تسلق الجبال النفسية: رياضة من نوع آخر

1217

بقلم: ماريت ماهر

إحدى الرياضات المثيرة للاهتمام بالنسبة إليّ هي رياضة تسلق الجبال، أحب فكرة التسلق وإن كنت لم أتسلق في حياتي جبلاً بالمعنى، فقط جبل واحد الذي تمكنت من صعوده، وكان له طريق ممهد للصعود، فلم أتكبد عناء التسلق إلا مجهود الصعود، وإن لم يكن هينًا وقتها. أتساءل ترى هل هناك جبال في الحياة غير تلك الصخرية المنظورة، جبال ذات شكل معنوي تكون على المستوى النفسي يتحتم علينا تسلقها؟ أجد الجواب سريعًا وواضحًا داخلي، نعم، وما أكثر تلك الجبال.

ما هي الجبال النفسية؟

لعل إصلاح علاقة ما هو أحد أشكال تلك الجبال النفسية، ربما الجهد المبذول في تجاوز حدث أو واقعة ما جبل، ربما القدرة على تخطي إحدى الذكريات أحد جبال الحياة، ربما الإقلاع عن عادة ما أو اقتناء واحدة هو شكل من أشكال تسلق الجبال، ربما الصمود والتغلب على الحزن خلال بعض التجارب أحد الجبال التي نمر عليها، ربما التمكن من حسم صراع ما جبل، وربما شق طريق خاص للنجاح جبل، وغيرها يوجد الكثير من الجبال.

أتصور أن الإقلاع أو الصمود أو القدرة علي التخطي والتجاوز ما هو إلا تسلق لأحد جبال الحياة، التي يحتاج تسلقها إلى جهد ليس هين من قبل الإنسان، ومثابرة وإرادة وقوة تحمل وقدر من الصلابة والتحدي، ليس لأحد إلا للذات.

تسلق جبال من نوع آخر

رياضة تسلق الجبال تعد أحد متع البعض في الحياة، ونوع رياضتهم المفضل، لا أعلم لماذا، لعل لطريق الصعود متعة بكل ما يتضمنه من عناء، بدءًا من البحث عن الطريق والمشقة والإنجاز والتحديات خلال الرحلة، والنظر للخلف ورؤية ما قطعته من مسافة، والنظر للأمام والتمكن من رؤية نقطة الوصول بشكل أوضح، والمعية والصحبة التي تحظى بها خلال الصعود، ولعل للقدرة على تجاوز الصعاب المختلفة مذاقه الخاص وسبيل لاكتشاف أبعاد جديدة للذات، ربما القليل من التحدي يعطي مذاقًا للحياة، برغم صعوبته وثقله في بعض الأحيان، إلا أنه يضفي بعض المنكهات للحياة، مثله مثل إضافة القليل من الخل للطعام، برغم أن الخل في حد ذاته سائل يتسم مذاقه بالمرارة واللذوعة، إلا أنه وجد عند إضافة قدر مناسب منه للطعام يحدث توازن لمذاقه ويكسبه مذاقًا لذيذًا من خلال إضافة مادة تتسم بالمرارة.

علاوة على ذلك التسلق رياضة تساعد على شد جميع أعصاب الجسد وجعلها أقوى، ذات الأمر ينطبق على تسلق الجبال النفسية، فمن خلالها تشتد عضلات الإنسان النفسية وتزداد قدرة الفرد على التحمل والمواجهة، ولكن تبقى مثلها مثل أي رياضة، وارد حدوث إصابات خلال ممارستها، فزيادة الجبال النفسية عن الحد ربما يترتب عليه أحد الشروخ أو الكسور النفسية التي تحتاج إلى تدخل لعلاجها، وعدم التحميل على تلك الشروخ.

أهمية تسلق الجبال النفسية

الجبال النفسية في بعض الأوقات يمكن إدراك دورها، بل أهميتها، ولمس المكاسب التي يمكن جنيها عقب إتمام التسلق، وربما إدراك هذا يتطلب بعض الوقت. في جميع الأحوال هذا الإدراك يجعل عملية قبولها في المرات القادمة يسيرًا بعض الشيء، بل ومشوقًا في بعض الأحيان، إلا أن على الجانب الآخر خلال أوقات الإعياء والإجهاد الشديد من كثرة التسلق، حينما تدعو الحياة المرء لمزيد من التسلق، يكون القبول اختيار بعيدًا في تلك الأوقات.

أظن أن الجبال لن تنتهي، ومكاسب ومتعة كل تسلق ستبقى، كما سيبقى الحق في شعور الفرد بالإجهاد والتعب والغضب منها والرفض لها في بعض الأوقات، وستبقى كذلك الحياة ما بين محاولات تجهدنا ولكن تقوينا حتمًا.

المقالة السابقةسوف تراه عندما تؤمن به
المقالة القادمةالروحانية الحقيقية: ما الفرق بينها وبين التدين؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا