عندما نقرر أن هناك حاجة لنا لطلب استشارة أو مساعدة تخص صحتنا النفسية، فسوف نجد العديد من التخصصات في المجال النفسي، من الممكن أن نلجأ لأقربهم إلينا، أو بعد سماع خبرة أصدقائنا المقربين مع أحدهم، ولكن يظل هناك سؤال “هل حقًا سوف أتلقَّى الخدمة التي أحتاجها؟”، وللإجابة على هذا السؤال سوف نستعرض الخدمات النفسية المتاحة، وما يستطيع كل متخصص تقديمه لعملائه.
أنواع المتخصصين المقدمين للخدمات النفسية
1- طبيب الأمراض النفسية والعصبية
وهو المتخصص الوحيد المُصرَّح له بكتابة الأدوية النفسية وتحديد جرعاتها.
يلجأ إليه العملاء الذين لديهم مشكلات نفسية لا يستطيعون التعامل معها بالعلاج النفسي فقط، ومن الممكن أن يقوم الطبيب بالعلاج الدوائي والنفسي معًا، وخصوصًا في مشكلات الإدمان، لأنها تحتاج لتدخل دوائي، بالذات إن كان لها علاقة بالمواد المُخدِّرة أو الكحوليات، ولكن ليس كل الأطباء يقومون بالعلاج النفسي.
2- الإخصائى النفسي
وهو حاصل على ليسانس الآداب قسم علم نفس، أو حاصل على دبلوم علاج نفسي.
وتختلف كفاءة الإخصائي على قدر التدريب الحاصل عليه، والمدارس العلاجية التي يتقنها.
وهو يقوم بالعلاج النفسي لكل الاضطرابات النفسية، ومن الممكن أن يقوم وحده بالعلاج النفسي أو تحت إشراف طبيب، وذلك حسب شدة الحالة، ولكنه لا يعالج الأمراض الذهانية (العقلية)، وهي الأمراض التي تكون بسبب وجود خلل في المخ والجهاز العصبي، والتي تحتاج إلى تدخل طبي.
3- إخصائي الصحة النفسية
حاصل على شهادة أكاديمية في مجال الصحة النفسية.
يقوم بالإرشاد النفسي والتوعية النفسية، وقد كان غير مصرح له بممارسة العلاج، ولكن مؤخرًا يتم قبوله في مجال العلاج النفسي وتأهيله بالتدريب على المدارس العلاجية، وذلك من قِبَل بعض الجامعات المصرية والمعاهد الدولية.
4- معالج الإدمان
هو مدمن متعافٍ، تم تدريبه لمساعدة مرضى الإدمان وتقديم المساعدة لهم من شخص مر بنفس التجربة.
5- المدرب الحياتي ومدرب التنمية البشرية
هم أشخاص تلقوا دورات تدريبية في التنمية البشرية، ولديهم قدرة على الجذب وشد الانتباه.
يقدمون النصائح العامة وزيادة الدافعية لدى العملاء.
ولكن من الخطر جدًا الاعتماد عليهم فيما يخص أي نوع من العلاج النفسي، حيث إن أنواع المواد التدريبية التي يستخدمونها في ممارسة العلاج غير معترف بها ولم تخضع لأي تجارب علمية أو نظريات.
ورغم أن لديهم قدرة على زيادة الدافعية، فإنها قدرة محدودة، لأن أحيانًا تكون زيادة الدافعية لدى بعض الأمراض النفسية هي بمثابة زيادة للمرض النفسي، كما في حالة مريض الاكتئاب.
كيفية تحديد كفاءة المتخصص
1- راحة العميل
هي المحدد الأول لكفاءة الخدمة من البداية.
2- معرفة خطة العلاج وتحديد أهدافه
القائم على العلاج من المهم أن يشرح للعميل خطة علاجه، ويكون العميل مشاركًا بها ومسؤولاً عنها مع المتخصص، أيضًا خطة العلاج تتضمن قائمة للمشكلات التي يعاني منها العميل، والأهداف التي يريد تحقيقها من العلاج، وحتى يسهل للعميل الرجوع إليها ومراجعة كيفية التغلب على مشكلاته.
3- العلاقة العلاجية
يظن البعض أن العلاقة العلاجية بين العميل والمتخصص تشبه علاقة الصداقة، ولكنها تختلف، فهي علاقة أكثر جدية، وتحتوي على تشاعر وليس تعاطفًا، فالتعاطف يعطل العملية العلاجية، بل في كثير من الأحيان يؤذي العميل، ولذلك فإن التشاعر يعني احترام مشاعر وظروف العميل، وإعطاء الأهمية لمعاناته بقدر يسمح للمتخصص بالمساعدة الحقيقية الفعالة لصالح العميل.
4- الحكم
المتخصص المحترف يكون بعيدًا تمامًا عن أي حكم على العميل أو وصمه بصفة معينة، وإذا حدث من قِبل المتخصص أي حكم أو تصنيف تكون نتيجته سلبية على علاقة المتخصص بالعميل، نظرًا لأن نجاح العلاج يرتبط بقوة العلاقة العلاجية بينهما.
5- الثقة
الثقة المتبادلة بين المتخصص والعميل من أهم عناصر نجاح العلاج، لذلك لا بد من وضعها في الأولويات، ومراقبتها حتى يمكن علاج أي خلل فيها خلال فترة العلاج.
6- الأمر
المتخصص ليس له سلطة على العميل أكثر من إرشاده إلى الطريق الصحيح، ولكن أن يوجه المتخصص بتوجيه العميل أن يفعل ولا يفعل، فهو أمر غير صحي تمامًا، ولا يؤدي لنجاح أي عملية تغيير يسعى إليها العميل.
7- الناصح أو رجل الدين
تلك الوظائف المحرمة على المتخصص داخل جلسة علاجية أو إرشادية، فمهمة المتخصص تدور حول تقديم المساعدة بما يناسب معتقدات العميل وظروفه وقدراته، وليس تقديم المساعدة التي يرى المتخصص أنها الأفضل، فالمتخصص الذي يقوم بالنصح فقط يدلل بذلك على عدم قدرته على تقديم مساعدة علمية وفعَّالة أو نقص مهارة لديه، أما المتخصص الذي يقوم بدور الداعي أو رجل الدين فهو دور خطير جدًا ومن الممكن أن يؤدي إلى زيادة مشكلة العميل، وخصوصًا إن كان مريض اكتئاب.
8- الإيمان بالعميل
من الممكن أن يكون المتخصص هو أكثر شخص فعال وحقيقي في حياة العميل، لذلك فإن إيمانه بحقوق وقدرات ومهارات العميل سوف تكون نقطة تغيير كبيرة جدًا في حياته.
9- المقعد المقدس
لا يلجأ الناس في المجتمع الشرقي بشكل خاص للمتخصصين في المجال النفسي إلا بعد كثير من المحاولات الفاشلة للتوافق، لذلك يكون مقعد المتخصص ذا قدسية عند العميل، فالكلمة منه لها أهمية كبيرة، لذلك فمتخصص ذو ضمير سليم يعني تقديم مساعدة حقيقية.
وأخيرًا.. إن تجربة الذهاب لطلب مساعدة نفسية قد تكون نقطة تغيير كبيرة لنا جميعًا، فعين محايدة ومهنية ترانا من الداخل قد تجعلنا نرى جانبًا آخر لم نكن نعي وجوده، أو لم نكن ندرك أهميته.