رسايل.. البحث عن معنى الحياة

1169

 

 

بقلم/ حنان بركات

“البداية.. أي بداية بيكون لها سحر، مليانة شغف وفضول ورغبة في الاكتشاف،

زي بداية الحب، وبداية طريق السفر، وبداية حدوتة طويلة من لحظة الميلاد للحظة الرحيل”.

 

دي كانت الجملة الافتتاحية من مسلسل “رسايل” اللي بتقوم ببطولته مي عز الدين في دور “هالة”، والمسلسل رحلة بتحاول فيها “هالة” اكتشاف معنى الرسايل اللي بتجيلها في الأحلام والإشارات الدائمة حواليها، وده حصل بعد تعرضها لحادث ودخولها في غيبوبة لمدة ٣ أيام.

 

بتبدأ رحلة “هالة” مع الأحلام والرسايل الخاصة بـ”سامح” (أحمد حاتم)، وفي الحقيقة رغم إن “سامح” يبدو هو اللي بيبعت الرسايل لـ”هالة” عشان تنقذه إلا إن الرسايل والأحلام والإشارات اللي بتشوفها “هالة” تمسها بشكل أو آخر، و”سامح” أكد ده لما قالها: “كل خطوة زي ما بتقربك مني، كمان بتقربك من نفسك ومن حياتك اللي متعرفيهاش”.

 

وبيحاول “سامح” من خلال ظهوره في أحلام “هالة” إنه يديها رسايل وإشارات تفتحلها طرق لتصحيح أخطائه وإعادة اكتشاف ذاتها، يعني نقدر نقول إن دي رحلة مشتركة لعقل “هالة” الواعي وعقلها الباطن هي و”سامح” اللي لسة في غيبوبة لحد النهارده، واللي ربما يتحول لمجرد رمز من بين الرموز التانية في الأحلام وحياة “هالة”.

 

بيقول محمد سليمان عبد المالك مؤلف المسلسل: إن الفكرة الرئيسية من العمل هي الصراع القائم بين العلم والروحانيات، وإن الفكرة جات نتيجة عمله كطبيب وتعرضه لحالة مشابهة.

 

في المقال ده مش هتكلم عن الدراما أو تحليل المسلسل فنيًا، لكن عن عالم الأحلام، وده كان دافع إني أتابع المسلسل، رغم عدم إعجابي به فنيًا ولكن حبيت أكتشف الرسايل والإشارات، والحقيقة إن تنوع الحلقات وفكرة إن كل حلقة تحمل رسالة مختلفة ده خلى المسلسل نسبيًا مش ممل، وسواء المسلسل نجح أو لأ في الغوص في أعماق العقل غير الواعي والرموز اللي بيرسلهالنا من عالم الأحلام، فموضوع المقال هو البحث عن معنى الرسايل في حياتنا.

 

الشيطان يكمن في التفاصيل

بتبدأ أول حلقة من المسلسل وتحاول ترشدنا إننا نهتم بالتفاصيل الكامنة في كل شيء، فبالرغم من تكرار كل التفاصيل اليومية الروتينية إلا إن علينا إننا نتفاعل معاها دايمًا، لأننا لو فقدنا شعور التعرف بتفصيلة جديدة والالتفات ليها ممكن يغير مجرى الأحداث تمامًا.

 

المسلسل بيحوي نوعين من الرسائل، رسائل مباشرة بتقولها “هالة” على مدار الحلقات، ورسائل غير مباشرة متعلقة بأحلامها.

 

بتقول “هالة” في إحدى الرسائل: “مش كل حاجة بتحصل بنفهم معناها”، كأنها بتمهِّدلنا إن كل الأحلام المبهمة اللي بتوصلها محتاجة إنها تصبر عشان تفك طلاسمها أو تفهم الغرض منها، زي كل الخبرات اللي بنمر بيها في حياتنا، ومن المحتمل منقدرش نفسرها لحظيًا، لكن مفتاح السر بيكون الصبر.

“إنتي هترجعي عشان تلحقي اللي تلحقيه”!
جملة بيقولها “سامح” وهو في الغيبوبة لـ”هالة” عن طريق التواصل الروحاني اللي تم بينهم بعد الحادثة.

 

تجربة الرجوع من الموت تجربة غريبة جدًا، فيه طبيب اسمه “سام بارنيا”، وهو مدير بحوث الإنعاش في كلية الطب بجامعة ستوني بروك في نيويورك، قال في تحقيق صحفي نشرته بي بي سي: إن المرضى العائدين من الموت بسبب سكتات قلبية -على سبيل المثال- بعضهم بيتبنى مبدأ الإيثار في الحياة نتيجة إنه فقد الرهبة من الموت، والبعض الآخر بيصاب باضطرابات ما بعد الصدمة، ولكن معظمهم بيحكي إن الرؤية اللي شافها وهو في لحظات مفارقة الحياة كانت عبارة عن إنهم بيشوفوا نفسهم في مكان مظلم وآخره نفق مضيء وهم بيتجهوا له، وده سبب أحد بوسترات المسلسل، اللي بنشوف “هالة” فيه بتمشي في نفق طويل وآخره نور.

المسلسل هيوقعنا في شكوك تخص حالة “هالة”، إحنا بنشوف إنها فعلاً من

النوع الأول اللي أصبح مبيخافش الموت، وبتحاول تنقذ “سامح” من أخطائه عن طريق الرسايل اللي بيوصلهالها، وأنقذت شخص كان على وشك الموت بسبب “سامح”، لكن الطبيب النفسي اللي لجأت له بيشخص حالتها على إنها من النوع التاني، وإنها مصابة باضطراب ما بعد الصدمة.
إحنا لحد الحلقة الـ١١ مستنيين نعرف إيه اللي “هالة” رجعت عشان تلحقه.

 

اللي منعرفوش دايمًا بيخوف، ولما نعرفه خوفنا منه هينتهي أو يزيد

من المنطلق ده “هالة” بتمشي ورا الرسايل والإشارات عشان تحل ألغاز العلاقة الغريبة بينها وبين “سامح” وتفهم معنى حياتها، وتشوف الحقيقة الكاملة للموقف الصعب اللي بتمر بيه، لأنها مؤمنة إن الشيء الوحيد الأصعب من الجهل هو الوصول لنص الحقيقة.

 

آخر رسالة.. أحسن حل إنك تغمض عينيك، وتاخد نفس، وتنط في وسط البحر..

لو خايف فده غالبًا أحسن حل لمواجهة مخاوفك، الخوف والقلق مشاعر مهمة جدًا، دايمًا بتكون الدافع الرئيسي لحاجتين عكس بعض تمامًا، الموت أو النجاة. لو إنت شخص قوي وقادر تاخد نفس وتنزل في البحر حتى لو متعلمتش تعوم أبدًا، لو قادر تواجه كل مخاوفك ومشاكلك ومتسمحش إنها تتراكم جواك، فإنت اخترت النجاة.

 

 

 

 

 

 

المقالة السابقةعبد الوهاب مطاوع.. 22 عامًا من جبر الخواطر
المقالة القادمة4 وصفات سهلة للقطائف المالحة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا