لسنا أميرات ديزني

1984

نظرًا لارتفاع معدلات الطلاق في هذه الأيام، فأنا لا أقولها سخرية، بل أقولها من باب الواقع الذي نعيشه.. “لسنا أميرات ديزني”. في الواقع أنا أمقت أميرات ديزني القديمة، لأنها أبعد ما يكون عن الواقع، وأجهل تمامًا ما الرسالة التي كان ينوي كاتب القصص بعثها للجيل المنكوب. ربما كانت مناسبة في مطلع الخمسينيات، حيث تم إصدار فيلم “سندريلا” في ذلك الوقت، لكنها بالتأكيد ليست مناسبة الآن.

قديمًا كانت أميرات ديزني أقرب للمثالية، بريئة ومهذبة ورقيقة، هي أيضًا رشيقة وفساتينها برَّاقة ذات ألوان زاهية تضفي لهن مزيدًا من الأنوثة. أظن أن الرسالة التي تبعثها “سندريلا” و”سنو وايت” ومن على شاكلتهما ما هي إلا رسالة مشوَّهة لأنثى لن تستطيع الصمود في مثل مجتمعنا اليوم.

مولان وفيونا وإلسا

يبدو أن شركة ديزني قد فطنت لذلك، فقررت أن تأتي بنموذج يستطيع الصمود، فقامت برسم البطلة المحاربة “مولان” التي ساعدت الجيش الصيني في التغلب على عدوه، في وقت لم تكن الفتيات يخرجن من بيوتهن ويُوَجَّهن للزواج بشتى الطرق. والأميرة “فيونا” مشوهة الشكل الممتلئة الجسد التي قبلت شريكها على عِلاته كما قبِلَها هو دون شروط، ليس هذا فقط، بل تم الإشارة إلى غريزة الأم لديها بعد عدة أجزاء، وتسليط الضوء على الخلافات الزوجية باعتبارها أمرًا طبيعيًا.

أما عن “إلسا” و”آنا” فهما مثال لعلاقة أخوية يحدث ما يحدث فيها من خلاف وتعوّد إلى مجراها مع الوقت، ولأن “إلسا” خافت من قدراتها ولم تستطع مواجهة الأمور الصعبة فقد تسببت في كثير من المشكلات، لم يكن لها أن تتغلب عليها إلا بمواجهة خوفها. و”آنا” أحبت شخصًا لا تعرف عنه شيئًا، وتركت رفيقها في المغامرة، ولم تلتفت إليه إلا بعد خيانة حبيبها لها.

أليس هذا بواقع؟

لا يمكن أن نتحدث عن الفتاة الطموحة الجريئة العنيدة المحبة للحياة دون ذكر “أيب” التي تعرضت لضغط من أبيها بدافع الحب، لكنها استطاعت بذكاء أن تلمس نور الحرية دون أن تفقد حب أبيها. “ميريدا” ذات الشعر الأصهب الغجري المتمرد، هذه الفتاة خصوصًا تمثل واقع مشكلات الأمهات مع الفتيات، هي ذاتها تخبر أمها أنها ليست أميرة من أميرات ديزني، كان الحل هو تنازل كلا الطرفين للوصول إلى حلول وسط بينهما.

عودة للواقع

الواقع أن الشباب المقبل على الزواج يرسم أوهامًا وردية بأنه الأمير الذي سيقابل إحدى هؤلاء الأميرات الجميلات المثاليات، وتتحطم أحلامه عند أول مرسى. زاد الأمر تشوهًا عندما تم استخدام الفتيات الجميلات -ولا أعلم من الذي وضع مقياس الجمال هذا- كعارضات للأزياء ومادة أساسية يمكن الاعتماد عليها في الترويج للبضائع، وخصوصًا عندما تخص هذه البضائع الرجال على وجه التحديد. لماذا يظن البعض أننا عرائس ماريونيت يمكن وضعها في قوالب، وكل قالب يناسب نوعًا معينًا من الذكور؟

عرائس ماريونيت

لسنا عرائس ماريونيت. نحن فتيات عاديات، ما يميزنا أننا نحيا الواقع بعيدًا عن المؤثرات الضوئية والفوتوشوب وعمليات التجميل. نحن نتحمل عبء نظرتكم الذكورية المشوهة لنا، وانحرافية التفكير السطحي في عقولكم، ونقبل أيضًا بكونكم بشر أبعد ما يكون عن المثالية. ليس من العدل أن نحمل مثل هذا العبء في مجتمع ذكوري كمجتمعنا، بنى نظرته السطحية من خلال شخصية سي السيد. مجتمع حوّل كل ما تقوم به المرأة تفضُّلاً إلى واجب، كما تتحول العبادات إلى عادات.

ولهذا ما يجب أن نُعلِّمه للفتيات أنهن من الممكن أن يُخطئن، لكن الأهم أن يتعلمن من أخطائهن، وأن الفتاة ليست فستانًا جميلاً وعصاة سحرية، بل هي أعمق وأكبر من ذلك. أما عن الفتيان فعلينا أن نغرس في عقولهم صورًا حقيقية عن الفتيات، والتشويش على البث الممنهج لتشويه الصورة الحقيقية بصور مثالية غير واقعية، بكل ما أوتينا من قوة، لعلنا ننقذ جيلاً قادمًا من هذا التشوه.

المقالة السابقة3 وصفات لكارهي السبانخ
المقالة القادمةكيف تواجهين شبح إنترفيو Kg1

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا