِ عنه. ولحفظ هذا السلام الغالي ثبتِ نظرك على الله الثابت الوحيد وسط كل المتغيرات التي تعيشينها والتي تزلزل كيانك.

 

اقويْ. وقوِّي نفسك

وهذا ليس فعل أمر؛ فأنا أعلم ألَّا شيء قيمًا في الحياة يأتي بكبسة زر! لكني أقصد أن تستعيني وتستندي وتقبلي؛ لتستقوي بكل ما يمكن أن يمدك بالقوة.

 

تكلمي

 تحدثي، عبري، تواصلي، لا تكتمي ألمك لتكتوي به وحدك. ابحثي عن شخص موثوق فيه يعرف كيف يصغي، وأنتِ متأكدة أنه لن يستغلك أو يستغل ما يسمعه منكِ. حتى إن اضطررتِ لدفع مادي مقابل استماع جيد من أذن خبير مصغٍ له رأس عاقل حكيم منضبط يأتيكِ بمشورة صالحة.

وإن لم تجدي، تكلمي مع الله الذي تمسكتِ به منذ البداية. وتيقني أنه ممسك بكِ أيضًا ولن يفلتك.

 

اقبلي

اقبلي الدعم الحقيقي والمساندة الصادقة والمساعدة الكريمة التي تمتد بها أيادي المحبين من حولك. لا تستكبري أبدًا وترفضي ما يأتيكِ من الله عن طريق أشخاص هم يداه الممدودتان لكِ. ألم تطلبيه؟ هو كثيرًا ما يستجيب بأناس يضعهم في طريقك.

 

اختاري معاركك

 حربك الآن ليست مع آخر. حربك الآن بينك وبين نفسك مع أفكارك ومعتقداتك. حتى وإن كانت قد زُرعت فيكِ بفعل فاعل مر في حياتك. هذا قد صار ماضيًا عليكِ أن تتعاملي معه، وتتحملي مسئولية الحاضر والمستقبل بشرف دون مناورات من شخصية الضحية التي تلعب أدوارًا سخيفة. نعم، كثيرًا ما نكون غير مسئولين عن كل أمراضنا، لكننا مسئولون دائمًا عن تعافينا.

 

لا شيء يستمر للأبد

ذكِّري نفسك ألا شيء يستمر للأبد. قولي لنفسك إن هذا الوجع سيمر. نعم سيترك علاماته عليكِ وفي قلبك الجريح، لكنه لن يستمر بهذا الحجم وهذا السلطان. قد لا يُنسى لكنه سيتصاغر. أعطي للوقت وقتًا ليقوم بعمله.

 

خبراتك السابقة

قرري أن تضعي خبرتك القاسية في شنطة خبراتك الحياتية القيمة. أضيفيها شهادة تعتزين بها على جدران قلبك وسط الشهادات التي حصلتِ عليها بالكد والتعب. اكتبيها بفخر في سيرتك الإنسانية الذاتية. لكن أبدًا لا تتركيها تستعبدك وتكبل قلبك وتحكم نظرتك وتلبسك غصبًا نظارة سوداء قاتمة ترين بها وحدها الحياة كلها.

 

تنوع الحياة

الحياة (أوبن بوفيه) ممتد أمامك. إن كنت قد ذقتِ المر منه؛ فأعطي لنفسك الفرص لتذوق الحلو الموجود فيه. درِّبي لسانك على استطعام الأطعمة الأخرى الموجودة. واغتنمي الفرص عندما تتوافر.

 

اطلبي الشفاء

نعم، (الوجع علينا حق). اتركيه يزورك وقتما حل ضيفًا، لكن أبدًا لا تتركيه يستوطنك. إن فضلتِ الغرق في بحر الوجع ورثاءك لنفسك للأبد؛ فأنتِ الخاسرة الوحيدة، إذ تضيعين حياتك الثمينة. اطلبي الشفاء لقلبك واجتهدي للحصول عليه.

 

محطات الفشل

الفشل قد يكون محطة في الحياة، لا تجعليه مقصدك الأخير وتسكني فيه. تعلمي مما مررتِ به؛ فالأخطاء الكبيرة قد تحدث دون قصد لكن عندما تتكرر وقتها تكون قرارات.

الفشل موجود؟ والنجاح أيضًا. الحياة صدمتك بأبواب أُغلقت في وجهك؟ نعم، هذا واقع. لكن افتحي عينيكِ واسمحي لها أن تتفاجأ بالأبواب المفتوحة، وهي واقع أيضًا. واختاري أن تدخلي من الأبواب المفتوحة، لا أن تقفي للأبد تخبطين رأسك في الأبواب المغلقة والتي لن تُفتح أبدًا.

يا فاتن، لكِ مني كل التحية. صلاتي لكِ ألا يتملك اليأس من قلبك القوي، بل يظل بالأمل عامرًا. ولا تتسرب الهزيمة ليديكِ فتسقط، بل تستمر ممسكة بأسلحة حربك.

 

مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب

 

المقالة السابقةC.V بالفحم
المقالة القادمةعن التعامل مع الاحتياجات

4 تعليقات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا