أول ما بنسمع كلمة دفاع بييجي في بالنا إن فيه هجوم، خصوصًا لو إنت حد مهتم بالكرة أو بأي رياضة. بس الحقيقة إن المدافع الشاطر هو اللي مش بيستنى إن الهجمة تحصل. وده كان رأي د. إيمان عزت الأخصائية النفسية ومؤسسة حملة “حماية” لما عملت معاها حوار عن إزاي نعلم البنت الدفاع عن النفس.
“الحماية تشمل كل ما قبل العنف، لأن أول ما العنف يحصل، الحماية أو الدفاع هيبقى أقل”. فتؤمن دكتورة إيمان بأهمية الوقاية والتمكين للبنت عشان نقدر تحمي نفسها من إن العنف يحصل، ولإيقاف العنف من وهو لسة فكرة في دماغ المهاجم.
الدفاع عن النفس ضد التحرش
في رأي د. إيمان إن الدفاع عن النفس قائم على ثلاثة أعمدة: الشخصية، لغة الجسد، وتعليم ميكانيزمات للدفاع عن النفس إذا تطلب الأمر.
1. الشخصية
وده بيشمل الوعي وتطوير بعض الصفات والخصال اللي بتمكن البنت من الدفاع عن نفسها. الوعي يبدأ من الطفولة. فمثلاً وعي الطفل بإن فيه مكان معين مينفعش حد يلمسني فيه أو إن جسمي ده ربنا خلقني بيه كده ومش المفروض أتكسف منه. الوعي بيبقى عبارة عن بعض الحقائق على مستوى الإدراك، تشمل تغيير بعض المعتقدات الغلط اللي اتربينا عليها، زي إن البنت السمرا أقل جمالاً، أو إن فيه أماكن في جسمي عيب والمفروض أتكسف منها لو كِبِرت أو صغرت، فينتج عنها بعض الصفات زي الثقة بالنفس، والجرأة في مواجهة التحرش، لأني عارفة إني مش مسؤولة عنه ومش أنا السبب.
2. لغة الجسد
د. إيمان تؤمن إن المهاجم أو المعتدي يختار فريسته. وكأنه بيصطاد فعلاً. فيبحث عن بنت مستضعفة، وماشية مستكينة، وتانية ظهرها، وممكن باين عليها علامات الخوف كمان، عشان يتعرض لها.
وقالت جملة محورية قوي وهي: “الدفاع عن النفس يستلزم قدرة ولو ضئيلة على الهجوم“، فمثلاً أول ما تلاقيه بدأ يبص بصات مريبة وبيفكر يمد إيده أو يتتبعك، ممكن تعلي صوتك حتى لو محدش حواليكي، بس هو هيوصله فكرة إنك هتعرفي تدافعي عن نفسك لو تطاول عن كده.
3. ميكانيزمات الدفاع عن النفس
تؤمن د. إيمان بأهمية كورسات الدفاع عن النفس للبنات، لتعليم حركات بدنية تتمكن بها البنت أن تستخدم قوة الرجل ضده. وتتعلم حركات ممكن تضربه بيها فتشل حركته، سواء ضربة في عينه أو مناخيره أو في مكان حساس توجعه جامد مؤقتًا، فتاخد فرصة للهروب.
في هذا الفيديو 7 طرق يمكنك تعلمهم للدفاع عن النفس إذا تطلب الأمر. ولكن احذري في استخدامها، لأن بعض هذه الميكانيزمات قد تؤدي لأصابة شديدة، فلا تلجئي لها إلا لما تلاقي إن فيه خطر حقيقي بيقرب منك.
مسؤولية الدفاع عن الآخر
تحكي د. إيمان إنها كانت في يوم ماشية في مكان من اللي يسكن فيه كثير من السودانيين، واللي للأسف يواجهوا كثير من العنف في شوارعنا، من تنمر، وقذف الأطفال عليهم بالحجارة وغيره. فرأت د. إيمان بنت محاطة بمجموعة من الشباب المتنمرين بيسخروا من لون بشرتها ويقذفوا عليها حجارة. فاجأتني د. إيمان إنها طلبت من زوجها إيقاف السيارة ونزلت ودافعت عن البنت بأعلى صوتها في الشارع وأنقذتها من هذا الموقف الرديء.
“العنف محتاج اعتراض ومواجهة.. لو إنت أو إنتي شايفة حالة تحرش في الشارع أو عنف وتنمر. وفي إيديك تعمل حاجة أقف معاها متسيبهاش. لأن سكوتك على العنف معناه إنك موافق عليه” ده كان كلام د. إيمان تعقيبًا على الحادثة دي. مؤكدة إن ده أكيد له ثمن ممكن تدفعيه، من أول وقتك وإن ده ممكن يعطلك عن يومك شوية، إلى إن المهاجم ممكن يرد ردود سخيفة وغيره. “لكن المجتمعات اتغيرت بسبب ناس مؤثرة أو pioneers قرروا إنهم يدفعوا ثمن”.
الدفاع عن النفس ضد العنف المنزلي
أول مرة
في رأي د. إيمان إن أول مرة هي السر. لو أول مرة سكتت وكملت حياتي عادي بعمل أكل وبذاكر للأولاد عشان أحافظ على سلام البيت. فالرسالة اللي بتوصل إن ده عادي ينفع أتضرب، وآخرها هزعل شوية وأعيط شوية بس هكمل مهامي. لازم بعد أول مرة يحصل ضجة شديدة، ولو تكررت أبدأ أفكر فعلاً في رد فعل قوي، ويبقى الزوج عارف كده عشان يحس إن زوجته بجد قادرة تواجه.
تكرار المأساة
عادة اللي بيعطل الزوجة عن أخذ موقف هو خوفها على الأولاد. لكن د. إيمان من تعاملاتها الكثيرة مع الأطفال، ترى إن ده أخطر عليهم. لأن لو الأم مخدتش الأمان اللي هي محتاجاه، مش هتقدر تديه. فتقول: “أبناؤنا صفحات بيضاء بأيدينا نكتب عليها، فلماذا نتعجب عندما نقرأ ما كتبناه”. فالأولاد هيكبروا وهما خايفين، ويتجوزوا فيكونوا زي أهاليهم أو هيتجوزوا ويستبيحوا برضو الضرب والإهانة لزوجاتهم. وتتكرر المأساة.
القرار بيتاخد نفسيًا
تقول د. إيمان إن فيه بعض الرسائل الخفية اللي ممكن أوصل بيها رفضي لده، حتى من قبل ما العنف يحصل. زي نظراتي، ممكن تبقى فيها ندية وكأنها بتقول “مش من حقك تضربني” لأن إحنا شركاء وإحنا زي بعض في الكرامة، حتى لو اختلفت أدوارنا. فاللي بيخلي المُعنف يعمل كده، مش إنه مش بيعرف يسيطر على أعصابه، ولا إنك إنتي استفزتيه. لكن إنه في قرارة نفسه مقتنع إنه أعلى درجة من المرأة، وإن من حقه يتحكم فيها أو يضربها. وكذلك البنت، تنشأ على إنها أقل بطريقة ما، فمثلاً يٌقال لها كتير “ده أخوكي لازم تسمعي كلامه”، أو طلبات أخوها لازم تبقى مسددة وتكلميه باحترام. وإن كان الاحترام ده المفروض يكون متبادل مش من ناحيتها هي بس.
الحماية من العنف الاقتصادي
د. إيمان من أنصار إن “الست لازم تشتغل”، حتى وإن كان مش شغل بدوام كامل. فعلى الأقل يبقى دوام جزئي part time أو freelancing، سواء عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أو غيره. فاستقلالها ماديًا مهم. فكثير من السيدات بيكونوا عايزين يخرجوا من البيت، بس للأسف مش عندهم مكان ولا عندهم أي دخل يخليهم يحموا نفسهم. الاستقلال المادي، أو تحويش فلوس باسم الست لنفسها، من مرتبها أو غيره، مش معناه عدم الثقة في الشريك. لكنه مثل التأمين على السيارة أو التأمين على الحياة. ففي التأمين إنت تدفع مبالغ باهظة سنويًا، وإنت ممكن متستفدش أبدًا منهم، وتجديد التأمين كل سنة مش معناه إنك شخص متشائم مثلاً.
ضرب + سكوت = استمرار العنف
دي المعادلة الذهبية اللي استخلصناها في نهاية حوارنا. فاستمرار العنف هو نتيجة حتمية للسكوت عن العنف. سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى المجتمعي.
عن د. إيمان عزت
- أخصائي نفسي وتربوية.
- دكتوراه الفلسفة في التربية.
- مشير ومعالج نفسي.
- مؤسس حملة “حماية” لتوعية الطفل والأسرة ضد العنف.