بقلم/ سميحة الصواف
بالتأكيد نتذكر عندما فاجأت “نوسة” عريسها “اللمبي” في طريقهما للعرس، كونها هي الأخرى لها بعض الأفكار المتعلقة بحياتهما معًا، وتخيلات من آن لآخر خاصة باللقطات التي تجمعهما بعد زواجهما، مع العلم أن “اللمبي” بموقفه المستفسِر هذا كان بعد أن ضُبِط متلبسًا وهو يخون البطلة.
قد يكون العرض كوميديًا، ولكن لعل من الذكاء أن تعرض الحقيقة المُطلقة مغلفة بالسكر، لتدفع عن المتلقي بعضًا من مرارة الواقع.
مع السهولة في الحصول على المعلومات بمجرد سؤال العم جوجل، فلم يعد من الغريب أن تجد أي شخص يعلم أي شيء عن أي شيء، فيكفيه فقط أن يكون لديه الرغبة الحقيقية ليعرف، فيعرف على الفور.
بالعوده إلى “نوسة”، والتي بموقفها هذا لم تجاهر حتى بكونها تعلم، ولكن كانت فقط قد صرَّحت أن لديها أحلامًا وخيالات تجمعها بخطيبها وحبيبها، إذًا فلتدعنا نتساءل إن كان من الطبيعي أن تشعر الفتيات بالرغبة تجاه من ترتبط به، وهل من المتاح تعبيرهن عن تلك الرغبات من عدمه؟
تعرفي على: المزلق الحميمي: ما فوائد المزلق وأضراره وطريقة استخدامه
قبل مناقشة وجهة النظر المجتمعية، فالنصح واجب بارتداء النظارة السوداء التي تحيلك أوتوماتيكيًا للسيناريو الأسوأ، فربما يصير ما أعرضه حينها عقلانيًا بعض الشيء. بينما يصر العلم بكون هذا طبيعيًا برحلة اكتشاف الأطفال لأجسادهم، فيسمى فرويد مراحل النمو النفسي عند الطفل تبعًا لطريقة الطفل في إشباعه لغرائزه بحسب مناطق جسده المختلفة، وعليه يرى أن الأطفال تبدأ في اكتشاف العالم من حولهم استنادًا فقط على غرائزهم الجنسية الأولية، والتي وهبها لهم. امتلاكهم لجسدهم فقط والمنزه عن التقييم كونها صحيحة أو خاطئة، لما تتسم به كونها أولية ووظيفية في هذه المرحلة.
بينما يرى المجتمع أن الآلهة عليها أن تلاحق تلك الفتيات بلعناتها لكونهن تجرأن بالتفكير بذلك قبل الزواج. وإن تجاوزنا كونهن فكَّرن، فمن غير المقبول على الإطلاق أن يتجرأن ويتبادلن هذا مع صديقات أخريات، فهذا باب للشيطان قد يثير غرائز أخرى، ربما تكون أكثر عمقًا أو تبروز سيناريوهات بعينها، فتكون الخطوة الأولى لتقودهن للهاوية أو يتناقلن معلومات مغلوطة تزيد الطين بللاً، فالشعار المجتمعي “البنت ميبوظهاش إلا بنت”!
لذا تبعًا للمجتمع، فالفتيات غير مسموح لهن بالشعور بمثل تلك المشاعر بهذه المرحلة المتقدمة من عمرهن، وبالأصح قبل أن يحظين بلقب “متزوجات”، بينما يتم التنازل قليلاً عن هذا التزمُّت خلال تحضيرهن لخطوة الزواج، فتصير هذه المعرفة مستحبة، وليست ضرورية على الإطلاق! نعم فالمجتمع لا يرى أن بالضرورة على المرأة معرفة أي شيء عن العلاقة الحميمة التي ستجمعها بزوجها مسبقًا، ولكن يكفيها أن تتجاوب معه فيما يطلبه، وقد سمعنا هذا بالتأكيد من أمهات كثيرات ينصحن بناتهن بليلة الزفاف في أفلام مصرية عديدة.
يرى المجتمع أن أي فهم للمرأة عن جسدها واحتياجاته قبل الزواج هو باب للتهديد، فإن صابتها لعنة المعرفة فقد يصيبها النهم لمعرفة الأكثر، وقد يتراءى لها تجربة حدود معرفتها تلك، وربما يسهل حينها استدراجها للرذيلة، فالمجتمع يحفز الجهل بهذه النقطة لمصلحة البنت، وللمصلحة العامة كذلك. بينما إن لُقِّبت بـ”زوجة” فعليها أن يلقى عليها سحر ما أو تعويذة تحيلها بين ليلة وضحاها إلى الجانب الآخر من النهر، فتصير منفتحة على زوجها للتجربة والتجاوب مع كل محاولاته للتقرب منها وملامستها، بل ولزامًا عليها تحقيق السعادة القصوى له.
نقطه نظام..
كيف لكائن لم يعرف شيئًا عن جسده واحتياجاته وتربَّى بهذا الكم من المحظورات والقيود الفكرية التي تمنع وتحرم التفكير ومناقشة هذه الموضوعات، أن تطلب منه بشكل مفاجئ أن يتجرد من ملابسه أمام هذا الزوج، دون أي مقدمات؟!
هذا الشخص إن كان مُلقبًا بزوجها فهو لا زال غريبًا لا تألفه على الإطلاق، والشخصيات الغريبة في ثقافتنا المتراكمة هو شخص علينا الحذر منه وعدم الانفتاح عليه بأي شكل. إذًا فكيف تُلام على كونها لا تعلم، بينما طالبتها طيلة عمرها بأن لا تفكر أو تعلم أي شيء بهذا الصدد؟!
بينما تطرقنا لمؤسسة الزواج فدعنا نتطرق لنقطة مهمة، وهي ما يتوقعه الزوج من المرأة قبل الزواج وبعده. اختصارًا هو يريدها قديسة مع العامة ولعوب معه، يتوقع منها أن تكون كالقطة المغمضة قبل الزواج ليصدق كونها مختومة بختم العفة ولم يمسسها ذكر قبل أو داعب أفكارها وحواسها بكلمات تثير الغرائر، وهذا سيراقبه عن كثب طيلة فترة الخطوبة، ولا أقصد هنا الخجل ولكن أقصد الجهل بالجانب الجنسي، فهو يريد أن يكون هو منبعها الوحيد لهذه المعلومات وأن تكون فيما بعد “تربية إيده”، تعلم ما يسعده ويريده وتفعله على الفور، لكن دعنا نسأل هذا الرجل سؤالاً بسيطًا عن منابعه لاستسقاء مثل هذه المعلومات، وعن خطته لتنفيذها مع تلك القطة المغمضة.
هناك نوعان من الرجال الذين سيختارون فتاة كتلك، الأول ممن يستسقون معلوماتهم من حكاوي الأصدقاء، وحينها علينا أن نأسف لحالهم، فخلال جلسات المقهى المطولة يُستحب أن يظهر الرجل كسبع الرجال، فليس من الطبيعة الإنسانية أن نعترف بضعفنا أو نواقصنا بموضوع خاص كهذا، وعليه فنسبة كبيرة مما يتناقل بجلسات الذكور المطولة بهذا الصدد كذب وافتراء ومسنود لخيالات، وعليه يصير من الظلم أن تطالب به كزوج أو تثقل به كاهل الزوجة.
النوع الثاني من الرجال هو الذي يغلب عليه العملية والميل للعلم، والذي يحاول استسقاء معلوماته من منابع علمية فقط، وعليه يكون وضعه أفضل من النوع الأول، ولكن الحقيقة تقول إن العلم وحده ليس بكافٍ، وإنما دراسة كيفية تطبيقه على أرض الواقع قد يكون أهم بكثير مع فتاة كتلك ليس لها علم مسبق، فيصير من المُستحب التحلي بأعلى درجات الصبر لتداول تلك الأفكار ونقلها من إطار المُحرَّم والعيب لإطار المستحب داخل عقلها.
بالعودة إلى الرفيقة “نوسة” ومن تشبهنها من الفتيات اللاتي يوصمن بالعار لأنهن فكرن، بينما من المقنع أن يوصم بالعار من تمسَّك بجهله، وليس من كافح ليعرف. وبينما نتعايش بمجتمع تتزايد فيه نسبة العنوسة، فيصير من الصعب رهن المعرفة بخطوة الزواج، لكون هذه المعرفة غير مقتصرة على العلاقة الحميمة التي قد تجمعهن بأزواجهن، ولكنها معرفة تخص أجسادهن وفهمها وإمكانية تفسير متطلباتها، والتي ينصح بمراجعة الأطباء المختصين في حالة عدم فهم أيٍّ من محاولات الجسد لتنبيهنا، فقد يكون لهذا التجاهل مردود كبير وواضح بالمستقبل، متزوجات كُنَّ أو لا.
أما فيما يخص الحقيقة الكونية، أننا نعيش في مجتمع يدعوهن للبس حزام العفة على عقولهن، فيصير من الصعب تداول مثل هذه المعلومات على نحو صحيح وبمجال آمن، فهذه دعوة للعلم، فبهذه الظروف الراهنة يندرج العلم تحت بند التقدير واحترام الذات، ومحاولة للتكيف خوفًا من الانقراض، وسيكون الانقراض حينها ليس تحت أطنان من الثلوج كما حدث بالعصر الحجري، ولكن سيكون اختناقًا بأطنان من الجهل والحزن والمرض.
هل الطبيعي أن تشعر الفتيات بالرغبة تجاه من ترتبط به؟ وهل لها أن تعبر عن تلك الرغبة؟