بقلم: دعاء حسين
دعوني أبشركم.. الخريف على الأبواب، الصيف يلملم أشياءه ليرحل، ولكنه لم يرحل بعد. الحر يتراجع قليلاً ويترك مملكة الرطوبة والصهد، والشعور بالاحتراق لنسمات الهواء، التي بدأت تظهر على استحياء، بين الحين والآخر، ورغم روعة ألا نتصبب عرقًا، وأن نحظى بهواء منعش، وكذلك أن ندفع فواتير كهرباء أقل بعد إيقاف التكيفيات. فإن الأمر المؤسف الذي سيضايق الكثيرين، هو أن المصيف أيضًا انتهى.
فمع دخول شهري سبتمبر وأكتوبر يبدأ الجميع في الرحيل من الساحل ومطروح والإسكندرية كذلك، معلنين انتهاء موسم المصيف. ولكن الحقيقة أن الموسم لم ينتهِ بعد، والسفر للمصيف لن يتوقف الآن، لو أردتِ رأيي الخاص، فهذا هو الوقت الأفضل لتحظي بوقت ممتع للسياحة والمصيف.
الجو عندنا خريف طول السنة
تقول الأغنية الشهيرة لفرقة رضا: “الجو عندنا ربيع طول السنة”، ولكن الواقع أنه لو أردنا الدقة، فالفصل الأجمل في مصر هو الخريف، فالصيف حر ورطوبة، والشتاء أمطار وطين، والربيع سنقابل به وَحش الخماسين. لذا فالخريف هو الفصل الألطف، حيث الجو المُعتدل، فالحرارة والرطوبة قد رحلت، والبرد والأمطار لم تأتِ بعد. الشمس ما زالت في الأفق، ولكنها شمس لطيفة تحنو على البشرة وتمد جسدك بالمزيد من فيتامين د. لذا لو أردتِ المَصيف المميز، انتظري لهذين الشهرين، سبتمبر وأكتوبر لتستمتعي بجو مميز، ليس له مثيل في الشهور العشر الأخرى.
زحمة يا دُنيا زحمة
بسبب الالتزام بمواعيد الدراسة، والثقافة العامة المنتشرة بأن المصيف في شهري يوليو وأغسطس، نجد أن هذه الفترات من السنة في أغلب المصايف المعروفة -لهذه الفترة- شديدة الزحام، مع سعر شديد الارتفاع. ستجدين ذاتك قد أنفقتِ مبلغًا لا بأس به في المصيف، مقابل استمتاع أقل، فالشواطئ متكدسة، والخدمات منهكة، والمزارات مكتظة، وحتى النظافة ورونق الشوارع والأماكن السياحية ليس في أفضل حال.
عكس سبتمبر وأكتوبر، حيث يبدأ موسم جديد أقل تكدسًا وأقل سعرًا وأفضل متعة. أعتقد أنني قد أقنعتك بأن المصيف الحق لم ينتهِ بعد، بل -في الواقع- قد بدأ، ولكن دعيني كذلك أصحبك في جولة عن أجمل أماكن المصيف التي يمكنك السياحة بها في الأشهر القادمة.
من راح دهب.. عقله ذهب
غالبًا سمعتم هذه المقولة، التي يصف بها أهل دهب منطقتهم، فالحرارة في دهب في هذه الفترة تكون جيدة دافئة، والشمس ساطعة. دهب ذات الشواطئ والرمال الذهبية ليست المكان الأمثل للسباحة الشاطئية التقليدية، لكن هناك نشاطات كثيرة مميزة يمكنك القيام بها هناك.
- اغطسوا وشاهدوا الشعاب المرجانية والأسماك الاستثنائية هناك.
- سنروكلينج يعني دهب لن تذوقي متعته إلا هناك.
- الجبال وتسلقها والرحلات المثيرة بها ممتعة جدًا، وستشعرين أن الرحلة ليست رحلة واحدة، بل اثنتان: ماء وغطس، وتخييم وجبال.
- يمكنك ضرب عدة عصافير بحجر واحد، فرحلة دهب لا يجب أن تشمل دهب فقط، “دلعي نفسك” وعائلتك وزوري جزيرة فرعون وطابا، بل تستطيعين أيضًا الحجز في نويبع، لتحظي بتخييم ممتع جدًا ومناظر أجمل للجبال وخليج العقبة.
تعرفي على: كيف تشتري المايوة المناسب؟
الغردقة.. ابتعد عن قلب الصيف
كثيرون يخطئون، نظرًا لشهرة الغردقة، ويذهبون في موسم الصيف التقليدي. صدقيني لم يستمتعوا، فالحرارة هناك تبلغ أعلى معدلاتها في يوليو وأغسطس، والوقت الأمثل لها من منتصف سبتمبر وأكتوبر، وتمتد حتى رأس السنة، لتحظي بأكبر استمتاع ممكن هناك. الغردقة عكس دهب، يمكنك الاستمتاع بالشاطئ والسباحة، والأطفال أيضًا سيستمتعون بالألعاب المائية، وهناك شواطئ عامة بمبلغ بسيط عند الدخول، مثل شاطئ الفيروز أو شاطئ النادي الاجتماعي، أو إذا كان حجزك في فندق، ففي الأغلب له شاطئ خاص، بالإضافة إلى حمامات السباحة.
الغردقة أيضًا ستستمتعين هناك بالغوص، بالإضافة إلى زيارة جزر مثل الجفتون، أو مزارات مثل وادي الحمامات، ونصيحة إن كنتِ ستذهبين مع أسرتك وهناك أطفال أو كبار في السن، فالغردقة مناسبة جدًا في هذا التوقيت، أما إن كنتِ مع أصدقائك أو “كابلز” فدهب هي الخيار الأفضل.
اذهبي لتونس.. نعم تونس يا عزيزتي
بالتأكيد لا أنصحك في هذا المقال بالسفر إلى المغرب العربي -رغم متعة السفر لتونس المغرب العربي- ولكن ما أعنيه الآن هو قرية تونس بالفيوم. فرغم عدم اعتياد الفيوم كمكان للسياحة لدى أغلبنا، فإنها وجهة جديدة، ستستمعين بأيام لطيفة بها، خصوصًا إذا أردتِ السفر في شهر أكتوبر.
النشاطات في الفيوم منوعة، فمن اللعب والمرح في قرية تونس، حيث الفخار والألوان والفن، حتى شاطئ بحيرة قارون، والشلالات أيضًا جميلة جدًا، خصوصًا وهي في عز نظافتها وتألقها، قبل رحلات اليوم الواحد في الشتاء. الفنادق والبيوت السياحية هناك بسيطة ومبهرة، بتصميماتها والخامات المصنوعة منها، كذلك الاستمتاع بالأكل الفلاحي البلدي المصنوع يدويًا.
لذا إذا شعرتِ بالملل من المناطق المعتادة، فالفيوم وفنادق قرية تونس خصوصًا مزار رائع هذه الأيام، لتحظي بإجازة مختلفة، مليئة بالفن والتزحلق على الرمال، والشاطئ أيضًا سيكون له نصيب.
جربتي تروحي سيوة.. غالبا لأ
للأسف أغلب رحلاتنا أصبحت محصورة في الأماكن المشهورة فقط؛ الإسكندرية، الساحل، مطروح صيفًا، وشرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان شتاءً، لكن هناك أماكن أخرى ربما أقل شهرة، وتتمتع بجمال صافٍ وبكر، وجديد عليكِ، يجب أن تجربيه. سيوة تحتاج إلى رحلة في نهاية أكتوبر، عندما ينحسر الحر تمامًا، وربما بدايات نوفمبر كذلك، الميزة هناك إمكانية استمتاعك بأكثر من نوع سياحة في وقت واحد.
- سياحة شواطئ: حيث البحيرات هناك ممتعة، والتي يمكنكِ أن تغوصي بمائها الصافي المبهر، وكذلك زيارة العيون الكثيرة جدًا والمنوعة.
- سياحة آثار: حيث مبعد سي آمون، الذي جمع بين الآثار الفرعونية واليونانية معًا.
- سياحة جبال: فجبل الدكرور وجبل الموتى في انتظارك، وهي تحوي من القمم ما يسهل صعوده، ويتلاءم مع أسرة، أو ما يثير حماس الشباب بالمنافسة.
- سياحة علاجية: فلو كانت العناية بالأطفال والأسرة أثرت على “الدِسك” لديكِ، فيمكنك الحصول على دفن في الرمال الساخنة، لاستعادة نشاطك واستعادة عظامك قوتها مرة أخرى.
- سياحة بدوية: رحلات وتخييم وأكل بدوي، هذا هو التخصص الدائم هناك، والذي ستستمتعين به أشد استمتاع.
لذا فسيوة بالفعل خيار مميز، للتجديد وللحاق بآخر جزء في راحلة الصيف، قبل بدء الشتاء الحقيقي.
لو بتكرهي البرد اذهبي الآن سانت كاترين
اعتاد الجميع الذهاب إلى سانت كاترين في الشتاء، لمشاهدة الثلج، ولكن هناك كثيرون لا يتحملون البرد القارس، لذا فالذهاب إلى سانت كاترين الآن ملائم جدًا لهم، حيث الصباح الدافئ والليل ذي البرد الخفيف المحتمل. سانت كاترين في الأساس محمية طبيعية، لذا ستتمتعين بكل ما تتخيلي وجوده في محمية، بالإضافة إلى صعود الجبال، الذي يتراوح بين متوسط وشاق، لذا فسانت كاترين ليست وجهة ملائمة لأسرة ذات أطفال.
ستلائمك أنتِ وزوجك، أو مع أصدقائك “المطرقعين” ومحبي الاكتشاف والأدرينالين، فيمكنك الصعود لجبل كاترين نفسه، وجبل موسى، وزيارة قبر هارون، ودير سانت كاترين، وجبل الصفصافة، لتستمتعي بمغامرة حقيقة.
مرسى علم.. عودة للشواطئ الصافية
بعد ابتعادنا عن سياحة الشواطئ في الخيارات السابقة، نعود لها بقوة مع مرسى علم، حيث الشواطئ ذات المياه الفيروزية الصافية، التي ستسعدين بالوجود بها، وسيسعد أطفالك باللعب في رمالها البيضاء. مرسى علم تتميز بنشاطات كثيرة بجوار الشواطئ، مثل: حنكوراب، وخليج أبو دياب، وشاطئ القلعان، فهناك محمية وادي الجمال الشهيرة برحلتها المميزة، وكذلك زيارتك لمناجم الزمرد، فمن منا لا تريد زيارة منجم الزمرد.
هناك كذلك معابد وآثار -فالفراعنة منتشرين أكثر مما يبلغه تخيلنا- فهناك معبد الملك سيتي ومعبد رمسيس الثاني. وطبعًا زيارة الجزر ستكون نشاطًا محببًا جدًا، مثل: جزيرة شهاب الفستون، وجزيرة الروكي، وجزيرة الزبرجد. وبالطبع يشمل كل هذا على متعة خاصة، إذا كنتِ من هواة الغوص والشعب المرجانية، التي تشتهر بها مرسى علم.
الرومانسية وشهر العسل في الجونة وسهل حشيش
إن كنتِ عروسًا جديدة، وهذا أول مصيف لكِ، فأنتِ في حاجة لوجهة أكثر رومانسية وهدوءًا، أيضًا إن كان فرحك قريبًا وتبحثين عن مكان لشهر العسل، يصلح لشهري سبتمبر وأكتوبر، قبل رحيل الصيف وبداية الشتاء. فهناك أغلب النشاطات، سواء في سهل حشيش أو الجونة، والتي يمكنكِ تقسيم الإجازة بينهما، فالمسافة بينهما لا تتعدى 45 دقيقة بالسيارة. أغلب النشاطات هايكنج وتزلج وغوص، وتأجير يخوت في رحلات مبهرة، كذلك شواطئ جميلة وهادئة. يمكنك أيضًا ركوب الخيل أو لعب الجولف والاستمتاع بالطبيعة. فالوقت هناك بين النشاطات المائية والرياضات اللطيفة، والشواطئ والغوص والرحلات البحرية. بالطبع يمكن للأسر والأصدقاء أن يستمتعوا هناك، ولكن الجو العام أكثر ميلاً للرومانسية من باقي الأماكن التقليدية.
والآن لم يتأخر الوقت بعد، لو لم تكوني قد استمتعتِ بالمصيف حتى الآن، فما زال لديكِ خيارات عديدة، لتستمتعي وأسرتك وأصدقاؤك، ربما بشكل أكبر من المصايف التقليدية. دعيني أشجعك وأذكرك.. الصيف لم ينتهِ بعد.
مقال اكثر من رائع