فرصة تانية في الأمومة

634

بقلم/ مها متولي

أمومتي الأولى كانت مليئة بالمخاوف ولوم الذات، بالرغم من أني طوال حملي الأول كان لديَّ اشتياق لرؤية صغيري، كنت أحسب الأيام والأسابيع والشهور لتمر فترة الحمل وأحتضنه بين ذراعي، ولكن بعد مرور الأشهر التسعة وجدتني أبحث داخلي عن إحساس الأمومة، ذلك الحب الغريزي الذي يولد مع الأنثى، لكني لم أجد داخلي سوى الخوف والقلق، واعتبرت أن هذين الإحساسين من مرادفات الأمومة.

 

كنت أحمم طفلي بيدين مرتعشتين ورأس لا يفكر سوى في سقوطه أو انزلاقه من بين يدي.. أرضعه من ثديي وأنا خائفة من أن يكون لبن ثديي غير مشبع أو مفيد له.. وكلما مرت الشهور كبر الخوف. خفت عند إتمام شهره السادس ولم تكن لديه أسنان، ولُمت نفسي واتهمتها بالتقصير “أنا أكيد السبب.. لبني مكانش فيه كالسيوم كفاية”.

 

لُمت نفسي عندما بلغ عامه الأول ولم يكن يخطو سوى خطوات قليلة، كنت ألوم نفسي إذا رغبت في التنزُّه قليلاً بمفردي وبدونه، وألوم نفسي إذا تنزهت خِلسة مع زوجي بدونه. عندما اقتنيت سيارتي أصبحت أخاف قيادتها وهو معي، وربما إلى الآن لا أزال خائفة.

 

أما الآن بعد أن أوشك على إتمام عامه الرابع وأصبح لديه أخ لم يكمل شهره الأول، فقد تعبَتْ نفسي من لومي لها، وقررت أن أعطيها فرصة ثانية للاستمتاع بالأمومة، فأنا الآن أحمم رضيعي بهدوء دون التفكير في سقوطه، أحممه وأنا أغني له وألمس بشرته الناعمة، وأبتسم لابني الأكبر وهو يساعدني بسكب الماء ويقذفني ببعض منه، وقد صار موعد الاستحمام اليومي وقتًا للعب والغناء وليس التوتر والخوف. أستمتع بغفوة الرضيع بين يدي وأخوه واضعًا رأسه على رجلي ومستلقيًا.

 

أنظر إليهما بكل الحب وأدعو الله أن يمنحني القوة لأكمل مسيرتي معهما، حتي ساعات الليل الطويلة والسهر أصبحتُ أستغلها في الكتابة أو سماع الموسيقى أو القرآن، لأجد فيها نوعًا من الاستمتاع. أفكر في الأيام والشهور القادمة أني سأحاول الاستمتاع بطفلي من جديد، سأستمتع بأوقات الحبو ولن أتجعَّل المشي، وسأستمتع بأوقات المشي ولن أتجعل الركض. سأستمتع بأيامي البطيئة في محاولة مني لجعلها تمر، سأستمتع بكل لحظة عناق من أياديهما الصغيرة، سأستمتع بلحظات اللعب والجنون معهما.

 

سأستمتع بتلك المناوشات اليومية بين طفلي ورضيعي في محاولات منه لحمله، سأستمتع برغبة ابني في مساعدتي في تغيير الحفاض لأخيه، سأحاول أن ألقي مخاوفي وهواجسي بعيدًا، وسأعطي لنفسي فرصة ثانية للاستمتاع بأمومتي أو ربما لأستعيد طفولتي معهما.

 

اعتبرت الخوف والقلق مرادفين للأمومة

 

المقالة السابقةإيمان عبد العاطي.. شبيهتي التي أوجعتني
المقالة القادمةموضة خريف 2017 لأناقتك بالحجاب في الجامعة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا