ماذا لو فشل الريجيم؟!

808

كنت طوال عامين مضيا أظن أنني أعاني من شراهة الطعام، وشراهة الطعام تنقسم إلى قسمين، بوليميا Bolimea وبينجي Binge، الأولى يصحب الشراهة قيء بعد الأكل، وكنت أظنني مصابة بالنوع الثاني من الشراهة، حتى قرأت أخيرًا في إدمان الطعام، وعلمت أنني مصابة به.

 

ما الفرق بين الشراهة وإدمان الطعام؟

الشراهة هي تناول كمية كبيرة من الطعام في المطلق، بينما إدمان الطعام كما تشير آخر الأبحاث في هذا المجال، متعلقة بعدم مقاومة نوع واحد من أنواع الطعام، غالبًا ما يكون السكر أو الكربوهيدارت، لأنها تتحول داخل أجسامنا إلى سكريات، وهذا بسبب أن السكريات في الجسم تساهم في إفراز هرمون الدوبامين، وهو مسؤول إلى حد كبير عن إحساس الشخص بالمتعة، وهنا يتحول الطعام بالنسبة للشخص المدمن، من وقود للجسم أو حتى للمتعة، إلى اعتماد بيوكيميائي يسبب شعورًا بالراحة والسعادة.

 

بصفة شخصية، اكتشفت هذا الأمر بمحض الصدفة، فقد فشلت في إتباع كل الأنظمة الغذائية مهما كانت، فشلت في اقتطاع النشويات (تحديدًا الخبز والمعجنات) من يومي، لم أستطع أن أتبع نظامًا غذائيًا نباتيًا، أو نظام التخلص من السموم، حتى أنني أجريت عملية من عمليات المساعدة على خسارة الوزن، وبالفعل فقدت ما يقارب 25 كيلوجرامًا، ولكنني أعدتهم مرة أخرى في فترة وجيزة. 

 

لم تفلح أي من المحاولات لخسارة الوزن، وأحسست بالفشل والعجز والإحباط، ما الذي يحدث لي ولماذا لا أستطيع أن أنجح مثل باقي الأشخاص الذين يستطيعون خسارة الوزن عندما يريدون ذلك؟ ما الشيء المختلف عنهم؟ وفقط قبل أن أسلّم بأنني بالتأكيد شخصية كسولة ولا يعتمد عليها، قرأت وعلمت أنني غير مصابة بالشراهة كما كنت أظن، ولكنني مصابة بإدمان الطعام، إذًا كنت أعالج نفسي بطريقة خاطئة، لأن التشخيص كان خاطئًا.

 

لمدمني المخدرات والكحوليات برامج للتعافي تدعى برنامج الـ12 خطوة، كذلك مدمني الطعام لهم برنامج مكوّن من 12 خطوة في سبيل التعافي، تتمثل بداية الخطوات فيما يلي:

 

الاعتراف.. أي علاج لأي مرض يكمن في أمرين، أولهما تشخيص المرض، وثانيهما في الأمراض النفسية الاعتراف بالمرض. في حالة الإدمان على الطعام يجب في البداية تشخيص أن الأمر إدمان وليس شراهة، وثانيهما الاعتراف به.

الاعتراف بإدمان الطعام ليس بالأمر الهيّن كما يبدو، فالكثير من المرضى يظنون أنهم مجرد يحبون الطعام لا أكثر، وأنهم يستطيعون التحكم لكنهم فقط لا يريدون ذلك. والاعتراف بالمرض له خطوات أيضًا، فللاعتراف به يجب أن تسأل نفسك بعض الأسئلة:

 

1- هل المشكلات مع الطعام تذهب من سيئ لأسوأ، أم أنها أحيانًا تتحسن؟

2- هل استطعت اتِّباع كل أنظمة الحمية الغذائية التي قمت بها سابقًا بحذافيرها؟

3- هل هناك نوع معيّن من الطعام لا تستطيع الاستغناء عنه؟

هذه الاسئلة الثلاث بالرغم من بساطتها، ستجعل عينيك تتفتحان على الحقائق، وأنك لا حول لك ولا قوة فيما يتعلق بالطعام، وأنه حين يأتي الأمر للطعام فإنك لا تستطيع السيطرة على حياتك. تجعلك هذه المعرفة مؤهلاً للعلاج. هذه الخطوة ليست هيّنة كما يبدو، فهناك بعض الأشخاص قد يظلون في هذه الخطوة لسنوات، إما إيمانًا منهم أنهم غير مدمنين وأنهم يستطيعون التوقف في أي وقت، هم فقط لا يريدون ذلك، وإما عدم استعدادهم للتخلي عن هذا الإدمان في حياتهم.

 

باقي الخطوات كما استطعت الوصول إليها، تتمثل في أن بعد الاعتراف بالإدمان يجب مصارحة النفس بأن هذا الأمر يدمّر حياتك، لذا عليك الاستمرار في سؤال نفسك المزيد من الاسئلة.

 

1- ما هو نوع الطعام الذي لا تستطيع الاستغناء عنه؟ يجب أن تكون الإجابة تفصيلية.

2- كيف تظن أنك لا تستطيع التحكم في حياتك بسبب الطعام؟ يجب أن تكون الإجابة تفصيلية.

3- اذكر سلوكك الغذائي تفصيليًا. متى تأكل بشراهة؟ وما نوع الطعام الذي تتجه له؟

4- اذكر 30 موقفًا أثَّر فيها إدمان الطعام على حياتك بشكل سلبي، سواء بالطريقة البدنية أو النفسية أو العاطفية.

5- اذكر 15 موقفًا وجدت نفسك بلا حول ولا قوة أمام الطعام.

6- اذكر كل الأنظمة الغذائية ومحاولات إنقاص الوزن التي فشلت بها.

 

تأتي بعد ذلك خطوة مهمة للغاية. بعد الاعتراف بالمرض التسليم بأنك لا حول لك ولا قوة أمام الطعام، عليك بالإيمان بأنك لن تستطيع علاج نفسك، ولكن هناك قِوَى أكبر منك ستساعدك للتخلص منه، الإيمان بالله وأنه سيقف بجانبك، طلب الدعم من المحيطين. والذهاب للطبيب النفسي، من الأمور المهمة التي يجب عليك القيام بها. عليك أن تؤمن أن هناك “تبطيل”، ولكنك لن تستطيع القيام به بنفسك، كل محاولاتك للذهاب إلى طبيب تغذية أو محاولة إتباع حميات غذائية ستفشل كسوابقها، هذا طريق عليك أن تسيره مع آخرين، والسير فيه بمفردك، لن يؤدي إلى مكان، بل سيجعلك تدور في نفس الدوائر مرارًا وتكرارًا.

 

رغم أن برنامج الــ12 خطوة غير موجود بالكامل على الشبكة العنكبوتية، فقد استطعت أن أجد ملخصًا لأول خطوتين، قد تكون بداية أو حافز للسير في هذا الطريق، وعندها يمكنك الذهاب إلى الطبيب النفسي وأنت تعلم ما هو مرضك. ففي الواقع، إدمان الطعام هو أمر مكتشف حديثًا نسبيًا، ومن الممكن ألا يستنتجه طبيبك النفسي من نفسه، فإن كان في أمريكا والدول المتقدمة غير منتشر علاجه بكثرة، فمن النادر أن يشخصك به طبيبك النفسي من تلقاء نفسه.

 

لذا إن ذهبت للطبيب النفسي وأخبرته أنك تعاني من إدمان الطعام، ربما يبدأ في علاجك بنفس طريقة علاج إدمان المخدرات أو الكحوليات، هو فقط يختلف في بعض التفاصيل. الأمر الملفت الذي وجدته بخصوص هذا النوع من الإدمان، أنه غالبًا ما يحدث بسبب أمرين، الأول هو في حالة محاولات التعافي من إدمان الكحول أو السجائر، عندها يلجأ المريض دون وعي منه إلى استبدالهم بالطعام لإعطائه نفس الشعور، دون أن يعرف أنه بهذا ينتقل إلى نوع آخر من الإدمان.

 

الأمر الثاني هو تعرض الشخص لصدمة، صدمة نفسية قد تبدو للآخرين هيّنة وبسيطة، ولكنك استقبلتها بطريقة عنيفة، أدت إلى تفريغ الانفعالات في الطعام، وإيجاد الراحة في نوع معين من الطعام، ترتبط به نفسيًا ولا تستطيع أن تتخلى عنه حتى لو أقنعت نفسك بالعكس. لذا عند ذهابك للطبيب النفسي، لا تجعله يحاول أن يحلل لك صدمتك النفسية أو يحاول حلها، بل يجب الإصرار على معالجتك من الإدمان، فعندما يذهب مدمن مخدرات أو كحوليات لا يحاولون الغوص في ماضيه قدر محاولاتهم علاج حالة الإدمان لديه، يجب أن تعلم أن هذا حقك في العلاج والذي يجب أن تحصل عليه.

 

في النهاية ما أريد قوله: مرض إدمان الطعام موجود ومعترف به، إن كنت تعاني منه فعليك أن تعلم أنك شخص غير كسول، بل أنت مجرد شخص مريض في حاجة إلى المساعدة الطبية، لا تلُم نفسك، اعترف بمرضك، سلّم للأمر، واعلم علم اليقين أن هناك “تبطيل”، فقط عليك ألا تقوم بالأمر منفردًا، وأن تطلبه من المتخصصين كي يستطيعون تقديم المساعدة الصحيحة لك.

 

المصادر: 

1

2

المقالة السابقةالسينما المصرية وما أغلقته من أبواب التعافي
المقالة القادمةخطورة إدمان العمل على الاستمتاع بحياتك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا