لا أحد يستطيع أن يُنكر -خصوصًا إذا كان طرفًا في علاقة عاطفية- أنه لم يُفكر ولو قليلاً فيما سيحدث في ليلة العُمر، أو ليلة الدُخلة وفقًا للتعبير الدارج، لا عن وقاحة ولكن لأن الجنس غريزة طبيعية بداخلنا جميعًا، منحها لنا الله لتصبح أحد مصادر سعادتنا وراحتنا النفسية، لا لأن نتبرأ منها وندّعي أنها تتذيل آخر قائمة أولوياتنا.
تلك الليلة التي -وفقًا لتعاليم ديننا ومجتمعاتنا الشرقية- هي الليلة الأولى لممارسة علاقة حميمة لكلا الطرفين، لذا بين التوقعات الكثيرة الناجمة عن الحُب، الأفلام، وحكايات الأصدقاء، والمُعتقدات التي توارثناها وسمعنا عنها تأتي المعلومات مُشوّشة، والتجربة مُقلقة، ما يؤدي إلى بعض الضغوط التي تعمل كعائق عن الشعور بالمُتعة أو الاسترخاء.
تعرفي على: المزلق الحميمي: ما فوائد المزلق وأضراره وطريقة استخدامه
ذلك بالإضافة لمأساة افتقار الكثير من الأزواج للثقافة الجنسية، مُنتظرين التعلُّم من التجربة، على الرغم من الأهمية البالغة للتثقُّف قبل الزواج، فيما يخص كل تفاصيل العلاقة الجنسية الصحيحة، من أوضاع هي الأنسب والأقل ألمًا في المرات الأولى، الطُرق المثالية لتهيئة الأنثى وطمأنتها قبل بداية العلاقة، أنواع أغشية البكارة، شكل الأجهزة التناسلية للطرفين.
وتفاصيل أخرى كثيرة يجب أن يعرفها الرجل والمرأة على حَدٍ سواء. فالمرأة ليست مفعولاً بها كما قد يُوحي لها الكثيرون، بل هي أحد أطراف العلاقة التي يحق لها الاستمتاع.
***
1- “كنت عارفه إن الموضوع بيوجع بس طِلع الوجع أكتر مما تخيلت، ولو واحدة سألتني هقولها بلاش علاقة حميمة أول يوم وقضوها ليلة رومانسية”.
2- “مفيش رومانسية في الحكاية، لأنك بمجرد ما تدخلي في الموضوع بتلاقي نفسك فصلتي ومركزة في اللي هيحصل. فلو فيه رومانسية هيبقى قبل وبعد، إنما لحظة الوجع نفسها مفيهاش أي رومانسيات.. مش زي الأفلام خالص”.
من المؤسف أن تكون الصورة الذهنية المُرتبطة لكثير من البنات بليلة الزفاف مليئة بهواجس عن الوجع والدم، بل ورُبما الشعور بالانتهاك. وهو ما يترتب عليه خوفٌ بالغٌ من تلك الليلة، ما قد يتسبب لها فعليًا في المرور بما توجست منه.
فرغم أن العلاقة الحميمة تعتمد على الحواس والرغبة والعاطفة بشكلٍ كبير، لكن العقل يلعب فيها دورًا مؤثرًا، لذا من الوارد أن تُسفِر التجربة عن نتائج مؤسفة إذا ما سيطرت علينا أفكار سلبية، تؤدي بدورها إلى الفشل والخذلان.
إذ أن التوتر هو عدو الجنس الأول، والعملية الجنسية بكل ما فيها من تفاصيل بيولوجية لكنها تعتمد كذلك على الجانب النفسي، لذا يمكن للقلق أن يجعل الأمر مأساويًا، أو على الأقل غير مُرضي بما يكفي، لذا عليكم محاولة الاسترخاء من خلال تهيئة أنفسكم للأمر قبل حدوثه.
***
3- “أنا مكنتش خايفة ولا قلقانة خالص، ولو واحدة سألتني هقولها الموضوع بسيط وسهل مش زي ما في خيال الناس والأفلام الهندي المنتشرة”.
4- “معلوماتي إني هتوجع بس مش أوي، مكنتش متوقعة حاجة ولا كنت خايفة، لأني عارفة إن مش هيتغصب عليّ. بس أكتر حاجة كانت مسيطرة عليّ لحظتها إن الموضوع غريب جدًا، وإن إزاااااي فيه ناس بتتجوز وهم مش متعودين على بعض”.
فَض غشاء البكارة -وعلى عكس الشائع- ليس بالضرورة يصحبه ألم أو نزيف، وإن حدث ذلك فالألم عادةً ما يكون مُحتملاً والنزيف بضع قطرات، أما عن الوجع فيختلف باختلاف طبيعة جسد كل أنثى ومدى انسجامها وتهيئتها للعلاقة.
ويُفضَّل أن يحدث الفَضّ بعد التمهيد الكافي ودون اللجوء للعنف، حتى لا تتحوَّل العملية في ذهن العروس لاعتداء مُهين، فالأمر -شئنا أم أبينا- هو شيء غريب على الأنثى، ويحتاج لحدوثه بطريقة سلسة مزيجًا من التفهم والطمأنة مع الكثير من المُداعبات سواء اللفظية أو الحسية.
***
5- “مكنتش قلقانة خالص من فكرة الوجع، قلقي كان من فكرة التغيير، بيت جديد وشخص علاقتي بيه مهما كانت قوية بس هتاخد شكل مختلف. واللي لقيته إن الموضوع كان فيه شوية تعب بس لو الست مبسوطة ومرتاحة نفسيًا الوجع بيعدي. وبشكل عام الموضوع أوفر ريتيد”.
6- “ليّ زميلة في الشغل مصرية من أم إيطالية، والدتها كانت دايمًا تقولها طالما فيه حُب الموضوع هيبقي حلو ومفيهوش وجع”.
مُخطئ من يظن أن التوقعات تتعلق بالألم وكفى، بل هناك كذلك الشِق الرومانسي، ذلك الذي نُشاهده في الأفلام فنحلم أن نحظى بتجربة فريدة ودافئة كما شاهدنا مِرارًا. ما يجعل التفاعل العاطفي بين الزوجين -بالنسبة لمعظم النساء- هو المُنتَظَر وأهم ما قد يحدث بالليلة الأولى.
فالألم حتى إن حدث مع الوقت لن يُمكن تذكر حِدَّته، كل ما سيتم تذكره أنه كان موجودًا، أما التفاصيل البسيطة الحميمة هي ما ستعلَق بالذاكرة، لتصبح ليلة كتلك هي الأبقى والأصدق. لذا من المُهم -إذا كانت حدود العلاقة قبل الزواج تسمح- الحديث مع الطرف الآخر عن أمنياته وتصوراته لهذا الجزء الخاص من العلاقة، إذ أن ذلك يُساعد كثيرًا في وضع صورة أولية للأمر، والأهم كَسر حاجز الخجل.
7- “توقعاتي كانت إن الموضوع هيبقى رومانسي وإني هكون ميتة من الكسوف، وهيبقى الألم خفيف. أما الواقع فالموضوع طلع فعلاً رومانسي، مكنتش مكسوفة أوي كده، الألم كان شنيع مش خفيف”.
8- “المعلومات كانت ما بين ده شيء صعب أوي أو ده سهل أوي، وأنا مكانش عندي مخاوف بصراحة، بس كنت مستغربة إزاي العملية هتتم. والحقيقة الموضوع طلع أصعب مما تخيلت، أو يمكن محتاج مجهود أكتر من اللى كُنت متوقعاه. ولو هنصح حد هقوله خليك هادي، الموضوع مش بيخلص في يوم، ويا ريت تفصل حياتك الجنسية عن استمتاعك بأول الجواز”.
المرة الأولى ليست بالضرورة هي الأفضل أو الأسوأ، إذ أن العلاقة الحميمة أحد الأشياء التي تزداد جمالاً مع الوقت والتعوّد على شريك الحياة ومعرفة ما يُحب أو يكره. لذا على كلا الطرفين أن يُحاولا تسهيل الأمر على بعضيهما، حتى أنه يُنصح باللجوء في المرة الأولى للمُساعدات الخارجية، كاستخدام المُرطبات لضمان علاقة غير مؤلمة نسبيًا.
وفي أسوأ الفروض في حال فشلت المحاولات في الليلة الأولى فلا مشكلة إطلاقًا من تأجيل كل شيء حتى تصبح الأنثى مؤهلة نفسيًا بشكل أكبر، أو أن يتم أخذ الأمر تدريجيًا على عدة أيام، فالاستعجال لا طائل من ورائه، والحياة لن تنتهي بعد تلك الليلة.
***
وفي النهاية الجنس ليس حربًا ينتصر فيها طرفٌ على الآخر، بل هو أحد الطُرق القليلة جدًا والمُتاحة للوصول لعتبات الاستمتاع القُصوى، كما أنه وسيلة مثالية لتعبير الزوجين عن حُب كل منهما للآخر بكل ما فيهما جسدًا وروحًا.
لذا كونوا حريصين على ألا تتركوا أنفسكم تحت سطوة الأفكار المغلوطة أو تجارب الآخرين المُسبقة، فلكل شخص نُسخته الخاصة من الحكاية، حتى وإن تشابهت في بعض التفاصيل مع الحكايات الأخرى، لا تنسوا أبدًا: آفة العلاقات المُقارنات.
* من 1-8 فقرات من استبيان أجرته كاتبة المقال مع زوجات صغيرات حول توقعاتهن المُسبقة لليلة الزفاف مُقابل ما حدث لهن فعليًا، بالإضافة لنصائح بعضهن لزوجات المُستقبل.
المصادر: الدكتور/ عفت الصيرفى استشارى طب النساء والتوليد.
وأيضاً:Sexology