طوال الوقت أشعر أنني عبارة عن خيبة أمل كبيرة، أداري هذا الشعور أحيانًا، لا أدعه يظهر على السطح، أتعامل كشخص قوي وواثق وعنيد، ولكن من داخلي أشعر أنني خيبة أمل للجميع، لم أستطع أبدًا أن أحقق لأحد ما يتمنى أن يراني عليه، لا يفتخر أحد بي، ولم أحظ قط بنظرة رضا.
أبي
أنا خيبة أمل لأبي، الذي كان دائمًا يريدني قدوة لإخوتي الأصغر، فلم أستطع. كان دائمًا ما يقارنني بالآخرين، كيف فعلوا ما فعلوه وأن عليّ أن أخطو خطاهم. ورغم أننا تلاقينا جميعًا في نفس النقطة بالنهاية، فإنني لم أحظ ولو بربع الإطراء والفخر الذي غمرهم به، لأذوب تمامًا في الشعور بخيبة الأمل.
أمي
أنا خيبة أمل لأمي، التي لا ترضى أبدًا عن أي اختيار من اختياراتي في الحياة. كل شيء لا يعجبها، بداية من أصدقائي إلى كتاباتي إلى مشاعري وملابسي وطريقة أكلي. كل خطوة أخطوها في الحياة هي بمثابة الغوص في بحر خيبة الأمل الذي تشعرني به أمي، وكأنها لم ترد أن تلدني لأصبح من أنا عليه.
إخوتي
أنا خيبة أمل لإخوتي، فأصرخ فيهم طوال الوقت ولا أكتفي بفشلي كقدوة، بل أشعر طوال الوقت أنني أضغط عليهم بسخريتي ولساني اللاذع. لا أستطيع أن أخبرهم أني آسفة بالفعل لكل تصرفاتي المسيئة، وأن كل ما في الأمر هو أنني لا أشعر أبدًا أنني كافية، لا أفتح قلبي لهم، وأضع بيننا أسوارًا عالية، فلا يفهمون لماذا أستحوذ وحدي على غرابة العالم!
خيبة أمل لزوجي
زوجي الذي كان يتوقع أن يتزوج امرأة تتفهم مشكلاته وتحتويها، وتشعره أنه أمانها، ففعلت العكس تمامًا وغرقت وأغرقته في مشكلاتي الشخصية. أخطأ مرات وتوقع مسامحتي التي لم أقدمها له. لُمته لسنوات، ثم تعاملت معه وكأنه العدم، أهملت وجوده تمامًا ولم أستطع أن أغفر، وأخبره دائمًا أنني لا أشعر بالأمان معه، لأهد كل أمل باقٍ لديه في الإصلاح.
ابنتي
أنا خيبة أمل لابنتي بوزني الزائد وإرهاقي الدائم، فلا أستطيع اللعب معها ولا أقدر على مجاراتها. أرهقها بعصبيتي وعدم قدرتي على التحمل، أصرخ في وجهها أن تتركني وشأني، فتخبرني أني شخص سيئ وأنها لا تحبني. تخبرني كثيرًا أنني تسببت في غضبها، وتتساءل كثيرًا لماذا لا أستطيع أن أعطيها أخًا أو أختًا مثل أصدقائها. أتساءل بيني وبين نفسي: ما مقدار الفشل الذي يستلزمه المرء كي يخيب أمل طفلة صغيرة؟!
أصدقائي
أنا خيبة أمل لأصدقائي، فلا أكون السند وقت الشدة. تهرب مني كلمات المواساة، أعلَق وسط التزاماتي المتعددة، ولا أستطيع إظهار الحب بالأفعال ولا حتى بالكلام، لا أستطيع دائمًا أن أكون يد العون التي تمتد إليهم. أقول أمورًا وأعود لأندم عليها. أقطع علاقتي ببعض الأصدقاء فجأة ودون تمهيد. أسبب شعورًا كبير بالإزعاج لدى من لا يزال صديقي.
مدرائي
أنا خيبة أمل لمدرائي، فأقرح أفكارًا رائعة بلا تنفيذ، وأعد بمقالات لا أكتبها. أضع تواريخ لا أتذكرها. ألحظ كل نبرة اتهام أو تنبيه أو تأنيب، حتى وإن لم تكن موجهة إليّ، أسقطها على نفسي وأتهمها بالفشل والتقصير. أشعر أنني مجرد كتلة متحركة من الإزعاج والإحباط والفشل. أقرر الابتعاد وعدم اقتراح المزيد من الأفكار، حتى لا أسبب المزيد من خيبات الأمل. أتمنى أن ينساني الجميع فلا أزعج أحدًا.
الأطباء
أنا خيبة أمل للأطباء من الاقسام المختلفة. أشتري أدوية لا أتناولها بانتظام. أسكت على الألم شهورًا وسنوات، حتى أقرر في النهاية زيارة الطبيب. يسألني عن تفاصيل المرض فلا أجِبه لأنني نسيت. تسألني طبيبة الأطفال عن بداية ظهور الأعراض على ابنتي، فأحاول التذكر جاهدة دون جدوى. ألمح نظرة يأس في أعينهم، وأنهم كانوا بالتأكيد يتمنون مريضًا/ أمًا أفضل مني.
خيبة أمل لخيبة الأمل
أنا خيبة أمل حتى لخيبة الأمل، لأنني أحيانًا نادرة أشعر بالتفاؤل، وبأني شخص محبوب ويجب احترامه وتقديره، بل والافتخار به. خيبة أمل لمضادات الاكتئاب، لأن نوبات الاكتئاب تأتيني بالرغم منها. ولطبيبتي النفسية لعدم استطاعتي المتابعة معها لأكثر من ذلك. أفكاري الانتحارية التي لم أنفّذها. الثورة التي تركتها قبل الجميع. الملابس الجميلة التي لا أستطيع ارتداءها. منتجات التجميل والترطيب التي لا أهتم باستخدامها. الكتب التي بدأتها ولم أكملها. الصور التي لم أطبعها، الذكريات التي لم أسجّلها. العطور التي لا أستخدمها. الدفاتر الفارغة ولم أكتب بها. كل المشاوير التي لم أكملها. كل خططي التي كنت أنوي تحقيقها ولم أجرؤ، وأحلامي التي هوّنت عليّ الكثير فخنتها.
الحمد لله انك لم تنفذي افكارك الانتحارية هذا وحده انجاز.
ااستعيذي بالله من هذه الافكار.