عمليات التجميل: لماذا انتشرت لهذا الحد وما مخاطرها؟

1920

الجمال حلم كل فتاة، رُبما لا يوجد خلاف حول هذا، رُبما يكون الجمال مطلبًا إنسانيًا بشكل عام، سواء للذكر أو الأنثى، الفكرة هنا فيما نحسبه قبحًا دون أن يكون كذلك فعلًا، هل شكل أو حجم أنفك هو قبح يجب تعديله فورًا؟ اختلافنا حول إجابة هذا السؤال هو رُبما ما أدى إلى انتشار عمليات التجميل. هناك صورة نمطية للجمال أصبحت مُختزنة في الأذهان، هذه الصورة قد يكون منبتها المواد الإعلانية المُصوّرة والكليبات الغنائية التي تُقدّم صورة مُحددة ورُبما واحدة حول الجمال، فما أسباب انتشار جراحات التجميل في الآونة الأخيرة؟!

لماذا انتشرت عمليات التجميل؟

1. كثرة العيادات المتخصصة: جراحات التجميل في متناول الجميع

يُعزي موقع doctorlive أسباب انتشار عمليات التجميل في مصر بين الفئات الاجتماعية المُختلفة وبين فتيات الطبقة الوسطى التي لا تحظى بإمكانيات مادية هائلة إلى كثرة أعداد مراكز التجميل المتخصصة، كما أن أسعار عمليات التجميل في مصر أصبحت تناسب احتياجات جميع الراغبين في إجراء عمليات وكذلك تناسب إمكانياتهم المادية.

2. تقليد المشاهير: السوشيال ميديا أصل الشرور

من الأسباب الأخرى التي تقف وراء انتشار عمليات التجميل: عدم الثقة بالنفس، ومراقبة المشاهير والرغبة في التشبه بهم، فقد ترغب بعض الفتيات أن يتحولن إلى نسخة مُطابقة تمامًا لشخص آخر لمجرد أنهن يرونه أجمل أو أنه يحظى بإعجاب الناس، وهو ما لا يتحقق أبدًا، لأن صور المشاهير عادةً ما تمر بالكثير من التعديلات التقنية قبل أن تصل إلينا، فالأمر ليس له علاقة بالجمال الممكن من الأساس. كذلك اتباع آراء “الإنفلونسرز” حول عمليات التجميل فيُعلنّ من خلال هذه الآراء أن هذه الجراحات بسيطة وغير مُكلفة ونتائجها رائعة لا ينبغي تفويتها.

3. التنمر: البحث عن القبول

سبب آخر وراء انتشار عمليات التجميل وهو التنمر، لأن المتنمر عليه يظن أن بعد عمليات التجميل سيحوز على رضا المتنمرين وسيتوقفون عن التنمر، والسخرية منه. ومن أهم الأسباب اضطراب تشوّه الجسم الذي لا يقود فقط لإجراء عمليات التجميل وإنما قد يقود للانتحار.

ما هو اضطراب تشوّه الجسم / BDD ؟

يُشير اضطراب تشوه الجسم إلى العيوب التي يُلاحظها الشخص في مظهره، والتي تؤدي إلى ضعف شخصي أو اجتماعي أو مهني، الأسوأ أن هذا العيب الذي يلاحظه المريض بهذا الاضطراب قد لا يكون حقيقيًا، قد لا يراه أحد من المحيطين به في الواقع، لكن المريض بهذا الاضطراب يراه، بل لا يرى في نفسه غير هذا العيب.

يُقدَّر أن اضطراب تشوه الجسم BDD يُصيب شخصًا واحدًا من بين كل 50 شخصًا، وهو انشغال معطِّل بالعيوب المتصورة، ويعوق الحياة بشكل طبيعي. تتطور الحالة عادة في مرحلة المراهقة، وهو الوقت الذي يكون فيه الناس عمومًا أكثر حساسية تجاه مظهرهم، يمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على كل من الرجال والنساء، مما يجعل المصابين يشعرون بالخجل الشديد تجاه مظهرهم.

أعراض اضطراب تشوّه الجسم وعلاجه

هذا الاضطراب يقود صاحبه إلى إجراء عمليات التجميل للتخلص من هذا العيب الذي يؤرقه، وقد لا يقتنع قط أنه قد تخلص منه مهما أجرى من عمليات جراحية ، لذلك لا يكون علاج هذا الاضطراب في إجراء عمليات التجميل وإنما يكون بعلاج الاضطراب ذاته من خلال العلاج السلوكي المعرفي أو ما يُحدده المُختصين من أدوية.

الأمر ليس ترفًا أبدًا، فوفقًا للأبحاث يبدو التفكير في الانتحار ومحاولات الانتحار والانتحار بالفعل أمرًا شائعًا لدى الأفراد المصابين باضطراب تشوه الجسم (BDD). تُشير الأدلة المتوفرة إلى أن ما يقرب من 80٪ من الأفراد المصابين باضطراب التشوه الجسمي يعانون من التفكير الانتحاري مدى الحياة و24٪ – 28٪ حاولوا الانتحار.


عمليات تجميل الأنف

“لا أرى غير أنفي، هذا العيب يقودني للجنون، يُخبرونني أنني جميلة، وأن أنفي مُتناسبة ومُتناغمة مع شكل وملامح وجهي، لكني لا أشعر بهذا، لا أحب أن أنظر لنفسي في المرأة، وسأجري هذه الجراحة مهما كلفني الأمر”، هكذا تقول “مي” (اسم مُستعار) فتاة عشرينية من الطبقة الوسطى.

“مي” فتاة جميلة شكلًا إلى حد بعيد، لا تستطيع عندما تنظر إليها أن ترى ما تراه هي في نفسها. ترددت “مي” كثيرًا على عيادات التجميل التي تُجري جراحات تجميل الأنف، لتصل إلى أكثر سعر يُناسب إمكانياتها المادية، ورغم مُعارضة والدتها وصديقاتها لما تريد أن تفعله فإنها تُصر على رغبتها، وتُعلل ذلك قائلة: “لا أحد ينظر بعيني، وأنا لا أقترض عيني أحد لأنظر بهما إلى نفسي في المرآة فأرى نفسي بعيني الرضا مثلما يرونني، لن أمكث في هذا الجحيم، أنا لا أطيق تثبيت عيني في عين أحد يُحدثني خوفًا أن يلحظ سوء شكل أنفي، ولا أرفع رأسي من الأرض أثناء سيري في الشارع للسبب ذاته”.

هل يحدث إدمان لعمليات التجميل؟

هل تتخيلين أن الرغبة في إجراء عمليات التجميل قد تصل إلى حد الإدمان؟ إذا لم تتخيلي هذا، فيجب أن تعرفي هنا أن الرغبة الدائمة والمستمرة في إجراء عمليات التجميل تم تصنيفها ضمن الإدمان السلوكي. إدمان الجراحات التجميلية هو اضطراب سلوكي يجعل الشخص يرغب في تغيير مظهره باستمرار، من خلال الخضوع لجراحة تجميلية. قد يتسبب هذا الاضطراب في إنفاق شخص ما لعشرات الآلاف من الجنيهات على عمليات متعددة، وكلها قد لا تجعله في النهاية يشعر بالسعادة أو الرضا عن مظهره.

غالبًا ما تنشأ الرغبة في الجراحة التجميلية من الشعور بعدم الرضا الذي يشعر به الناس حيال مظهرهم. هذا شعور طبيعي يمر به الجميع من حين لآخر. ومع ذلك عندما يصبح الشعور بعدم الرضا هذا هوسًا وتصبح الجراحة التجميلية محور حياة الشخص، فهنا يصبح الأمر مشكلة خطيرة.

كما هي الحال مع أي إدمان، يبدأ إدمان الجراحات التجميلية بتجربة أولية إيجابية. فيشعر شخص ما يعاني من انعدام الرضا المنهك بشعور أفضل بشأن مظهره بعد أول عملية له، لكنه لا يتوقف عند هذه النقطة، بل يقرر أن لديه عيبًا آخر ويجب تصحيحه. بمجرد أن تصبح الجراحة التجميلية هي الحل للتصوّر السلبي للذات، سيقوم بعض الأشخاص بأكبر عدد ممكن من الجراحات. حتى أن بعض مدمني الجراحات التجميلية يحاولون تعديل أنفسهم ليُشبهون شخصًا آخر، مثل المشاهير الذين يحبونهم.

قد يبدأ الشخص في هيكلة حياته حول العمليات القادمة والبدء في الاعتماد على الجراحات التجميلية كمصدر لتقديره لذاته. بمجرد أن يكون لدى شخص ما هذه العقلية الخطرة، قد يصاب بالإدمان ولن يكون قادرًا على التوقف عن إجراء العمليات الجراحية.

جراحات التجميل المُنتشرة في مصر

جراحات تكبير الثدي وجراحات شفط الدهون، وعمليات تجميل الأنف، وتعتبر هذه العملية من عمليات التجميل المطلوبة بشدة لكل من النساء والرجال. كذلك جراحات تكبير وتجميل الشفتين كعلامة من علامات الأنوثة وأيضًا إزالة الترهلات والتجاعيد خصوصًا بعد الحمل أو مع تقدم العمر وتنتشر بشدة عمليات إزالة الشعر بالليزر.

كما ظهرت مؤخرًا جراحات تجميل المهبل وهي أحد الإجراءات التجميلية التي تهدف إلى تحسين شكل المهبل بسبب التغييرات التي تحدث له بعد الولادات الطبيعية المتكررة أو بسبب بعض الأمراض أو زيادة وخسارة الوزن أو بسبب التقدم في السن وانقطاع الطمث وانخفاض نسبة هرمون الأنوثة الإستروجين.

مخاطر عمليات التجميل

تهدف الجراحات التجميلية عادةً إلى تعزيز وتحسين بعض سمات الجسم. لذلك، فإن الغرض من الجراحة التجميلية هو جعل الشخص يشعر بمزيد من الجاذبية والثقة. بالمعنى الطبي، فإن معظم عمليات التجميل ليست ضرورية، على الرغم من وجود فوائد طبية لبعض هذه الإجراءات، مثل تجميل الأنف وإصلاح الحنك المشقوق (الشفة الأرنبية). قد تؤدي إحدى عمليات الجراحات التجميلية إلى نتيجة إيجابية، لكن العمليات المتعددة قد يكون لها عواقب غير مقصودة. تتضمن بعض مخاطر الجراحة التجميلية ما يلي:

  • جلطات الدم
  • التندب
  • الكدمات
  • التورم
  • استنزاف العضلات
  • النزيف الشديد
  • تلف العصب
  • موت الأنسجة
  • الالتهابات بما في ذلك الالتهاب الرئوي.
  • مخاطر التخدير والتي تشمل: الصدمة، والفشل التنفسي، وردود الفعل التحسسية، والسكتة القلبية.

يندم الكثير من الأشخاص الذين خضعوا للجراحة التجميلية لاحقًا لأنهم غير راضين عن الصورة التي أصبحوا عليها. في بعض حالات الإدمان، يخضع الأشخاص لمزيد من العمليات لتصحيح الحالات السابقة. وفي بعض الأحيان تؤدي العمليات المتعددة، حتى عند إجرائها بشكل صحيح، إلى مظهر عام غير طبيعي وغريب.

المقالة السابقةi’m thinking of ending things: أين نذهب إن خذلنا الخيال
المقالة القادمةعندما قالت لي ابنتي لا
نيرة الشريف
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا