أنا الساخر

1244

بقلم: لبنى علي

خفيفة الظل وأول المعلقين على ما أفعل تعليقات ساخرة، يتبعها ضحكات من الجميع. أركض وأهرول وعلى وجهي تلك الابتسامة التي لا يفهمها البعض، والبعض الآخر يراها مستفزة ومثيرة للغضب. قليلة الصبر وأسخر من ذلك، فقلة صبري حماقة، أدركها وأحاول تغييرها، ولكني أبطأ من السلحفاة في محاولاتي، مع أن الصبر من صفات الصالحين.

كثيرة الثرثرة، وفي نهاية حديثي علامة استفهام، لأجعل الجميع يتأمل الإجابة، حتى يصل لتلك الفكرة التي تعبث برأسي. هناك من ينجح بالوصول إليها ويدرك الغرض من السؤال، وهناك من ينفر من حديثي وتعبث بقلبه الكراهية لي ولشخصي، لأن استفاهمي أصاب سهمًا في عقله، جعله يدرك حقيقة نفسه، التي حاول وسيظل يحاول الهروب منها إلى أبد الأبدين.

وفي لحظات حزني أعاند نفسي، وأزداد في السخرية من نفسي وآلامي، ربما لأقنع نفسي بأن ما حدث لا يستحق كل هذا الألم، أو ربما لأنهض مرة أخرى بعد السقوط. فإذا كان هذا الجرح كبيرًا الآن فبالتأكيد هو ليس الأخير، فسأسخر منه حتى يتحول من جرح نازف الى نُدبة تذكرني بما تعلمت، فيشتد عودي وأكون أكثر قوة وصلابة. وعندما يحين اليأس ولم يعد للأمل مكان أسخر من نفسي ومن الأحداث، فالسخرية في هذا الوقت هي وسيلتي الدفاعية حتى لا أُصاب بمس من الجنون.

لا أسخر من أحد، لا أجرح أحدًا، فسخريتي جارحة لي فقط، وربما أيضًا لأنتقدني، فأراجع خطواتي السابقة لأمنع إعادة نفس الأخطاء وأكتشف ما يدور بداخلي من مشاعر سلبية وإيجابية لأفهمني، وفهم الذات لا يصل إليه إلا من يبحث عنه، فكثيرًا نفعل ولا ننشغل بأسباب هذا الفعل، وقليل من الناس من يهتم بفهم نفسه ليتكيف ويتعايش معها، ويطورها إلى نسخة أكثر استحداثًا في الغد. وعندما يزداد الوضع سوءًا أسخر منه، حتى لا أرى نفسي عاجزًا عن حل تلك الأمور المستعصية.

أنا الساخر الضاحك الباكي اليائس، المفعم بالأمل، المُحلل المدقق متابع الأحداث ومتجاهلها أحيانًا. أكره العبث، وأعبث قليلاً حتى لا أمل من الحياة وروتينها المعتاد. أنا كل ذلك وأكثر، وكانت وستظل سخريتي هي سلاحي ووسيلة تعبيري عن نفسي وعما يحدث من حولي، ولم ولن تكن وسيلة لأجرح أو أهين بها الآخرين.

المقالة السابقةالتعامل مع المراهقين: كيف غيرت حياة طلابي وطالباتي
المقالة القادمةالصحة النفسية للطفل: أسباب الاضطرابات وكيفية علاجها
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا