بقلم: مريم ظريف عيد
“هو إنت على راسك ريشة“؟! حين تسمع هذه الجملة في مناقشة مع أحدهم فإنها تعني استنكاره لاختلافك. وفي البداية لا بد من طرح أصل المقولة، وبالرجوع لحياة المصري القديم نجد الإلهة “ماعت“ ابنة إله الشمس رع. (إن لم تكن تعرفها، فالإلهة “ماعت” هي إلهة الحق والعدل والنظام في الكون لدى قدماء المصريين)، سيدة تعلو رأسها ريشة النعام رمز العدالة، وتُمسك مفتاح الحياة في إحدى يديها، وفي الأخرى صولجان الحكم. وأحيانًا كان يُرمز لإلهة الحق والعدل بالريشة فقط، في حين كانت الريشة على رأس “ماعت” هي ما تمنحها القدسية والمكانة على حساب باقي الآلهة.
الريشة كانت أهم ما تملك “ماعت”، وكانت لها مكانتها في الحضارة المصرية القديمة، حيث كان قلب الميت يوضع على الميزان في كفة وريشة الإلهة “ماعت” في الكفة الأخرى، إذا رجحت كفة الريشة فالميت كان صالحًا يستحق النعيم الأبدي، وإذا رجحت كفة القلب فمعناه أنه كان في حياته شخصًا شريرًا، وعندئذ يُلقى بالقلب وبالميت إلى حيوان خرافي يكون واقفًا بجوار الميزان، اسمه “عمعموت”، رأسه رأس أسد وجسمه جسم فرس النهر، وذيله ذيل تمساح، فيلتهمه هذا الحيوان على التو وتكون نهايته.
ولكن بعيدًا عن الثقافة المصرية الممتدة إلى الفراعنة، فمثل “على راسك ريشة” قد يرجع أيضًا إلى أصول تركية، خصوصًا في الفترة التي تَبِعت فيها مصر الحكم العثماني. تقول الرواية إن المثل من أصل تركي، حيث كان الأتراك يضعون ريشة على رأس من ينتصر في الحرب، أو لأي إنسان له شأن ومال وعلم، حتى يُصبح معروفًا لدى الجميع، فيتم تسهيل أمور حياته إكرامًا لعلمه وعلو مكانته وشأنه.
وفقًا لتلك الروايات، فإن الريشة توضع فقط لمن ارتفع شأنه بالنصر أو العلم أو المال، ويضعها كي يُعامله الآخرون بشكل أكثر احترامًا وتقديرًا لمكانته العُليا. اختلفت الروايات ولكن ظلت قيمة الريشة ثابتة، من يضعها على رأسه يسمو ويعلو.
وبهذا يتضح معنى الجملة، وهو التميز وليس الغرور، فلكل منا ريشته الخاصة: قدراته، شخصيته، أفكاره، معتقداته أو أفعاله، التي تميزه عن الآخرين، لذا يجب علينا احترام اختلافنا، لأن كلنا سواسية، لا يوجد شخص أقل من الآخر، فقد خلقنا الله جميعًا مميزين، ليضيء كل إنسان بنوره فى محيط دائرة حياته، ولن يحترم الآخرون اختلافك إلا إذا بادرت بذلك، وقَدرت نفسك ووثقت بها، فثقة الشخص بنفسه تظهر للآخرين وتجعل من شخصيته فريدة ومميزة، فيقول الاستشاريون النفسيون إن حب المرء لنفسه يظهر ثقته بنفسه في التعامل مع الآخرين، فكيف تطلب من الناس احترامك وأنت لا تحترم وتقدر نفسك!
نصائح للوصول للتقدير الذاتي
لذا ينصح الاستشاريون النفسيون بالنقاط التالية، حتى تصل إلى التقدير الذاتي:
1. حب نفسك كما هي، عالج عيوبك وأخطاءك وتقبلها أولاً
2. اعرف مميزاتك
لا يوجد أفضل من كلمات أغنية الفنان أحمد مكي لشرح هذه النقطة، والتي تقول “متكملش قوم قلب ودور هتلاقي ميزتك، ميزتك في صوتك أو في رسمك، متستبعدش تبقى ميزتك حركة بيعملها جسمك أو فكرة فانتاستك في مخك، ممكن كمان تكون مميز في الطب والحساب، أو ميزتك نفَسَك في طبخك، ممكن ميزاتك تطلع في لوحة أو كتاب، ممكن تكون ميزتك لياقتك، ميزتك إنك قلب ميت تقدر تضرب كل الناس بادي جارد، أو تكون ميزتك سياستك، ميزتك إنك رومانسي ومأفور في الإحساس أو تكون ميزتك فراستك، ممكن ميزتك تكون قلب أبيض أو حنون، ممكن تكون ميزتك حماشتك“ وغيرها من الصفات التي تميز الشخص عن الآخر.
3. اعرف سلبياتك
4. اهتم بنفسك
5. لا تهمل أيضًا تنمية مهاراتك
6. حاول أن تكون دائمًا أنيقًا
أن يكون لباسك مناسبًا لسنك، وأن تكون لبقًا في حديثك.
7. تفاءل
فالمرء يغدو سعيدًا بالقدر الذي يعتزم به أن يجعل نفسه راضيًا بكل ما يكون.
8. عزز ثقتك بنفسك
9. حدد هدفك
حدد هدفك بكل إيجابية، وكن واقعيًا، ولا تحاول تكرار شخص آخر، فقط كن أنت وما تريده، ولا كما يريد الناس.
وأخيرًا إذا سألك أحدهم “هو إنت على راسك ريشة؟” جاوب وبكل ثقة نعم أنا على راسي ريشة.
اقرأ أيضًا: نصائح سريعة لاجتياز عنق الزجاجة