علامات فقدان الثقة بالنفس، فقدان الثقة بالآخرين، علاج فقدان الثقة بالنفس

3787

– عماد.. مُتعافي expectations من 3 شهور.

– أهلًا عماد.

Expectations هي “التوقعات” بالعربية، والحوار السابق كان واحدًا من المنشورات الساخرة على فيسبوك، التي تسخر من التوقعات التي قد نبنيها عن أنفسنا أو عن الآخرين أو عن أحداث مُعينة. كثير من المُشاركات ينصح أصحابها الآخرين بالتنازل عن التوقعات، ألا يتوقعوا من أحد شيئًا، حتى لا يُخذلوا أو يتألموا، بينما تتركني هذه المُشاركات واقعة في حيرة عميقة وسؤال سمج لا يكف عن الظهور في كل مرة يتحدثون فيها عن التوقعات، وهو: علام نبني توقعاتنا هذه التي ينبغي علينا نسفها، لنحيا بأقصى قدر من الارتياح والسلام وهدوء البال؟

التعرض للخذلان هو أحد الأشكال القاسية التي قد تُغير شخصية البعض منّا، وقد تترك في صدر البعض الآخر الذي قرر ألا يتغير ألمًا لا يُستهان به

رُبما نبني توقعاتنا على العشم والثقة في الآخرين، ورُبما نبنيها على الشعور بالاستحقاق وبأننا سنُساق إلى الخير أو سيُساق الخير إلينا، وهو بدرجة ما يمكن ربطه بالثقة في أنفسنا أو بالثقة في يد إلهية رحيمة ستمد لنا يد المُساعدة. إذًا التوقعات مُرتبطة بدرجة أو بأخرى بالثقة، فهل من مصلحتنا حقًا نسفها؟ هل يجب نسف ثقتنا في ذواتنا أو في المحيطين بنا حتى لا نتعرض لمرارة الخذلان وألمه؟ هل يجب ألا نبني موقفًا تجاه أحد وننتظر فقط هل سيطعننا بسكين نافذ أم سيتورع عن هذا؟

فقدان الثقة مؤلم لكنه داعم لتجربتنا الإنسانية

لن يُمكننا الجدال، قطعًا نتألم عندما نخسر رهاننا على أحد أو على أنفسنا، رُبما التعرض للخذلان هو أحد الأشكال القاسية التي قد تُغير شخصية البعض منّا، وقد تترك في صدر البعض الآخر الذي قرر ألا يتغير ألمًا لا يُستهان به، لا يندمل ولا يُنسى.

فقدان الثقة بالحبيب

إحدى صديقاتي راهنت على حبها بكل ما ملكت من قوة، تخلت عن كل شيء في سبيل أن تبث الحياة في علاقتها بشريكها، ولكنها مع الوقت اكتشفت أنه لديه قائمة طويلة من الأولويات التي يُريدها أن تدعمه فيها، أما هي ففي نهاية هذه القائمة، أو ليست بها من الأساس، في الوقت الذي كانت توقعاتها تأخذها فيه إلى نقيض هذا تمامًا، كانت تفترض أنها مثلما وضعته قبل كل أولوياتها سيكون هو كذلك، وكانت صدمتها الكبرى عندما وجدت نفسها تقف بمفردها في كل المواقف الصعبة التي تخص حياتهما، وكانت هذه درجة كافية من الخذلان لكي تتغير شخصيتها، فلم تعد تُصدق مشاعرها في شيء، غدت تشك في كل ما تتعامل معه في حياتها، حتى أفكارها لم تعد تثق بها، لقد وثقت في مشاعرها وأفكارها من قبل فلم تجد سوى مرارة الهزيمة وكسرة الخذلان.

الخذلان ليس في قصص الحب فقط

ليست القصص العاطفية وتجارب الزواج هي وحدها التي قد نواجه خلالها كسر الثقة وخيانة التوقعات والخذلان. تقول الطبيبة النفسية سوزان فوروارد: “إن الطفل الذي أساء له أبواه لا يتوقف عن حبهما، بل يتوقف عن حب نفسه”.

فقدان الثقة في الآخرين

كسر الثقة من الأشخاص الذين يُفترض بهم أن يكونوا مصدر الأمان والسند هو تجربة مؤلمة، رُبما هو سجن السجين فيه هو الضحية الذي لا يستطيع الفكاك بسهولة من تجربته القاسية، ورُبما ظل رهينها لباقي عمره، إذا لم يستطع أن يجد لنفسه المخرج والعلاج، رجل في منتصف الأربعينيات من عمره، لا زال لم يستطع التخلص من بخل والده، كان بخل أبيه سببًا في فقدان ثقته به، لأنه كان يطلب منه أن يتناول غداءه لدى الأقارب من الخالات والعمات ليوفر ثمن وجبته، لم يستطع الطفل أن يغفر حرمانه من الرحلات المدرسية ومن أي وسيلة ترفيهية كأقرانه، ولم يستطع أن يمحو من ذاكرته ألم كرامته وهو يتطفل على بيوت أقاربه لتناول الطعام، ليس لأن والده فقير لكن لأنه بخيل، وهو ما جعل الأمر أصعب عليه في تقبله أو غفرانه أو محاولة التماس الأعذار له.

توفي الوالد وكبر الطفل، وأصبح في منتصف أربعينياته في الحياة، لكنه ظل حبيس الطفل المُتألم الذي عاشه، ظل يقص للمقربين والأصدقاء ولزوجته وحتى لأبنائه كيف عاش مع أب قاسٍ، استطاع أن يتقبل حرمانه وجرح كرامته لأنه يحب المال، وفي كل مرة يحكي لا يقلّ الألم، بل يزداد، كلما رأى نفسه بعين خياله طفلاً صغيرًا مكسورًا فاقد الثقة والمشاعر تجاه أقرب المُقربين له.

الخذلان خطوة في طريق النضج

خيانة الآخرين لتوقعاتنا وتعرضنا لفقدان الثقة فيهم هو جزء من تجربتنا الإنسانية التي نتعرض للألم خلالها لننضج ونتطور عقليًا ونفسيًا وروحيًا

خيانة الآخرين لتوقعاتنا وتعرضنا لفقدان الثقة فيهم هو شيء ليس بأيدينا على أي حال، هو جزء من تجربتنا الإنسانية التي نتعرض للألم خلالها لننضج ونتطور عقليًا ونفسيًا وروحيًا، رُبما يجعلنا الألم نتجه إلى السماء راغبين في تلك اليد الحانية التي تلملم ما تبعثر من شتات نفوسنا، ورُبما يجعلنا نتعرف على أنفسنا بشكل أعمق، ورُبما يفجر قدراتنا وقوتنا الذاتية لكي نعوض ما خسرنا ونقف على أرجلنا من جديد.

رُبما أيضًا يجعلنا نصل لدرجة من الحكمة تُمكننا من الوقوف بثقة بين عدم الإفراط في التوقع وإعطاء الآخرين حرية التحرك دون سجنهم في توقعاتنا الشخصية، الخاصة بنا على أي حال، وعدم الإفراط في اللا مبالاة، فعدم التوقع الذي قد يجعلنا نقف على مسافة واحدة جامدة من الآخرين، كل الآخرين مهما بلغت محبتهم.

فقدان الثقة بالنفس

قد يكون فقدان ثقتنا بأنفسنا من أكثر الأشياء التي تضرنا. فحينما نفقد ثقتنا بأنفسنا، نقبل ما لا يجوز قبوله، ونشعر بأننا لا نستحق شيئًا، ورُبما دفعنا هذا إلى فعل أسوأ ما لدينا من سلوكيات وتصرفات. ليس من قبيل المُبالغة إذا قلنا أن فقدان ثقتنا بأنفسنا من أكثر الأشياء التي لا تأتي بخير في أي وجه من وجوهها، لن تكون قادرًا على الحياة كما ينبغي، ولن تحقق ما تريد إذا فقدت ثقتك بنفسك.


ماذا يُمكننا أن نفعل تجاه فقدان الثقة في أنفسنا؟

وفقًا لموقع psychologytoday هناك بعض النصائح المباشرة للتعامل مع تقلبات الثقة بالنفس، ومنها:

1. معرفة أن المشاعر القوية ليست عدوك

عندما تشعر بفقدان الثقة، حاول أن تعرف ما إذا كان إنذارًا كاذبًا بالكامل، أو إنذارًا حقيقيًا أو مبررًا، أو مزيجًا بينهما، فمثلاً إذا كنت تتقدم وتغامر في تحمل المخاطر ثم تفقد الثقة فجأة، فقد تكون هذه علامة على أنه يجب عليك الإبطاء أو إجراء تعديل بسيط في سلوكك.

تُعدّ مشاعرنا جزءًا من نظام التحذير المتطور لدينا. كل المشاعر لها سبب إيجابي، وهي تُعتبر جزءًا من ذخيرتنا البشرية. يتم أحيانًا الإفراط في المشاعر بشكل سلبي، كما في حالات نوبات الهلع أو الاكتئاب. ومع ذلك، فإن مشاعرك موجودة بشكل أساسي لمساعدتك وإرشادك.

في حالة فقدان الثقة، هل عواطفك إنذار كاذب أم إنذار حقيقي أم خليط؟

عندما يعاني الناس من فقدان مفاجئ للثقة، في بعض الأحيان يكون هناك سبب وجيه وراء ذلك. على سبيل المثال، قد تكون على وشك الانتهاء من مشروع عالي المخاطر أو تغامر في عالم جديد وتجربة جديدة. عندما تشعر بفقدان الثقة، حاول أن تعرف ما إذا كان إنذارًا كاذبًا بالكامل، أو إنذارًا حقيقيًا أو مبررًا، أو مزيجًا بينهما، فمثلاً إذا كنت تتقدم وتغامر في تحمل المخاطر ثم تفقد الثقة فجأة، فقد تكون هذه علامة على أنه يجب عليك الإبطاء أو إجراء تعديل بسيط في سلوكك.

2. افعل شيئًا مثمرًا

عادة ما تكون ردود فعل الناس على فقدان الثقة متمثلة في التجمد، وهو ما يتم على سبيل المثال، بالبكاء أو التجنب. أو الهروب، وهو ما يتم مثلاً في شكل إنكار مشكلة. أو القتال، وهو ما يتمثل في العمل بجدية أكبر، الجدل، الدفاعية.

ما لا يجب أن يحدث عندما تشعر بعدم الثقة هو أن تتجمد تمامًا وتشل حركتك. يمكن أن يساعد القيام بأي شيء منتج على منع حدوث ذلك، حتى لو كان هذا الشيء هو قيادة سيارتك إلى المتجر لأداء مهمة كنت تؤجلها، لكن عندما تفعل ذلك يجب أن تكون واعيًا، حتى لا تستخدم أنشطة أخرى سواء أكانت مثمرة أو غير مثمرة، كشكل من أشكال الهروب والإلهاء.

3. اتخذ خطوات لرؤية الصورة الكبيرة

استخدم عواطفك كإشارة للتراجع ورؤية الصورة الكبيرة. وكاقتراحات بسيطة للقيام بذلك: احصل على آراء وتعليقات من تثق بهم، كذلك يُمكنك أخذ فترات راحة ودع عقلك يشرد. على سبيل المثال، يمكنك المشي أو الاستحمام أو القيادة.

اقرأ أيضًا: سبعة أمور عن الخذلان

المقالة السابقةمسلسل this is us: التقليدية تربح أحيانًا
المقالة القادمةتجارب أولى في المطبخ: محاولات النضج والخسارة
نيرة الشريف
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا