الكتب في حياتنا مثل الأشخاص، بعضهم يترك أثرًا فينا والبعض الآخر يمر مرور الكرام، البعض قد يتعبنا لأنه يخبرنا بأشياء قاسية، لكن كان لا بد لنا أن نختبرها في طريقنا للنضوج، والبعض قد لا يقول إلا القليل جدًا ليترك مساحات فارغة لنكملها نحن، والبعض قد يخلو من المعاني المعقدة لكنه يترك لنا متعة وبهجة وربما ضحكة نتذكره بها بكل امتنان.
وفي موسم حب الكتب، أو في قول آخر بداية معرض الكتاب السنوي الذي ينتظره عشاق الكتب، يظل لدينا اختيارات عديدة لكتب جديدة، نفتح لها الباب للوصول إلينا بإرادتنا، نفتح لها عقولنا وقلوبنا لاستقبال أشياء ومعانٍ نتلهف لها.. أو قد لا نتوقعها.
وبما أنني لا أستطع التنبؤ بالغيب، وبالتالي إعطاء ترشيحات بأفضل الكتب الجديدة التي ستصدر في المعرض القادم، فإنني سوف أقدم بعض الكتب القديمة التي أحمل لها ودًا، ولي فيها أمل وعشم أن تعجبكم أيضًا.
هي كتب لم تصدر في العام الحالي، لكنها غالبًا ما ستكون كلها أو بعضها متوافرة في المعرض الذي سيفتح أبوابه لمحبي القراءة بعد أيام قليلة.. أعرضها عليكم بلا ترتيب محدد وأترك لكم الاختيار من بينها، أو اختيارها كلها وتوزيعها ربما على شهور العام الجديد بمعدل كتاب لكل شهر.
1- شرف
رواية لصنع الله إبراهيم، صدرت عن دار الهلال في عام 1997، من الكتب التي آلمتني كثيرًا، لكن كان من الصعب تركها إلا مع كلمة النهاية، في الواقع هي عمل أدبي أكثر تعقيدًا من مجرد رواية، فجزء منها رواية من وراء أسوار السجن بعالمه السري، والجزء الثاني عبارة عن مسرحية عن أحوال مصر خلال عدة عقود، أما الجزء الأخير فهو أشبه بدراسة عن صناعة الدواء العالمية بكل تفاصيلها المخيفة. الكتاب هو مزيج إبداعي لكل هذه الخطوط مجتمعة، لكنه يصب في معنى واحد وهو القهر.
2- حجرتان وصالة
رواية لإبراهيم أصلان، صدرت في 2010 عن دار الشروق، رواية رقيقة عن زوجين على مشارف نهاية الرحلة، يعيشان تفاصيل الحياة البسيطة جدًا على أمل أن يحدث لهما شيء جديد لا يحدث أبدًا، أو ربما في انتظار الموت الذي يختار بعض الأصدقاء، لكنه سيختارهما أيضًا بالضرورة في يوم من الأيام.
3- قواعد العشق الأربعون
رواية لإليف شافاق الكاتبة التركية الشهيرة، صدرت في عام 2010، من فرط الحديث عنها من كل من حولي تصورتها رواية مبتذلة في معانيها، لكنني غيرت رأيي بعدما رشحتها لي صديقة أثق في رأيها. الرواية عن امرأة أمريكية على مشارف الأربعين، تقرأ مصادفة نصًا أدبيًا عن جلال الدين الرومي، فيدخلها عالم الصوفية السحري، كما يدخلها أيضًا في مغامرة عاطفية لم تكن تتوقعها.
4- عناق عند جسر بروكلين
رواية للكاتب عز الدين شكري فشير، صدرت في 2011 عن دار العين. الكتاب تسيطر على أجوائه فكرتا الوحدة والغربة بتنويعات مختلفة، يسرد حكايات متنوعة لشخوص أغلبهم ذوي أصول عربية، ومشاعرهم تجاه الولايات المتحدة كوطن ثانٍ يحبونه أو يكرهونه، نهاية الرواية حزينة نوعًا ما، لكنها منطقية للغاية.
5- ساق البامبو
هي الرواية الحاصلة على جائزة البوكر العربية في عام 2013، وقد صدرت طبعتها الأولى في العام السابق عن الدار العربية للعلوم ناشرون. الرواية للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، رواية مؤلمة لكنها تنير الطريق أمام من يقرؤها، فهي تناقش فلسفة الأديان، كما تتناول فكرة الهوية المزدوجة والحيرة التي تولدها لدى صاحبها، وتكشف الكثير من عورات المجتمع الكويتي.
6- سارة
رواية لعباس محمود العقاد، تنبع أهميتها من كونها الرواية الوحيدة التي كتبها العقاد من بين مؤلفاته المتنوعة، صدرت عن دار المعارف في عام 1938، ولها طبعات لاحقة أيضًا، يقال إنها قصة حقيقية عن تجربة حب مؤلمة مر بها الكاتب الكبير -عدو المرأة- في شبابه. ما يجعلها مؤلمة هي مشاعر الغيرة التي حملها بطل الرواية، والتي لا نعرف على وجه اليقين إن كانت ذات دوافع حقيقية، أم أن خيانة محبوبته له كانت مجرد وهم في ذهنه أقنع هو نفسه به وأقنعنا معه.
الرواية تشعرك بالمعاناة التي يعيشها الإنسان إذا ما أوقعه قدره في قصة حب محاطة بالهواجس والشكوك. لغة الكتاب نفسه جزء من المعاناة، فأسلوب الكاتب لا يوصل المعنى بأقصر الطرق، بل أكثرها تعقيدًا، وربما كان ذلك مقصودًا، أو على الأقل هو ملائم للمشاعر المعقدة السائدة في الرواية.
7- عَوْدٌ على بِدْء
رواية لإبراهيم عبد القادر المازني صدرت عام 1943، كما أعادت مكتبة مصر طبعها في عام 1986، رواية قديمة لكنها طريفة، يمكن أن نعتبرها نوعًا من الأدب الساخر، شيقة وبسيطة وممتعة للغاية تصلح لأعمار مختلفة، يمكنك من خلالها أن تعرف كيف كان يستخدم الأدباء اللغة العربية في فترة الأربعينيات من القرن السابق.
8- سجن العمر
كتاب لتوفيق الحكيم، صدر عام 1964، وأعيد نشره فيما بعد، وهو سيرة ذاتية للمفكر الكبير، تتناول جوانب عديدة من تجربته الحياتية، ممتع في قراءته، وأجمل ما فيه عنوانه، فبيئة الإنسان والملابسات المحيطة بمولده ونشأته قد تكون بمثابة سجنًا أحيانًا، لا يستطيع أن يغير كثيرًا من تفاصيلها، لكن هل يا ترى يستطيع أن يتحرر منها ولو بعد حين؟
9- رحيق العمر
إذا كان الحكيم قد اختار السجن للتعبير عن ظروف الإنسان التي تخلق شخصيته ولا يمكنه الفكاك منها كعنوان لسيرته الذاتية، فإن جلال أمين قد اختار تعبير “الرحيق” ليقدم لنا خلاصة تجربته. الكتاب مهم وممتع جدًا عن سيرة المفكر الكبير من نشأته داخل أسرته الصغيرة وتجربته في السفر خارج مصر بما لاقاه من نقلة حضارية، ويشمل أيضًا بعض آرائه في الموسيقى وموضوعات أخرى متنوعة. الكتاب صدر في عام 2010 عن دار الشروق.
10- البيت والنخلة
رواية من تأليف عفاف طبالة، صدرت عن دار نهضة مصر عام 2011، وهي رواية ملهمة عن جدة ريفية فقيرة تبذل جهدًا خارقًا من أجل تعليم حفيدها الصغير وإلحاقه بالمدرسة رغم الصعوبات، لكن لأن العزيمة موجودة فكل شيء في الكون يسير لصالح السيدة العجوز وأهدافها النبيلة.
هي رواية مناسبة لكل الأعمار، وغالبًا هي مكتوبة لفئة الطفولة المتأخرة والمراهقين في الأساس، لكنها ممتعة للكبار أيضًا. بالنسبة لي ما يميزها أنها رواية عندما تنتهي من قراءتها فإنك ستصبح شخصًا أفضل مما كنت عليه من قبل.
11- مزرعة الحيوانات
كتبها جورج أورويل ونشرت في إنجلترا عام 1945، وصدرت في طبعات مختلفة بعدد من اللغات منها اللغة العربية. هي قصة عن مجموعة من الحيوانات، لكنها ذات أبعاد اجتماعية وسياسية لن تخفى عليك فور قراءتها. اختيرت من قبل مجلة التايم الأمريكية من ضمن أفضل 100 رواية صادرة باللغة الإنجليزية.
12- حقيبة كبيرة من الهموم
الكتاب صدر في المملكة المتحدة، وهو قصة فيرجينيا آيرنسايد ورسوم فرانك رودجرز. نسخته العربية صدرت عن دار البلسم في القاهرة. هو كتاب أطفال في المقام الأول، لكنني في حالة الكتب الجميلة لا أعترف بسن محدد للمتلقي، فكتاب الأطفال الجيد هو كتاب جيد للكبار أيضًا. الكتاب بسيط ورسومه رائعة. يتحدث عن القلق الذي يصيب الإنسان فيصبح عبئًا كبيرًا كالحقيبة التي تثقل كاهله، بينما لو قام بتحليله وتفتيته لاستطاع أن يسيطر عليه ويغلبه، أو على الأقل يزيحه جانبًا كي يستطيع العيش بسلام.. ولو نسبي.
