أم العروسة.. تاريخ جوازة

1009

فيلم “أم العروسة” من الأفلام المهمة اللي شكلت وعي أجيال من المصريين والعرب. وأهمية الفيلم ده بتكمن في إنه كان صورة حقيقية جدًا ونابضة بالحياة لبيت مصري في فترة الستينات.

 

الفيلم رصد قطاع من حياة أسرة الأستاذ حسين الموظف، من ساعة ما بنته بيتقدملها عريس لحد ما بتتجوز. مرورًا بتفاصيل الاتفاق على المهر والفرش والعفش انتهاءً بأدق تفاصيل الفرح.

 

الفيلم بالشكل ده يعتبر وثيقة مهمة لشكل اتفاقيات الزواج وشكل الأفراح اللي كانت بتتعمل في البيوت في الفترة دي.

 

على سبيل المثال هنلاحظ إن العريس بيدفع مهر للعروسة. المهر ده بيكون مبلغ بيتم الاتفاق عليه من قِبَل الطرفين. والد العروسة بيكمّل عليه ويشتري الجهاز، اللي هو أوضة النوم والتنجيد والصالون ومكونات المطبخ.

 

لكن في الوقت الحاضر العريس مش بيدفع أي مبالغ مقدمة (قبل الزواج) في مقابل إنه بيشارك في تأثيث البيت. عن طريق اتفاق بين العريس ووالد العروسة بيحدد كل طرف هيجيب إيه.

 

في الفيلم الأب اتأخر في استلام أوضة النوم لأن الفلوس قصّرت معاه، ولما عيلة العريس راحت تعاتبه وخاصة أمه اللي كل شوية تمصمص شفايفها، قالهم إن المهر اللي دفعوه قليل ومش مكفي حاجة.

 

تفصيلة تانية مهمة جدًا في الفيلم خاصة بأكل الفرح، واللي بيتعمل عشان المعازيم. هنلاحظ في الفيلم إن عيلة العروسة فضّت مكان في البيت واتفقت مع طباخ ومجموعة من مساعديه عشان ييجوا يعملوا أكل الفرح. واللي كان مكوّن من أصناف من اللحوم والمطبوخات والحلويات.

 

دلوقتي العادة دي اندثرت باستثناء مناطق قليلة خارج القاهرة.

واللي بيحصل دلوقتي إن المسؤول عن إقامة الفرح (أهل العريس أو أهل العروسة) بيجهز بالاتفاق مع القاعة أو مكان إقامة الفرح حاجة من اتنين حسب المقدرة المادية، إما تجهيز طاولة طعام مفتوحة وكل واحد من المعازيم يملا طبقة باللي يحبه (نظام الـ (Open buffet‬‏، أو عمل أطباق جاهزة موحدة الأصناف توزع على المعازيم بالتساوي.

 

وطبعًا مشروبات الفرح اللي اختلفت تمامًا عن دلوقتي.. زمان كان كل الناس بتشرب الشربات (خلاصة الفاكهة المسكرة بعد تخفيفها بالماء) لكن دلوقتي اقتصر شرب الشربات على العروسين كفقرة ضمن فقرات الفرح، وباقي المعازيم بيقدم لهم علب المياة الغازية.

 

من ضمن الاختلافات المهمة كمان بين أفراح زمان وأفراح دلوقتي كان المعازيم. زمان كان مكان إقامة الفرح مفتوح وممكن أي حد يروح يبارك للعروسين ويستمتع بالفرح وأجواءه المرحة. دلوقتي نظرًا لإن الأفراح بتتعمل في أماكن مقفولة وعدد المدعوين بيكون محدد وغالبًا الحضور بدعوات، مبقتش الأفراح زحمة وتجمع لكل الأهل والجيران والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء زي زمان.

 

كمان هنلاحظ إن العروسة لبست فستانها وعملت مكياجها في البيت بمساعدة أختها وصديقاتها، غير اللي بيحصل دلوقتي خالص من اتفاق العروسة مع مركز تجميل والأيام المتتالية اللي بتروحها قبل الفرح انتهاءً بيوم الزفاف نفسه اللي بتقضي في المركز ما لا يقل عن 8 ساعات منه، لحد ما العريس يروح يجيبها بزفة عربيات لحد مكان إقامة الفرح.

 

أما الاختلاف الأهم والأكبر فهو في حفلة الفرح نفسه، ودي اللي بتبينلنا قد إيه الوضع اتغير من زمان عن دلوقتي.

 

في الفيلم.. شقة عيلة العروسة اتفتحت على باقي العمارة وعلى الشارع، فبقى فيه حالة من الاحتفال تعم الأجواء، هتلاقي إنهم عملوا كوشة العروسة في صالة البيت وأكل المعازيم فوق السطوح، وصوان وأعلام ونور وفرقة مزيكا وميكروفون قدام العمارة.

فرقة المزيكا دي لوحدها حكاية لأن الفرح مكانش فيه فرقة واحدة وإنما كانوا فرقتين.

فرقة حسب الله بالآلات النحاسية في الشارع وفرقة موسيقى شرقية ورقاصة في البيت.

 

دلوقتي مفيش فرق موسيقية بتحيي أفراح، ووجود راقصة اقتصر على أفراح العائلاب الشعبية الكبيرة جدًا اللي بيكون رب الأسرة فيها معلم كبير، أو أفراح الطبقة ذات الدخل المادي المرتفع جدًا. إنما الطبقات المتوسطة العادية زي الغالبية من الشعب مبقيتش تجيب رقاصة في الأفراح. كذلك تم استبدال الفرق الموسيقية بالـD.J.

 

وطبعًا الأهم من كل ده إنه تم استبدال المنزل والسطوح بالقاعات المغلقة اللي بعضها بقى يقام في الفنادق أو نوادي القوات المسلحة. ولو العروسين حبوا يعملوا الفرح في مكان مفتوح بقى باخرة نيلية أو حديقة فيلا مستأجرة.

 

اللي نقدر نلاحظه إن الحميمية اختفت من احتفالات الأفراح، وبقى الأمر شكلي ومدعاة للتفاخر أكتر من كونه احتفال عائلي مبهج بالعرس والبيت الجديد.

 

بقى البنات بيتفاخروا بمين راحت لمركز تجميل أغلى، ومين اللي فرحها احتوى على أصناف أكل مقدمة للمدعوين أكتر، ومين اللي قاعتها كانت أكبر، ومين اللي فستانها مشترى مش مؤجر.

مع إن كل التفاصيل دي مش من شأنها تخلي حياتنا أسعد أو تخلي بيوتنا أكثر استقرارً

المقالة السابقةعشان محدش يقول حاجة
المقالة القادمةلؤلؤة.. هناك أمل من التعافي من الإساءات الجنسية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا