محمد خان.. خرج ولم يعد

562

(1)

صحيت الصبح أتصفح الأخبار كالعادة، لقيت حد مشيّر صورة لمحمد خان وبيقول إنه مات، مباشرة مخي استرجع صورته في فيلم “بيبو وبشير” وهو بيغمز وبيبتسم، حسيت إنه أكيد مماتش، شوية سكرول داون لقيت كل المواقع بتأكد الخبر، بس حتى لما اتأكدت إنه رحل، معرفتش غير أبتسم، مزعلتش ومش فاهمة ليه مزعلتش.

 

(2)

أنا مش قاهرية الأصل، فالمترو بالنسبة لي بيتلخص في فيلم “بنات وسط البلد”، لما عرفت إن تذكرة المترو سعرها هيزيد مفكرتش في حاجة غير في البنات اللي بيركبوا المترو كل يوم وهمّ رايحين الشغل، وبقعد أفكر بيقبضوا كام وبيركبوا المترو بكام، هيتزنقوا أوي لما المترو سعره يتضاعف تلات مرات، كده مرتبهم مش هيكفي، طب هيعرفوا يقعدوا ياكلوا آيس كريم في البريك بتاع الشغل بعد زيادة سعر التذكرة ولا مش هيقدروا؟

 

(3)

مرة اتخانقت مع واحدة صاحبتي، فاكرة إنها بعتتلي رسالة ع الموبايل مكتوب فيها “اتنين اتنين.. أصحاب أصحاب.. يتخانقوا ساعات.. يتصالحوا ساعات”، ودي تقريبًا كانت أفضل حاجة ممكن تتقال في الموقف دة وتنهيه من غير خساير.

 

(4)

أول مرة أمشي في شوارع مصر الجديدة كانت من حوالي سنة، فجأة وقفت وبصيت حواليا مستنية أشوف “يحيى” بيتخانق مع الولد اللي عاكس “نجوى”، كنت ماشية على نفس الرصيف في الكوربة، حسيت إني مش غريبة عن كل الجمال ده، وكل مرة بتأخر فيها ع القطر وأنا رايحة إسكندرية وبجري على رصيف المحطة بلاقي نفسي تلقائيًا بردد “0125136240” وببقى –تقريبًا- متأكدة إني لو فضلت أرددها كتير هلحق القطر.. وبلحقه.

 

(5)

واحدة صاحبتي على فيسبوك علاقتي بيها مش قوية، لما خلفت سألتها سمت ابنها إيه، قالتلي “يحيى” رديت عليها “والله كانت فرصة سعيدة خالص يا أستاذ يحيى”، ردت عليّ “أنا أصلاً سميته على اسم يحيى بتاع شقة مصر الجديدة”.

 

(6)

في 2013 اشتغلت لمدة شهر موظفة في مصنع ملابس، كنت مسؤولة عن توظيف البنات اللي بيشتغلوا على ماكينات الخياطة، بعدها بسنة كنت قاعدة في صالة السينما متنحة ومندهشة، وبدور على نفسي ماشية في خلفية الكادرات في فيلم “فتاة المصنع”.

 

(7)

وأنا صغيرة كنت بحب أوي طبق البيض المقلي اللي في فيلم “خرج ولم يعد”، وكنت فاكرة إني لما أكبر وأتجوز هيبقى عندي جارة زي “زيزي مصطفى” في فيلم “زوجة رجل مهم”، والغريب إني في كل مرة كنت بشوف فيها فيلم “موعد على العشاء” بيبقى نفسي آكل مسقعة بالبشاميل.

 

تفاصيل تفاصيل نفاصيل، كل أفلام محمد خان كانت مليانة تفاصيل، تفاصيل خلته قريب من البنات والستات، كان الراجل الوحيد اللي قرر إنه يشوف الستات من جواهم، يحكي حكاويهم من وجهة نظرهم، مش من وجهة نظر الناس، كل البنات في أفلام محمد خان بنات طيبين، غلابة بالمعنى الدارج، بس كلهم أقويا، طول الوقت كان بينتصر للبنات اللي في الشارع، حتى “منى” في زوجة رجل مهم كانت قوية ومستسلمتش لجنون “هشام”.

 

معظم أفلام محمد خان كانت الصورة فيها حلوة أوي، حتى فيلم “قبل زحمة الصيف” واللي شفته من كام يوم ومعجبنيش، مقدرتش مشوفش قد إيه الصورة فيه كانت حلوة، إزاي كان بيدي براح كبير للي بيشوف الفيلم، بيريح عينيه المجهدة من قبح الواقع، تقدر تشوف البراح ده بسهولة في مشهد النهاية في فيلم “أحلام هند وكاميليا”، النهاية اللي كانت سعيدة رغم كل شيء.

 

مش حاسة إن رحيل محمد خان المفروض يكون شيء محزن، بالعكس، الراجل ده كان مبهج أوي، مبهج لدرجة إنه مش هيكون مبسوط لو الناس زعلت عليه، هو مشي بعد ما حقق اللي هو عاوزه، وخد الجنسية المصرية وهو عمره واحد وسبعين سنة، شيء مبهج إن حد يفضل يحارب لحد ما يوصل للسن ده، المبهج أكتر إنه كان بيحارب عشان الجنسية وهو مش محتاجها في حاجة، مكانتش هتزوده يعني، بس هو كان عايز يثبت إنه مصري، وأثبت ده وكان مبسوط.

 

محمد خان مماتش أوي، هو بس خرج ولم يعد.

المقالة السابقةصغيرة ع الأكل
المقالة القادمةعن ذوي متلازمة داون (2): تعلمت أن أرى
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا