بقلم/ محمد عيد
هل ترى زوجتك عندما تنفجر فجأة لتصرخ في الأطفال بشكل هستيري؟ هل تظن أن أطفالك سينشؤون طبيعيين واثقي النفس بهذه الطريقة؟ هل تعرف أن الزوجة يمكنها أن تحافظ على أعمدة البيت مُقامة، لكن البيت لن يرتفع دورًا آخر بدونك؟
هل تريد لأبنائك أن يكونوا مجرد عدد في جحافل الأجيال الموجودة دون أن يميزهم شيء، يهتمون بالطعام والشراب وتلبية حاجة البيت المادية وإنتاج الأولاد بدورهم، مثلما تظن أن دور الرجل هو أن يفعل فقط؟
عزيزي الزوج الذي يظن أن تربية الأبناء مهمة الزوجة فقط..
ربما كانت الدولة قديمًا تقوم بدورها في تربية الأجيال السابقة، سواء عبر المدارس أو التلفاز، مما يساعد في استقامة الآثار قليلاً. الآن اختفى هذا الدور نهائيًا، بل تحول إلى الإفساد، لذا الحاجة لتغير هذا الوعي وتصحيح المفاهيم باتت أكثر مما مضى؛ عليك الآن أن تتدخل لإنقاذ حياة أبنائك واستقامتهم النفسية وبذل الجهد مثلك مثلها، لإسعاد أسرتك بالقيام بدورك في تربية الأبناء، الذي بدوره سيخفف عن الجميع كل هذه الضوضاء والكثير من المجهود المُهدر.
تقول دراسة حديثة أجرتها جامعة ميسوري ويوتا، إن مهام الزوجة تتضاعف خمسة أضعاف بعد إنجاب الأطفال، بينما تتضاعف مهام الرجل مرة واحدة. كذلك أكدت نفس الدراسة أن الآباء الذين يهتمون بأبنائهم ويساعدون زوجاتهم، أسرتهم أسعد بكثير من الآخرين الذين يتركون الأمر برمته لزوجاتهم.
قالت الدراسة:
“أظهرت النتائج أن النساء يرين أن الزوج المشتبك مع أبنائه في علاقة جيدة، أفضل بكثير مع زوجته، وأسرته كذلك أقل عُرضه للمشكلات التي تتعرض لها باقي الأسر في العموم”.
فكيف يمكنك أن تجعل أسرتك أسعد وأبناءك أكثر نجاحًا واستقرارًا، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؟ سأقول لك بضعة أشياء:
– أن تذاكر للأبناء مثلها، لا يجب أن تكون عبقريًا كي تذاكر التاريخ أو الجغرافيا لطفلك، زوجتك كذلك ليست حاصلة على الدُكتوراه في التاريخ، وها هي تذاكر للأبناء بشكل طبيعي. لذلك يمكنك الاطلاع على كتبهم وأنت في المواصلات ذهابًا أو إيابًا للعمل بدلاً من ساعات الانتظار المملة في الشارع. في عصر 2017 يُمكنك كتابة أي شيء على الإنترنت لتجد عشر طرق إبداعية لفعل أي شيء تريد. أكتب “شرح مادة كذا لسن كذا” وخذ من وقتك ساعة واحدة لأبنائك.
اجعل حياتكم أسعد بإعطائهم ساعة واحدة من وقتك، ستتيح وقتًا يُمكّن الأم من الاهتمام بنفسها ومنزلها، ومن ثم الاهتمام بك كذلك، سترى أن هذا الوقت سيسمح لها بالاهتمام بما لم تكن تهتم به من قبل، ناهيك بأبنائك الذين يُعتبر وجودك بجوارهم، والاستماع لنبرة صوتك الأبوية المُحببة لهم، مصدرًا من الأمان سيشعرون به، فـأبوهم هنا بجوارهم يحتويهم ويحكي لهم ويصبر على فهمهم. سعادة لا تتخيلها ستضفيها على الجميع بساعة واحدة كل بضعة أيام تذاكر فيها للأبناء.
– توفير مساحة من الوقت لزوجتك بعيدًا عنك وعن البيت برمته. هذا أمر مهم لا غنى عنه، ربما ساعة واحدة أسبوعيًا بعيدة عن كل الضعوط، قد تأخذ بيد كل هذه الأمور التي تقف على الحافة، إلى بر الأمان، والاستعداد مرة أخرى للإنتاج والعطاء، ليس فقط الخروج بالزوجة في أماكن جديدة، بل وقت آخر مستقطع بعيدًا عنكم جميعًا وعن إحساس المسؤولية الذي يفرضه وجود أي فرد من أفراد الأسرة حولها.
– الرحلات.. فاجئ الأسرة برحلة، يمكن أن تكون تعليمية وترفيهية في نفس الوقت، مثل زيارات المتاحف وحدائق الحيوانات والمزارات. سهل استغلال هذا اليوم في شرح ما يتعلق بالرحلة، فبسهولة تستطيع التحضير للرحلة والقراءة عن موضوعها قبلها بيوم.
وتذكر.. بادر أنت بتنظيم كل شيء. غالبية الأمهات لا يستمتعن بأي من رحلات الأسرة أصلاً بسبب العبء المفروض عليهن من تجهيز الطعام والملابس وإعداد كل شيء، خوفًا من أن تطلب الأسرة كذا فلا تجده. الأم عليها أن تتذكر المناديل والملابس الاحتياطية والطعام ونظارة الشمس الخاصة بك وما قد يُحتمل أن يحدث فتطلب الأسرة بسببه شيئا لا يكون موجودًا فتحدث أزمة.
خض أنت هذه المغامرة وقم لمرة واحدة شهريًا بالتجهيز الكامل وتهيئة الأبناء للرحلة واستحضار ما يريدون، وصدقني لو نسيت شيئًا لن يلومك أحد، فأنت الذي يلوم الآخرين. هذه نقطة نفسية ستريح زوجتك كثيرًا، لا يجب عليك أن تُتم الأمور بنسبة 100%، فلو نسيت شيئًا لا مشكلة عظيمة هناك، بينما هي عليها أن تتم كل شيء بصورة كاملة -كما يفترض كل من حولها- لذا ولايتك هذه المهمة، مريح ذهنيًا لكليكما قبل أن يكون مريح جسديًا لها.
في النهاية.. ستستمتع زوجتك بهذه الرحلة، ربما لمرة نادرة لم تحدث من قبل، كذلك سعادتها وتوليك المسؤولية سينعكس على أبنائك، فمن الجيد أن يروا أباهم يشارك في إعداد حياتهم ويهتم بإدخال السعادة عليهم وعلى امرأته كذلك.. هي تستحق وأبناؤك يستحقون، وأنت كذلك تستحق بعضًا من الهدوء الذي سيكون فيه المنزل بعد هذه الرحلة الجميلة.
– يوم واحد خالٍ من المطبخ، لا غسيل مواعين ولا تحضير طعام ولا أي شيء يمت للمطبخ بصلة، فقط يوم واحد كل 10 أيام يمكنكم فيه تناول طعام الأمس، استحضار الطعام من الخارج، عمل وجبة خفيفة للغداء.
هذا كفيل بشحن امرأتك لأسبوع جديد.
في النهاية.. تذكر عزيزي الزوج.. أنت لست ماكينة سحب أموال كل ما عليها هو توفير الأموال وتأمين الدخل المناسب للأسرة، كما أن زوجتك ليست خادمة دورها إعداد الطعام وتنظيف المنزل ورعاية الأبناء صحيًا وبدنيًا وعقليًا ودراسيًا.
لو كنت ترى أن دورك هو توفير غطاء مالي لشراء “البراندات” وإحضار طعام الأسرة وتوفير المسكن، لنتفق إذًا أن زوجة بحساب بنكي يؤمِّن لها ذلك، يحق لها إلقاء زوجها في سلة القمامة، فلا حاجة له. هل توافق على ذلك؟ أنا لا أوافق ولا أنت، ولا يمكن لأحد أن يختزل دور الرجل في إحضار المال، الذي لو كان موجودًا، لما باتت له فائدة.
الرجل أمان وحضور ومسار وفلسفة وتجارب تُمَرر للأبناء ومُنقذ الأوقات الحرجة، تلك اليد التي تمتد لتربت على الجميع حينما يوشكون على الانهيار، الرجل هو ذلك الذي يبتلع مخاوف أسرته ليحملها على عاتقه بدلاً منهم، ذلك الذي يبحث في كل الخيارات المتاحة أمامه لتحسين حياة من حوله، فكن أنت هذا الرجل.