فن السباق تحت المطر

1547

بقلم/ العصماء محمد هاني

لم نشاهد فيلمًا منذ وقت طويل، نام الصغار فأعددتُ فنجانين قهوة وبعض المقبلات وافترشنا جسدينا المنهكين على الأريكة الملآنة بما لذ وطاب، من البقع والسوائل المسكوبة. أدرتُ التلفاز الذكي على الفيلم الذي وجدت التعليقات عليه جيدة وتقييمه مرتفع وشكله رومانسي خفيف لطيف عن سباق سيارات.

هذا هو الفيلم المثالي لحياتي المنهكة منذ فترة.

ولكن

لا أدري هل هو حقًا حزين أم أن جعبتي هي التي كانت ملآى بالكثير من الحزن، بدأ بداية مثالية، سائق سباق سيارات لديه حلم بأن يصل إلى الفورمالا 1، قابل فتاة جميلة جدًا ومثالية وذكية، تزوجا وأنجبا طفلة جميلة، الكلب هنا هو البطل، هو الراوي، هو الفيصل في عدة أحداث، لقد كان جميلاً وعميقًا، كل شيء مثالي، عائلة سعيدة، زوج وزوجة محبين، هي تقف بجانبه باستماتة ليحقق حلمه، وهو يجاهد لتوفير المال المناسب لعائلته الصغيرة، كل شيء رائع، إلى أن تأتي عقدة الحبكة الدرامية، والأمر الذي سيقود الأحداث إلى غير المتوقع.

لن أذكر ما حدث فعلاً حتى لا أحرق الأحداث..

الأحلام لا تسير كما خططنا لها، تسير في دروب أخرى، ربما لن يحضر زوجي وقت ولادة ابنته، ولكن هذا لا يعني أن حبه قد نقص قدر أنملة، بل سيبقى محاربًا ومكافحًا من أجلنا إلى آخر نفس، قد يغيب في أكثر الأوقات التي أحتاجه فيها، قد يخذلني كثيرًا ولا يكون في مستوى توقعاتي العظيمة، ولكنه سيبقى الرجل الأكثر حبًا، والأب الأعظم لأطفالي، تجبرنا الحياة على أمور خارجة عن سيطرتنا، ونحمد الله أننا لا زلنا نملك قلوبنا بين أضلعنا، فلا أحد يجبرنا على الكره بعد أن أحببنا.

الله عنده ترتيباته الخاصة، قد تصفعنا الأحداث بشكل مؤلم ولكن الله يواسينا بأحداث أجمل، قد تكون ما لا نحلم به حقًا ولكنه الأفضل.

البطل كان أفضل السائقين الذين يستطيعون القيادة بشكل جيد تحت المطر، وكانت قيادته في الحياة مثالية أيضًا، لا أدري كيف استطعنا أن نورط أنفسنا في كل هذا، لا أدري أين كان تفكيرنا لنقرر الزواج وتدمير حيوات بعضنا بهذا الشكل، أن ندفن أحلامنا التي لن نستطيع تحقيقها بسبب كل تلك المشكلات والعقبات التي خلقتها حماقتنا، الزواج حماقة لو تعلمون عظيمة!

ولكن ما نشعر به يستحق ذلك، الحب يستحق ذلك، الحب المطلق غير المشروط لشريك حياتك يستحق ذلك، أطفالنا الذين كانوا نتاج هذا التصرف الأحمق يستحقون ذلك، المطر الذي هطل فجأة في خضم سباق هام وكفاحنا لتجاوزه والفوز يستحق ذلك، هذه المغامرة بكل ما فيها من جيد وسيئ تستحق ذلك، ربما لن نذهب إلى الفورمالا 1، ولكن بالتأكيد سنكون يومًا ما في الفيراري، وسنقابل أناسًا يعيدون لنا إيماننا بالحياة.

الحياة رواية معقدة، كلما سارت في رتم رتيب يموت أحدهم، ولكن آفة حارتنا النسيان، سرعان ما ننسى ونمضي.

في الوقت الذي تدعوك فيه كل الظروف والحيثيات إلى التوقف والاستستلام، هذه علامة عظيمة تخبرك أنه الوقت الأمثل للاستمرار، وأن في نهاية هذا الطريق يوجد أمر ما رائع.

كل ما نحتاجه فقط أن نجيد فن التسابق تحت المطر.

اقرأ أيضًا: أين يذهب الحب؟!

المقالة السابقةما معنى مثال على رأسك ريشة؟ 9 نصائح لتصبح على رأسك ريشة
المقالة القادمةإزاي نكمل الدراسة في البيت كأن الولاد لسة في المدرسة؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا