العالم يحتاج إلى أب

1428

بقلم: ماريت ماهر

صرخة تعالت في الآونة الأخيرة تحاول أن تفيق الآأباء قبل فوات الأوان، تحاول أن تنقذ ما يمكن إنقاذه، تحاول أن ترد المحارب إلى ساحة قتاله التي تخلى عنها بناء على أفكار مغلوطة قامت بحصر دوره كمحارب في مهمة جني الأموال وكانت النتيجة: “العالم أصبح بحاجة إلى الأب”.

جملة قصيرة، عميقة المعنى، مؤلمة التأثير، كاشفة للحقيقة. ليس كل من يلد يدعى أبًا فكثيرون لديهم آباء لكنهم يعانون اليتم النفسي وآباؤهم يجلسون إلى جوارهم. وليس كل أب بالضرورة هو من أنجب. أن تنجب ابنًا أمر بيلوجي بحت، لا دخل له في كونك أبًا فعليًا أم لا، ولكن بطبيعة الحال حينما تنجب ابنًا من صلبك يمنحك لقبًا فخريًا دون العلم إذا كنت تستحق هذا اللقب أو مؤهل له أم لا، مبروك فقد أصبحت أبًا.

برغم من هذا العدد الذي لا حصر له من الآباء فإن العالم في حاجة ماسة إلى وجود الأب الفعلي، وجود ذو معنى ومضمون، وجود مشبع ومروٍ، وجود صاحب أثر وتأثير، وجود يترك لمسة خاصة في نفوس الأبناء تكون مرجعًا لهم وقت الحاجة وداعمًا وقت الاحتياج.

“العالم يحتاج إلى أب” ربما إذا توقفت أمام تلك الجملة وتأملتها وجدت بها تفسيرًا للعديد من الأمور والظواهر التي أصبحت منتشرة حولنا مثلما أثبتت الدراسات أن الحياة الأسرية المختلة والتي خلفها غياب الأب هي السبب الرئيسي للمشكلات في العالم، سواء شئت أم أبيت، سواء رأيت هذا أو تسمع عنه لأول مرة أو اخترت الإنكار لهول المعرفة والمسؤولية.

اقرأ أيضًا: هذا هو الأب الذي تحتاجه ابنتك

العالم يحتاج إلى أب

كثير من الفتيات مدمنات العلاقات العاطفية بحثًا عن الحب، ليسن شريرات كما تظنوا، إنهن فقط يردن أن يروين ظمأ شديدًا ويسكتن صرخة عميقة خلفها غياب الأب بداخلهن، فهن يحتجن إلى أب. كثير من البنات ذات الطابع والمظهر الذكوري يختبئ خلف هذا المظهر احتياج إلى أب. كثير من مدمني الكحول والمخدرات لديهم احتياج دفين إلى الأب. ناهيك بالكثير من الاضطرأبات النفسية التي يعاني منها الشباب واللجوء إلى الانتحار الذي وجد أن أحد الأسباب الرئيسية التي تقبع خلفها خلل في الوجود الأبوي الداعم الموجه المحتوي، وغيرها من الآثار النفسية التي يخلفها غياب الأب عن حياة أبنائه.

لعل دم هؤلاء جميعًا يقع على عاتق صاحب تلك الفكرة التي روجت إلى أن الرجل للعمل والرزق، أما التربية فمسؤولية المرأة، وكل من يروج لها بجهل شديد، فقد اختزلوا دور الأب الهام وقيمة الأبوة في بضعة جنيهات. ومن ثم تغرب الآباء بعيدًا عن أبنائهم سواء بالسفر أو بالعمل لساعات طويلة لكي يكونوا آباء جيدين يجنون الكثير من الأموال من أجل أبنائهم، وغاب عن إدراكهم أن أطفالهم يحتاجون إليهم وليس أموالهم. فتلك الأجيال التي تجني آثار تلك الجملة وتصارع من أجل الشفاء من الأثر الذي خلفة غياب النموذج الأبوي في حياتهم، وتصارع من أجل استئناف حياتهم مرة أخرى سيسئل منهم.

تلك الكلمات ما هي إلا محاولات إلى حث كل محارب على العودة إلى ساحة قتاله، وجرس إنذار للأجيال الحديثة من الآباء من الموروثات الثقافية غير السليمة عن دور الأب ومحاولة لاسترداد دور الأب الحقيقي داخل المجتمع مرة أخرى، ورجوع الأبوة لتأثيرها العميق في الأسرة.

سلام لكل أب بالمعنى والحق!

اقرأ أيضًا: أنا لا أحب أبي، لماذا؟ أسباب عدم حبي لأبي

المقالة السابقةبعد الانفصال: لماذا أرادت “هنا” و”زيزي” العودة لعلاقة مسيئة؟
المقالة القادمةكيف غيرت الأمومة رؤيتي للأعمال الفنية
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا