لما بدأنا نكبر ونتابع المسلسلات في رمضان مع أهالينا، كنا بنلاقي المسلسل فيه أبطال كتير، النوستالجيا اللي بنحسها دلوقت تجاه
مسلسلات زي “ليالي الحلمية”، “هوانم جاردن سيتي”، “الشهد والدموع”، “الراية البيضا”، “حديث الصباح والمساء”.. وغيرها كتير، وبتخلينا نتفرج عليها تاني، لكن دلوقت المسلسل لو اتشاف غالبًا بتكون مرة واحدة ومبنقدرش نشوفه تاني إلا في بعض الحالات النادرة.
كنت بحس إن المسلسلات القديمة بتحتوينا عشان فيها كل حاجة، آباء وأمهات وإخوات وأصدقاء، عيلة وجيران، بيوت زي بيوتنا ومشاعر زي مشاعرنا، دلوقت أصبح فيه ست أو راجل بتدور حواليهم الأحداث، واللوكيشن إما كومباوند أو حارة غريبة الشكل متحسش فيها بصدق أي مشاعر.
ده غير إن عدوى الأكشن اتنقلت من السينما للتليفزيون، ومع إن الأكشن كان أكثر كوميدية في السينما، إلا إنه اتاخد على محمل الجد في الدراما التليفزيونية، واتحولت الخناقة الصغيرة اللي في مشهد في أرابيسك مثلاًعلى القهوة وكرسيين اتكسروا والجيران لموا الدور عشان الجيرة والعشرة، كبرت الخناقة الصغيرة وأصبحت محور أحداث بعض المسلسلات.
بدأنا مع أواخر التسعينات وبداية الألفية الجديدة مرحلة البطولة المتفردة في المسلسل، شخصية تدور حولها الأحداث، بتكون شمس وقمر المسلسل كله، بمعنى أدق المسلسل متفصَّل عشان الشخصية الرئيسية، وبدأ نجوم كانوا بيشاركوا في أعمال جماعية أو سينمائية يتفردوا بالبطولة التليفزيونية، منهم على سبيل المثال لا الحصر، ليلى علوي، ويسرا، ويحيى الفخراني، ونور الشريف، غير إنه بدأ زحف النجوم العرب للشاشة المصرية اللي تفردوا أحيانًا ببطولة مسلسلات زي جمال سليمان.
زي ما اتفقنا المسلسلات أصبحت بتدور حول بطل أوحد إلا قليلاً منها، في السنوات الأخيرة صعدت وجوه شابة كتير وأصبحوا أبطال لأعمال كبيرة، هنقول على سبيل المثال نيللي كريم، يوسف الشريف، عمرو يوسف، محمد رمضان.. وغيرهم.
موضوعنا عن مسلسلات السنة دي هو: هل الممثلات النساء متكافآت مع الممثلين الذكور في حجم الأدوار وعدد البطولات ولا لأ؟
مسلسلات أبطالها نساء:
“رسايل” لمي عز الدين، “لعنة كارما” لهيفاء وهبي، “ضد مجهول” لغادة عبد الرازق، “ممنوع الاقتراب أو التصوير” لزينة، “لدينا أقوال أخرى” ليسرا، “مليكة” لدينا الشربيني، “اختفاء” لنيللي كريم.
مسلسلات أبطالها رجال:
“عوالم خفية” لعادل إمام، “نسر الصعيد” لمحمد رمضان، “كلبش” لأمير كرارة، “رحيم” لياسر جلال، “أبو عمر المصري” لأحمد عز، “فوق السحاب” لهاني سلامة، “أيوب” لمصطفى شعبان، “طايع” لعمرو يوسف، “بالحجم العائلي” ليحيى الفخراني، “أمر واقع” لكريم فهمي، “الرحلة” لباسل خياط، مسلسل “قانون عمر” لحمادة هلال، مسلسل “بركة” لعمرو سعد.
تعرفي على: قصة فيلم بشتري راجل بطولة نيللي كريم
بطولة جماعية:
ليالي أوجيني
هنلاحظ إن عدد المسلسلات اللي أبطالها ممثلين تقريبًا ١٣ مسلسل، وده ضعف عدد المسلسلات اللي أبطالها ممثلاث، تقريبًا ٧ مسلسلات، طبعًا مش معنى إن العدد أكبر إن الممثلين الرجال أفضل أو بيعملوا مسلسلات جودتها أعلى من المسلسلات النسائية.
للأسف هتلاقوا على جوجل ترندز ويوتيوب ترندز، المسلسلات المتصدرة هي “نسر الصعيد”، “رحيم”، و”كلبش”، طبعًا الشعبية الفائقة لمحمد رمضان خلته في المقدمة لسنين متتالية حتى مع انعدام القيمة فيما يقدمه، لكن محمد رمضان ظاهرة يطول شرحها، المشكلة الأكبر إننا هنلاقي مسلسلات العنف هي اللي متصدرة قوائم المشاهدة، وكأن الشريحة الأكبر من المشاهدين بيبحثوا عن اللي يشبع غرائزهم في العنف والدفاع عن النفس والجريمة، حتى لو البطل مجرم مش ضابط، دي البطولة الزائفة، ودي ظاهرة تانية تحتاج لدراسات.
دراميًا كُتاب السيناريو بيخلوا المتفرج يتعاطف مع البطل حتى لو كان مجرم، طبعًا بيخلي المشاهد أمام بطل وسيم مظلوم من المجتمع وربما يكون وحيد في مواجهة الظلم الواقع عليه، حتى لو بيقتص لنفسه بشكل إجرامي غير قانوني، لكن المواصفات السابقة بالطبع بتخلي نفسية المشاهد تميل لحب هذا البطل -في أعينهم- وليس لانتقاده بموضوعية.
من الممثلين اللي انفردوا بالمسلسل من الجلدة للجلدة، وكانت الأحداث كلها بتخدم على صراعاتهم هم أو صراع الشخصية الرئيسية بمعنى أدق، مي عز الدين في مسلسل “رسايل”، بنلاقي إن طول المسلسل كل الأحداث بتدور حول شخصية “هالة” وأزمتها المرضية والروحية بعد الحادث اللي مرت بيه، كل ما يحدث حولها يحدث ليخدم على حلم من أحلامها أو كنتيجة لأحد الأحلام، وزيها في المسلسلات اللي أبطالها رجال هنلاقي مسلسلات “رحيم”، و”كلبش”، و”نسر الصعيد”، بينتهجوا نفس المنهج في جعل البطل هو الشخصية الوحيدة اللي مُنصَب حواليها الاهتمام في العمل كله.
فيه مسلسلات تانية هربت من فكرة البطولة الوحيدة، اختلفنا أو اتفقنا على جودة العمل، لكن يحسب تجميع حواديت الشخصيات وربطها ببعض، زي “ليالي أوجيني” اللي اتكتب كبطولة جماعية، والشخصيتين الرئيسيتين فيه كانوا أمينة خليل وظافر العابدين، كل شخصية في المسلسل ليها تاريخ عندها شخصية مستقلة مش متماشية مع الأحداث علشان تخدم النجم، وكانت الشخصيات مختلفة مفيش شخصيات متشابهة، ونسبيًا قدرت الكاتبتين اللي ألفوه إنهم يحققوا معادلة ظريفة في تنوع الشخصيات ورسم تاريخ نفسي وعائلي ليها.
هنشوف في مسلسل “طايع” بطولة عمرو يوسف إن الأدوار بتتوزع بين الممثلين بخفة، ومكانش التركيز على دور “طايع” كبطل، مثلاً عمرو عبد الجليل قام بتجسيد شخصية “حربي” كانت مساحة دوره كبيرة وهو أداه بشكل جيد جدًا، حتى الطفل الصغير “فواز” الذي قام بدوره أحمد داش كان مميز جدًا في المسلسل، وبالتأكيد صبا مبارك وتقريبًا دي الممثلة العربية الوحيدة اللي مثلت دور صعيدية وحاولت تضبط اللكنة بقدر الإمكان.
عادل إمام بيختلف كليًا عن السنوات السابقة بعد تغيير يوسف معاطي كمؤلف لمسلسلاته، السنة دي كتبله مسلسل “عوالم خفية” ٣ شباب بيكتبوا مسلسلات كوميدية، الحقيقة المسلسل بالنسبة لي مش مثير للمتابعة، لكن سعيدة جدًا بتغيير الكاتب، وبوضع مساحات لأبطال آخرين مع عادل إمام، وده خلق دراما مكانش يوسف معاطي قادر يصنعها لأن اهتمامه الأوحد كان بكتابة أي كلام لعادل إمام.
بشكل عام منقدرش نقول إن الممثلات اتظلموا، لأن بغض النظر عن عدد المسلسلات وده مش معيار، لكن فيه ممثلات بيتفردوا بأداء مسلسلات جيدة، يمكن تفوق في جودتها مسلسلات البطل الرجل، وإن اللي بيحدد أعداد المشاهدة اختيار الجمهور ومرجعيتهم الفكرية، والأكثر أهمية في الموضوع إن فيه مسلسلات لأبطال رجال كان فيها أدوار قوية ومساحتها كبيرة لممثلات زي حنان مطاوع، ريهام عبد الغفور، أسماء أبو اليزيد، صبا مبارك، أروى جودة.. وده بيخلي عندنا أمل إننا نشوفهم في بطولة مسلسلات السنين الجاية.