سابع حاجة: السند والحيطة المايلة

2853

بسنت

 

أول مرّة سمعت أغنية أنغام الجديدة "أنا ساندة عليك" معجبتنيش، حسيت إن فيها قدر عظيم من الاستسلام والضعف التام والاستناد ع
الطرف التاني في كل حاجة، كل حاجة حرفيًا.
طول الوقت عندي هاجس البنت القوية اللي مينفعش تتسند غير على نفسها عشان محدش فاضيلها، عشان الدنيا مش دايمًا بمبي وعشان
إحنا بنات بـ100 راجل، وعشان مينفعش أشيّل حد همي ومحدش ناقص هم فوق همه.

حتي لما صديقتي سألتنا في مرّة هي مين الست القوية من وجهة نظركم، رديت بسرعة "هي اللي مبتتسندش على حد غير روحها
ومبتسمعش كلام أنغام"، وعدت شوية وحصل أكثر من موقف خلاني أقتنع إن السند مش مجرد كلام، وإن أكتر ناس بتحتاج تتسند بجد
وقت الشدة هي أقوي ناس في الأوقات العادية. والأهم إن مفيش أي علاقة بين اتنين بتنجح فعلاً بدون ما يكونوا سند لبعض.

الموقف الأول كان لما قابلت زميلة من شغلي السابق كنت مشوفتهاش من فترة، سألتها عن أحوالها، فجأتني إنها فسخت خطوبتها اللي
كانت بعد قصة حب عنيفة، اتصدمت وعلى غير العادة سألتها ليه.. قالتلي عشان ملقيتهوش جنبي في أكتر وقت محتاجة له، عشان
محستش إنه ينفع يبقى سندي في الدنيا الجديدة اللي هنعيشها سوا، وعشان مش عايزة أتسند على حيطة مايلة تاخدني وتقع.
سكت واتمنيتلها الخير في أيامها الجاية ومشيت وأنا بفكر في كلامها جدًا، وبكتشف حقيقة جديدة.. إحنا بنمشي في الدنيا دي كل واحد فينا
ساند التاني ومسنود بيه، مهما كنا جامدين أوي لوحدنا.

الموقف التاني كان في محل ملابس فيه قسم مخصوص للحمل، كنت بدور على بنطلون مناسب ليّ، وكان فيه واحدة حامل واضح إنها
في الشهور الأخيرة بتدور على حاجة مناسبة ليها برضو، كانت مكشّرة وحسيت إنها هتعيط عشان مش لاقية حاجة تناسبها فعلاً ويكون
شكلها حلو، زوجها أخد باله وفجأة لقيته بيقولها "لعلمك بطنك الكبيرة دي أحلي حاجة في الدنيا، تعالي نشوف محل تاني". الست ضحكت
والجملة كانت تضحك فعلاً، صحيح مش أحسن جملة في المواقف دي بس كان باين إنها طالعة من قلبه بجد، كان باين إنه بيساندها في
موقف صعب بالنسبة ليها بتمرّ بيه لأول مرة تقريبًا.
واكتشفت حقيقة تانية.. إن الأهم من السند وطريقته وتقديمه لشريك حياتك، هو توقيت السند، يا إما يبقى في التوقيت الصح يا إما بلا.

وبدأت أركز أكتر في المواقف اللي بمرّ بيها وبتحصل حواليّ:
في كل مرّة تعبت ولقيت إيد بتسندني بلا مقابل أو بدون ما أطلب قبل ما أنهار من التعب.
في كل مرّة الدنيا قفلت في وشي جدًا وربنا بعتلي سند وسط الضلمة عشان مكنتش هقدر أعديها لوحدي.
في كل مرّة زرت معمل تحاليل أو عيادة دكتور وشوفت زوج وزوجة مسنودين على بعض في أضعف لحظات حياتهم، ومع ذلك وجود
السند مطمنهم.

الموقفين اللي فاتوا خلّوني أفهم يعني إيه "شريك حياتك يكون سندك"، وقت ما الدنيا توقعك أو تضغط عليك أوي تلاقي اللي يسندك
ويجمّد قلبك بقلبه فيرد فيك الروح تاني. ويعني إيه لو السند غاب ما بين اتنين الحياة بتقع وتبهت ويصيبها العطب فالعلاقة تموت
بالبطيء.

اسندوا بعض، دي مش رفاهية ولا تفضّل من طرف ع التاني في أي علاقة بين اتنين، السند هو العمود الفقري وبنزين الحب اللي بيخلّي
العلاقة تكمل بقلب جامد في وش الدنيا، ووجوده معناه إن علاقتكم مش مسنودة على حيطة مايلة.

المقالة السابقةسادس حاجة: ليه بتضربها؟
المقالة القادمةالحاجة التاسعة: بين الاستقلالية والاعتمادية
باسنت إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا