في وداع القديس الشهيد.. آلان ريكمان

702

يقولون إنه وجه الشر في السينما البريطانية، وإنه أكثر من أبدع في أداء دور الشرير على شاشاتها، أما أنا فأسميه “القديس الشهيد ذو الرداء الأسود.. آلان ريكمان”.

 

بدأت علاقتي بآلان ريكمان -شأن الكثير من المشاهدين- عبر شخصية “سيفروس سناب” التي أداها في سلسلة “هاري بوتر”، وهذا ما شجعني لأشاهد له أكثر من عمل، كان أهمها وأكثرها أثرًا في نفسي فيلميّ Sense and Sensibility وA Promise.

 

في Sense and Sensibility يقوم آلان ريكمان بدور الكولونيل “براندون” الذي يحب “ماريان داشوود” بصمت. يظل بجوارها راعيًا أمنها حاميًا لها من الخيانة والخذلان، حتى تقع في حبه وتتزوجه في النهاية.

 

أما في A Promise فهو السيد “كارل هوفمايتسر” الذي يحب فتاة أصغر منه وأفقر منه ويعلم أنها لا تحبه. لكنها توافق على الزواج به حتى يكون لها حاميًا وظلاً.

فيتزوجها فقط لحمايتها، حتى تقع في حب شخص آخر.. وتتوالى الأحداث.

 

واليوم أنا لن أتحدث أكثر من ذلك عن كولونيل “براندون” أو السيد “كارل هوفمايستر”. ولكن حديثي كله عن البروفيسير “سيفروس سناب”.

 

يقولون إن من يقرأ كتابًا يتخيله بالكامل، وإن مشاهدة فيلم لا تطغى أبدًا على مخيلة القارئ. لكن قراء “هاري بوتر” يعرفون تمامًا كيف استطاع آلان ريكمان أن يكون بروفيسور “سيفروس سناب”.

 

المشاعر المكبوتة خلف نظرات العين الباردة. العباءة السوداء التي تضم قلبًا شهيدًا. الشعر الأملس المنسدل على وجه معذب. الصوت المعدني القاسي بينما يرق ويلين ويردد Always. الكراهية الباردة لابن “جيمس بوتر” بينما تمتزج بالحب اللا نهائي لابن “ليلي إيفانز”. النظرة الخالية من أي تعبيرات أثناء إلقاء تعويذة قتل “دمبلدور” والتي أخفت قلبًا ممزقًا وملوثًا بالحب لآخر قطرة. كل هذا لم يكن باستطاعة أي من ممثلي العالم أدائه كما أدّاه آلان ريكمان.

 

كتبت رولينج الشخصية وأداها ريكمان أداءً أسطوريًا خلّد صورته في قلوب الملايين الذين شاهدوا السلسلة، حتى أن معجبي ومحبي السلسلة حينما رسموا مشاهد منها لم يرسموا “سيفروس سناب” كما يتخيلونه، وإنما رسموا آلان ريكمان كما أحبوه.

 

تخيلوه طفلاً يدخل “هوجوورتس” للمرة الأولى بصحبة “ليلي”.

 

صورة 1

 

تخيلوه صبيًا في “سليذرين” قلبه معلق بفتاة “جريفندور” ذات الشعر الأحمر، بينما عصابة “المارودر” تراقب العلاقة التي تبدو للجميع غريبة.

 

صورة 2

 

تخيلوه معلقًا بعد تعويذة “جيمس بوتر” الشريرة.

 

صورة 3

 

تخيلوا آلان ريكمان في مواقف مر بها “سيفروس سناب” ولم تروِها رولينج، لكن خلقها الحب العارم لآلان ولـ”سناب” في الوقت نفسه.

تخيلوا قلبه وهو يتحول لرماد في صحبة آكلي الموت.

 

صورة 4

 

تخيلوه يهرع لـ”دمبلدور” بعد أن قرر “فولدموت” قتل “ليلي ليتوسل”.

Hide them all

Keep her – them – safe

 

صورة 5

 

تخيلوه بعد وفاة “ليلي” يحول الـ”باتروناس” الخاص به لـ”باتروناس” “ليلي” الظبية الفضية، ليحتمي بها من الفقد والوحدة.

 

صورة 6

 

تخيلوه يصادق حيوان الثيسترال بعد أن ماتت عزيزته “ليلي”.

 

صورة 7

 

تخيلوه يقضي الساعات أمام مرآة أريستيد ينظرلصورة “ليلي”، أعمق أمنية تمناها قلبه وعاش بحسرة فقدها حتى يومه الأخير الذي قضاه مخلصًا لها.

صورة 8

 

تخيلوه يسرق الورقة التي تحمل توقيع “ليلي” وحبها من غرفة “سيريوس بلاك”.

 

صورة 9

 

تخيلوه يقضي الساعات بمنزله “باسبنر إند” وابتسامة سعادة ونشوة صغيرة ترتسم على شفتيه، لامتلاكه قطعة ورق موجهة لشخص آخر، لكنها في النهاية تحمل حب “ليلي”.

 

صورة 10

 

تخيلوه بعد أن مات شهيدًا تحيط به زهور الـLilly التي تحمل اسمها وعطرها.

 

صورة 11

 

صورة “سيفروس سناب” التي عشقها كل من قرأ السلسلة أو شاهد مجموعة الأفلام لم تكن لتترسخ في الأذهان بهذه القوة دون أداء آلان ريكمان المبهر للشخصية، والتي جعلنا نكرهها ونحبها ونشفق عليها في نفس الوقت.

 

في النهاية لا أجد ما أرثي به آلان ريكمان إلا ما قاله هو نفسه:

“عندما أبلغ الثمانين من عمري وأجلس على مقعدي الهزاز لأقرأ هاري بوتر، وتسألني عائلتي: حتى بعد كل هذا الوقت؟! سوف أجيبهم: دائمًا”.

 

بلى يا آلان.. دائمًا.

Always.

 

 

 

 

المقالة السابقةالمشهد المتكرر
المقالة القادمةالمفضوح

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا