التغيير بعد الجواز بين الطبيعي والمرفوض

1534

حقيقة 1: الحب وحده لا يكفي

مرَّت الأيام وكبرنا، فأصبحنا طرفًا في علاقات طويلة الأمد، وصار لدينا شريك حياة جمع بيننا وبينه براح مُمتَد، مارسنا فيه أشد مُغامراتنا جنونًا ومجونًا، وزرعنا به مشاعرنا وأفكارنا، فأنبتت ورودًا وثمارًا وأطفالاً وذكريات.

ومع كل ذكرى خلقناها أو اختزناها، وأمام كل عثرة عَطَّلتنا أو أسقطتنا أرضًا، بجانب تفاصيل حياتنا الأخرى وتجاربنا الذاتية البحتة، أو تلك التي نتشاركها مع آخرين من دائرتنا الأكثر اتساعًا.. تتغيَّر الأشياء بداخلنا تباعًا، وتختلف نظرتنا للحياة، ومن ثَمَّ احتياجاتنا وأولوياتنا.

حقيقة 2: التغيير أمر لا مفر منه

تُعيد الحياة تشكيلنا ببطء، فنزداد نُضجًا وألمًا، ورُبما هدوءًا أو نفورًا، فنصرف نظرنا عما اعتدنا السكون إليه، فيما نكتشف مصادر جديدة للفَرح، وطُرقًا مُختلفة للوصول، وأناسًا آخرين يصلحون لشَغل خانة الملاذ والمُشتَكَى. حتى أننا نكاد نصبح بمرور العمر مَحض آخرين، لم نُشبههم يومًا، والأهم أننا لم نتوقَّع أبدًا أن نحذو حذوهم.

هنا تظهر فجوة عملاقة، قد تبتلع أشد العلاقات انسجامًا، يحدث ذلك سواء كان الذي تَغيَّر طرفًا واحدًا أو اثنين. ومع أن الطرفين عايشا ما دار بحياة بعضهما بعض، إلا أن حجم التغيير وتبعاته يحتاج وقتًا طويلاً لإدراكه والأهم للاعتراف به.

تعرفي على: المزلق الحميمي: ما فوائد المزلق وأضراره وطريقة استخدامه

حقيقة 3: لازم طوفان

مما يجعل الاختبار الحقيقي في كيفية اختيار الأزواج، التعامل مع التَغيُّرات. وفي حين أن الغالبية يُطالبون شركاءهم بالعودة لنُسختهم الأولى، فإن لم يفعلوا تحوَّلت العلاقة لساحة عتاب وتبادل اتهامات، ومن ثَمَّ إما الانفصال وإما السقوط في بئر الفتور. هناك قِلَّة أكثر نُضجًا يُحاولون تجاوز الهزيمة والبحث عن حلول.

إذا أردتم أن تكونوا ضمن الفئة الثانية، سبيلكم الوحيد هو إدراك التَغيُّرات مُسبَقًا، مما يسمح بالاستعداد لها، والأهم امتلاك القدرة على التفرقة بين التَغيُّرات المتوقَّعة التي يمُكن التعايش معها أو مُعالجتها، والخبيثة التي تؤشر لاقتراب النهاية.

وإليكم أهم التَغيُّرات:

1- الرغبة الجنسية:

وفقًا لآراء المُتخصصين فإن معظم الأزواج وخصوصًا أصحاب العلاقات الطويلة، يختبرون تَغَيُرات بالرغبة الجنسية، سواء بأن يريد أحدهم ممارسة الجنس أكثر، أو أن يتراجع ترتيب الجنس بقائمة الأولويات، وبالحالتين لا داعي للذعر.

الطبيعي:

مع التقدم بالعمر وتكرار ممارسة العلاقة الحميمة، تتكون خبرة جنسية، وتتغيَّر التفضيلات الجنسية للطرفين، ويحتاج البعض أساليب مختلفة للتحفيز. وبالتالي على العلاقة الحميمة بين الشريكين أن تكون مرنة بما يكفي لتبادل الآراء والتعليقات وإبداء الرغبات، ومن ثمَّ الانفتاح على تجارب جديدة.

خط أحمر:

إذا حدث توقف مُفاجئ عن ممارسة العلاقة الخاصة مع الشريك دون تواصل، هنا يصبح من الضروري اللجوء لمُتخصص على الفور.

2- الخصوصية:

إحدى ركائز العلاقات العاطفية الصحية هي أن يحظى كل شريك بوقت مستقل، وهو ما يغفل عنه الكثيرون، ظنًا منهم أن الرغبة بقضاء كل لحظة مع الحبيب هي المقياس للحُب.

الطبيعي:

أن يتغيِّر كَم الوقت الذي يحتاجه كل طرف بمفرده سواء بالزيادة أو النقصان، جدير بالذكر أن عدد الساعات التي يقضيها الشريكان معًا ليس مُهمًا بذاته، الأهم أن يظل الاثنان يأتنسان بعضهما ببعض، وأن يكون الوقت -ولو قَصر- إيجابيًا وباعثًا على السعادة، أو أقله غير مُسببًا للتعاسة.

خط أحمر:

أما السيئ فهو أن يفقد الشريك التعاطف مع الآخر، فيصبح أقل صبرًا وأكثر إهمالاً فيما يخص المشاعر، ذلك لأن المُحب بأكثر أوقاته ضيقًا يظل مُستعدًا للاستماع لشريكه والتعاطف معه. وحدوث العكس يجعل العاطفة مَحَل شك.

3- تحدي الصعاب:

الحياة لا تسير أبدًا على وتيرة واحدة

الطبيعي: أن تمر أي علاقة بصعوبات مختلفة تُصيبها بالتوتر أو تُهدد استقرارها من وقتٍ لآخر. مثل: المشكلات العائلية، فقد الوظيفة، الخلافات المادية، الخيانة… إلخ. وكلما كانت العلاقة صحية أمكن التفاوض بهدوء ونضج لإيجاد حلول مُرضية للطرفين.

خط أحمر:

لكن ما لا يُمكن اعتباره عاديًا هو لجوء الشريك لأسلوب “قلب الترابيزة”، وبدلاً من النقاش المنطقي يُسيء للآخر (لفظيًا، أو نفسيًا، أو عاطفيًا، أو جنسيًا، أو جسديًا، أو ماديًا) ويُحَمِّله المسؤولية كاملة لما آلت إليه العلاقة، فيما يُصَوِّر نفسه كضحية أو بأحسن الأحوال رَد فعل.. إذا كان شريكك يفعل ذلك فاعلم أنك طرف في علاقة سامة.

4- الصداقات والاهتمامات:

يتصوَّر البعض أن بعد مرحلة سنية معينة تثبت الاهتمامات، ويتوقف الأشخاص عن تكوين صداقات جديدة، وبقدر ما يبدو ذلك مُبشرًا للأزواج الذين يتشاركون الهوايات والعلاقات الاجتماعية، فإن هذا غير صحيح.

الطبيعي:

مع كل مرحلة تتغيَّر الصداقات، مرَّات مع التَنَقُّل بين الوظائف، وأخرى إثر تغيير المجال الوظيفي نفسه أو إنشاء مشروع شخصي، وهو ما يحدث أيضًا بعد الإنجاب، إذ يميل الأزواج للتعَرُّف إلى آباء وأمهات آخرين. وهو الأمر نفسه فيما يخص الاهتمامات التي تتبدَّل لتتسق مع أسلوب الحياة الجديد. وهو ما يُمكن اعتباره بمثابة نافذة جديدة تمنح الشريكين فرصة ذهبية لاستكشاف جوانب مُختلفة من العالم.

خط أحمر:

ومع مثل تلك التَغيُّرات، عادةً ما يبدأ الشريك في إبداء ملحوظاته باحترام ودون تَعَدٍّ على الحدود، فمتى شَرَع بالتقليل من شأن الأفكار والآراء التي يعتنقها الآخر وحاول التحكُّم بحياته مُخبرًا إياه كيف يجب عليه قضاء وقته، أو مَن عليه أن يُصادق، هنا تظهر علامة أخرى على العلاقة السامة التي تقتل الروح.

حقيقة 4: الجميع يُحبون الأُلفة ويرغبون بالاستقرار

بعد كل ما سبق قد يبدأ “السناجل” أو مَن هم في أول عهدهم بالارتباط بالتَخَوُّف مما ينتظرهم، فمن ذا الذي لا يُريد الاستقرار والاستكانة لحضن المألوف بدلاً من التَخَبُّط في بحر المجهول؟! لكن هكذا قُدِّر للعلاقات طويلة المدى أن تنمو وتتغيَّر صعودًا وهبوطًا، وكلما كان الشريكان ناضجان نجحا في تَخَطِّي العراقيل.

حقيقة أخيرة: السعادة في الرحلة

وفي نهاية المطاف، اختبار الشريكين لتجارب جديدة والانتصار على تَحديات بَدت لوهلة أقوى منهما، لن يلبث أن يُقَرِّب بينهما أكثر ويكشف معدن علاقتهما الحقيقي. وهذا هو ما تُبنى عليه العلاقات الجادة التي لا تُرَكِّز على السلبيات، وإنما الاستمتاع كثنائي بما تقتضيه الرحلة، مُكتفيان بشرف المحاولة للنجاة معًا وليس كل بفرده.

 

المصادر:

5 Normal Ways Relationships Change Over Time & 4 Ways That Aren’t Normal At All

https://www.bustle.com/p/5-normal-ways-relationships-change-over-time-4-ways-that-arent-normal-at-all-75798

 

المقالة السابقةما هو الأمان العاطفي وكيف نشعر بالأمان مع من نحب؟
المقالة القادمةالسلم والتعبان.. الخلطة السحرية للهروب من العلاقة
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا