ودّع صاحبك العبء

575

 

بقلم/ سمر علي

 

بمجرد قراءتك للعنوان قد يتبادر إلى ذهنك أن الكلمة الأخيرة به “شتيمة” ولكن للأسف اعتقادك خاطئ، ومع ذلك إذا كان صديقك تنطبق عليه هذه “الشتيمة”.. فودعه هو الآخر.

 

الصاحب العبء موجود في حياتنا كلنا، وله أكثر من نوع، مثل الديدان تمامًا، وقد تتعرف إليه عن طريق الدراسة أو العمل، أو قد يكون صديق الطفولة الذي اعتدت على وجوده في حياتك دون أن تنتبه أنه عبء.

 

وكلمة العِبْءُ في اللغة العربية معناها الثقيل، الذي يشعرك بالضيق والهموم والحِمل، مثل تلك الديون المتراكمة التي لم تستطع سدادها، أو مديرك المتعجرف الذي يمارس عليك الضغوط بكل أشكالها، أو حتى تحملك ظروف المعيشة في مصر، ومع ذلك فكل هذه الأعباء يمكنك تحملها، ولكن ما لن تستطيع التعامل معه هو الصاحب العبء.

 

بالتأكيد تتزايد ضربات قلبك وتشعر بالاختناق ويرتفع ضغط دمك وتتزايد حيرتك عندما ترى رقم صاحبك العبء على موبايلك وكأنه “عفريت العلبة”، أو حتى مجرد رؤية رسالة منه على فيسبوك أو واتس آب أو غيره، وإذا قابلته وأنت غير مستعد نفسيًا للقائه تتمنى أن “تنشق الأرض وتبلعك”، ولا تعلم ماذا عليك أن تفعل، ولكن أقدم لك الإجابة بكل بساطة: ودّعه بدون أي كلمة، تخلص منه تمامًا وأبعده عن حياتك واعتبره لم يولد بعد، إلى أن يأتي الوقت الذي يتغير فيه ويصبح بالشكل الذي تحبه أنت، ولا تتكلف حتى بإعطائه وداعًا لائقًا ولا تقلق عليه أو تأخذك به شفقة، فبالتأكيد هذا النوع سيجد له آخرون يلقي عليهم أعباءه دون اكتراث، فقط اتبع نصيحة الأستاذة رضوى الشربيني واعمله “بلوق بلوق بلوق”.

 

ورغم أنواعه الكثيرة، فإن الشائع منها هو ذلك التطفل المتسلط الذي لا يلجأ إليك إلا لـ”مصلحة”، ولا شك أن مساعدة الآخرين شيء رائع وإيجابي، ولكن لا يجب أن تكون العلاقة بين الأصدقاء قاصرة على المصلحة فقط، فهذا النوع ثقيل جدًا على القلب لا يختلف عن “صينية المكرونة بالبشاميل” إلا في شيء واحد، وهو أننا نعشق الأخيرة.

 

أما النوع الثاني من الصاحب العبء فهو من أتباع نظرية “هو أنا لو مسألتش إنت متسألش؟”، وفي الحقيقة لا أفهم ما الأزمة في ذلك، فالصداقة الحقيقية ليست بمن يسأل أولاً، فهذا لن يضيف لك شيئًا ولن يتم تنصيبك زعيمًا للأمة لأنك فقط تسأل أولاً، ولكن هذا النوع اعتاد على أن يكون شكّاء بكّاء لوّام، فودعه قبل أن يقول لك “أصل الاهتمام مبيتطلبش”.

 

ولا تقتصر أشكال الصاحب العبء على ما سبق، ولكن هناك نوع آخر أشبه بـ”الحرباية”، متخفٍّ ومتلوِّن دائمًا، يقابلك بابتسامة و”يلسعك بكرباج” بمجرد أن تدير له ظهرك، ورغم صعوبة اكتشاف هذا النوع إلا أن هناك طريقة لذلك، فإذا كان يتحدث معك عن الآخرين بسوء وفي نفس الوقت يرسم لهم ابتسامة الأستاذ فتحي عبد الوهاب عند مقابلتهم، فهو بالتأكيد يفعل نفس الشيء معك.

 

ومن مملكة الحيوان أيضًا يمكنك أن تجد الصاحب العبء الشبيه بـ”الثعبان”، يرغب في امتصاص كل أخبارك، التافهة قبل المهمة، دون أن تقدر على استخلاص كلمة واحدة منه عن حياته الشخصية، وإذا نجحت في ذلك عليك رفع علامة النصر لأنه شيء أشبه بالمستحيل، وهو نفس النوع الذي سيخبرك أيضًا بأنه أكثر معاناة منك دائما، فهو يشعر بالحزن أكثر منك ويصيبه الاكتئاب 24 ساعة في اليوم وحياته تشبه الجحيم، وكأنه “الكلبة لايكا” التي صعدت إلى القمر أو “ماني” الذي ظل يصارع للبقاء على قيد الحياة في فيلم Swiss Army Man.

 

وأضف إلى قائمة معلوماتك عن الصاحب العبء ذلك الذي سيشعرك بأنك الشخص الأكثر تعاسة على سطح الكرة الأرضية، وتكاد تتساقط دموع التماسيح من عينيه عندما تتحدث له، بينما يقضي هو كل حياته بالفردوس الأعلى تأنسه الملائكة وحور العين، وينظر إليك وكأنك آدم الذي طرد من الجنة، ابتعد عن هذا النوع فورًا ولا تقل له وداعًا، دعه يعيش في ملكوته الزائف أو حتى الحقيقي، لا تشغل بالك به و”ارميه من دماغك”.

 

قد تكون قابلت أنواعًا أخرى غير السابقة، فعليك تقييم وضعك الحالي واتخاذ قرار فوري ونهائي بحذف صاحبك العبء من حياتك، وإذا لم تقابل من قبل الصاحب العبء، “مع إنه أكيد موجود”، فأنت محظوظ للغاية!

 

الصاحب العبء موجود في حياتنا وله أكثر من نوع

 

المقالة السابقةكان جميلاً.. وكان حلمي أن ألقاه
المقالة القادمةتعرفي على فوائد المزلق الحميمي وأضراره
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا