بقلم/ فاطمة عادل
تشكل فكرة محاولة أن تظلا صديقين بعد الانفصال محاولة مؤثرة لتكريم أفضل جوانب العلاقة، التي استثمرتم فيها كل ما تملكون، فالاعتقاد السائد هو: لا يستطيع اثنان من العشاق أن يختفيا من حياة بعضهما بعد العشرة وكل هذه المشاعر.
لنتخيل أنك ستنفصل عن “س” من الناس:
بالنسبة لـ”س” فإن الوعد بالصداقة يمكن أن يشعره بالاطمئنان العاطفي، فـ”س” يعرف أنه بعد الآن لن يشاركك سريرك أو إنجاب أطفال معك أو التغزل بك، ولكن على الأقل يمكنه أن يستمر في الاتصال بك على أساس أنكما صديقان، وسيتسنى له إمضاء بعض الوقت معك كصديق.
أما بالنسبة لك (أنت من قرر الانفصال)، فإن الوعد بالصداقة يتسم بنفس القدر من الجاذبية. قد تكون متلهفًا لإخراج شريكك من قلبك، ولكنك لست عديم الشعور، فأنت تُكِن كل المحبة له ولعشرته، ولا تريد إنهاء علاقتك للأبد معه، ناهيك بأنك لا تريد إلغاء جميع احتمالات إشباع فراغك العاطفي به.
علاوة على ذلك، أنت تؤمن بشدة أنك لست وحشًا تقصد إيذاء الآخرين، لذا تريد من حبيبك السابق أن يظل صديقك. قد تبدو حججك أنت و”س” في البقاء صديقين حكيمة جدًا، لكنها من قريب واهية بشدة وكارثية لكلا الطرفين.
بالنسبة للشخص (من تم الانفصال عنه)، فإن الخطوة من عاشق إلى صديق عبارة عن إهانة أبدية. الانتقال من فكرة شريك الحياة إلى “عشاء كل فترة وفترة” هو صفعة على الوجه. الأسوأ من ذلك، أن كل رؤية للحبيب السابق ضمان لإعادة إشعال الأمل والإهانة في آن واحد.
أنت بذلك لا تكسب صديقًا (أيها المتروك العاشق الولهان) أنت بذلك تكسب جلّادًا يسحق قلبك كلما رأيته أو كلَّمته. أما إن كنت أنت من قرر الانفصال ثم البقاء صديقين، فإن الحبيب السابق (صديقك الآن) هو تذكير دائم بالذنب الذي ارتكبته في حقهم ولا يمكنك أن تكون معه لطيفًا خشية أن يساء فهمك.
في كل الأحوال، لا تعتبر الصداقة بعد الحب وفاءًا للعلاقة. الصداقة مع حبيب سابق تسيء إلى ذكريات العلاقة في أوجها، وتسيء أيضًا لمفهوم الصداقة (لا عجب عند الكثيرين منا مفهوم مشوَّه للصداقة بين الرجل والمرأة).
إنها في الحقيقة خيانة للمثل العليا للصداقة، والتي لا ينبغي بناؤها من بقايا حب. ما يجب أن نستبدل الحب به ليس الصداقة، ولكن تلك الحالة الأكثر نزاهة: المسافة المهذبة.
وهذا تأكيد حقيقي على أن العلاقة، في أفضل حالاتها وأكثرها ديمومة، ستظل دائمًا في مكان واحد بأمان.. الذاكرة.
خلاصة الكلام وبالعامية: أغبى شيء ممكن تعمله بعد الانفصال (سواء حضرتك من قررت، أو هم) هو البقاء “أصدقاء”.
خلينا صحاب أحسن!