وفي الطلاق حياة جديدة: 3 قصص واقعية

1949

حرقة القلب، اليأس، فقدان الثقة في الله، الندم، الغضب، الكره، القلق، الخوف.. مشاعر تهد جبالاً، فما بالنا لو اجتمعت على قلب امرأة منحت من قلبها وروحها وجسدها وعمرها لرجل، لم يشأ القدر أن ينعما بحياتهما معًا! فكانت كلمة النهاية في تلك العلاقىة، ولكن حياتها لا تعود أبدًا كما كانت، خصوصًا إن كانت قد أنجبت أطفالاً. فأي قوة تلك التي تجعل المرأة تبدأ حياتها من جديد بروح قوية ناضجة؟ أترككن مع القصص.

 

لحظات غيّرت حياتي

تحكي ش.م. “بعد الطلاق كنت حاسة إن الدنيا انتهت بالنسبة ليّ، وإن مفيش حاجة هتحلي الأيام عليّ، حتى بنتي. كنت بقول يا ريته كان كويس وفضلنا مع بعض حتى لو هي مجاتش. حسيت بقهر جامد، حسيت قلبي اتحرق والنار مش بتهدا فيه. عقلي مكانش بيفكر. كنت من جوايا بفرفر زي الطير اللي اتدبح ولسه مطلعتش منه الروح. جوايا حزن شديد، وأحاسيس انتهت، بس عمري ما هقدر أنساها. استسلمت للحزن وكنت عايشة ميتة، بس كنت بعافر بسيط وأقع تاني. كنت بدخل صفحته كل شوية. انهرت، ونفسيتي تعبت، وصحتي اتدهورت، لدرجة مكنتش بقدر أشيل بنتي ولا أخرج وأتحرك. لما بدأت البنت تفهم حست إن حاجة ناقصاها. دايمًا كانت تجري على أي راجل وتقوله “بابا”. تعبت أكتر عشانها. الضغوط المادية كمان، ونظرة بعض الناس، وخوف أقلية على أزواجهم. مكنتش عارفة أواجه الدنيا ببنتي ونفسي.

 

أكتر حاجة قلقاني دلوقت ظهور والد البنت، وتضارب الأفكار بيننا، فخايفة طبعًا على البنت. عاوزاه ياخد كل حقوقه من رؤية البنت والعيشة معاه، من غير ما يبث أفكاره المتحررة جواها. خايفة من بُعدها عنه وقربها منه، ومن نيته. مش بعرف أسيبها فين وقت كورس أو لما ييجي شغل مينفعش آخدها فيه. أوقات بسيبها مع زوجة أخويا القريبة مني بس بتكسف أتقل عليهم. والأصعب كمان فقداني الأمان والثقة في الناس، حتى بنتي كنت أقول هتكبر وتسيبني، والأحاسيس السلبية كانت واصلة لها. كمان لحد دلوقت مش عارفة أقنع باباها إننا خلاص مش هينفع نرجع بس البنت ملهاش ذنب، كل أما ميعجبوش كلامي يهرب منها ويسيبها بالشهور.

 

في الأول كنت بعيط وأنهار من المشاكل. دلوقت بفكر وأتحرك، محدش بيقدر يوقفني طالما اللي بعمله مش حرام ولا غلط. بتعامل بقوة أكتر. ورحت لدكتور وكتب لي علاج خلاني أقدر أنزل المسجد والشغل وأخرج ببنتي.

 

أكتر حاجه ساعدتني أصحابي. وأهلي طبعًا كانوا بيحاولوا يساندوني بس مكانوش فاهمنّي. كانوا بيقولولي مفروض تفرحي، مفروض تكوني نسيتي. كنت محتاجة طبطبة وأترمي في حضنهم. كنت بخاف أبكي قدام ماما عشان متحزنش. وربنا طبعًا هو سندي الأول والأخير، بس يا رب يسامحني، مكنتش حاسة بسندته في الأول، كنت ببكي وأصرخ جوايا وأقول سايبني كده ليه مظلومة وعبد من عبيدك قهرني؟ مستني إيه يا رب عشان تاخد حق البنت وحقي؟ كنت مستعجلة، بس فجأة لقيت ربنا بياخد حقي. قربت منه أكتر وبقى سندي اللي حاسة بيه، سندي الأول والأخير”.

 

عمري ما ندمت على طلاقي

 

آ.ع. تحكي “بعد الطلاق كنت حزينة على حاجات كتير، أولها على عمري اللي ضاع هباءً، مش على الشخص ده أبدًا، لأني أنا اللي أنا كنت عاوزة أسيبه. حسيت بكسرة نفس. حسيت زي ما يكون كده رجعت لنقطة البداية بس محملة بحاجات تقيلة على النفس، فأصبحت أحمل لقب مطلقة بدل آنسة، ومبقتش أفرح بالحاجات اللي كنت بفرح بيها زي الأول. انهارت أحلامي اللي كنت رسماها لدنيتي الجديدة. 

 

لكن كل المشاعر دي تجاوزتها بسرعة جدًا جدًا جدًا، لأنها حاجة بسيطة وصغيرة جدًا بالنسبة لإحساسي الكبير بالراحة والهدوء وعدم التوتر والخوف والقلق، وتخلصي من الكابوس اللي كان كاتم على نفسي وحياتي وحريتي وكل حاجة حلوة في حياتي. بالعكس أنا بحمد ربنا إني نجيت بنفسي، وإنه وفقني آخذ قرار الطلاق في الوقت المناسب. عمري ما حسيت بالندم إطلاقًا على القرار ده، بل حسيت بالندم على سوء اختياري، ومشاعري اللي اديتها في غير محلها، والبدء دايمًا بتقديم التنازلات. 

 

كان بيضايقني بعد الطلاق طمع الرجالة، اتقدملي واحد كبير في السن بس طبعًا رفضت. الراحة المادية بتساعد الست. وأنا بشتغل وبابا كان بيصرف. أكتر حاجة تخلي الست تضطر تتنازل هي الفلوس. والدين ومعرفة الحرام والحلال وحب ربنا طبعًا بتعصم الواحد من الوقوع في أخطاء كتير. إنما المشاكل الحقيقية اللي قابلتني فكانت رغبة بنتي في إن يكون لها إخوات، ورغبتي في الاستقلالية، وخوفي إن طليقي ياخد بنتي لو اتجوزت، أو من انتقال الحضانة لأم طليقي لو أمي ماتت بدري، الموضوع ده بالذات كان عامل لي أرق، وحاولت أتعامل معاه بالمسايسة، فمثلاً كنت باخد رأيه في اللي متقدم لي، واتكلمنا في ترتيبات رعاية البنت بعد جوازي. بس كان عندي مشكلة تانية كبيرة إني كنت خايفة لما ياخد البنت يفسحها أو تزوره في البيت ميجيبهاش تاني، ودي مكانش قدامي فيها غير تفويض الأمر لله. والحمد لله ربنا سترها معانا”.

 

حلم ماما آخد بإيديها 

أ. ح. تحكي عن والدتها: “بعد ماما ما اتطلقت كانت حاسة بالضياع، وكان جواها صراع: هل قرارها صح ولا غلط؟ كانت تعبانة من نظرة المجتمع لواحدة مطلقة في التلاتينات معاها 3 أطفال، بس في نفس الوقت هي نجدت نفسها وأطفالها من كم من الخناق ممكن يؤثر عليهم بالسلب. كانت بتداري جراحها والصراع النفسي اللي جواها بالعند، حتى لو مع أطفالها، وكانت بتتعامل بحدة مع الناس كأنها بتثبت لنفسها وللناس إنها قوية ومش هتتكسر. ماما اتعرضت كمان لضغوط مادية لأن بابا كان بيعند معاها وعاوز يكسرها، فكان بيدور على اللي يضايقها ويعمله. فكان بيقرط علينا في الفلوس. طبعًا ماما كانت بتكرهه، وكانت بتفرغ شحنة الكره والغضب فينا، وبعد كده تحس بالندم لأننا أطفال ملناش ذنب تثور علينا. 

 

أكتر حاجة ساعدتها تتجاوز أحزانها ومشكلاتها هي العمل ثم العمل ثم العمل، بس مش أي عمل وخلاص، لا عمل بتحققي فيه ذاتك. أنا فاكرة إن أمي كان حلم حياتها إنها تكون معلمة شاطرة ويكون عندها حضانة بتاعتها. وفعلاً فضلت تدور على حلمها، وبدأت تتفاعل مع الحياة، وتستقل ماديًا، وحالتها النفسية اتحسنت، وبقت تعاملاتها مع الناس أفضل، وكمان معانا بقت أهدى ومرتاحة أكتر”.

 

عون الله، سند الأهل والأصدقاء، حب الحياة، حب الأبناء، العمل.. كلها كلمات السر في قوة هؤلاء النساء وغيرهن. الحياة أبدًا لا يمكن أن تنتهي ما دام فينا قلب ينبض. هناك دائمًا بداية جديدة، وكل واحدة في حياتها كلمة السر التي تجعلها تستعيد قوتها وتبدأ حياتها من جديد. ففتشي عن كلمة السر في حياتك.

 

المقالة السابقةشيّمُ الحكايات التي لا تُروى
المقالة القادمةهل أنت غائب من حياة أبنائك عاطفيًا؟

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا