بقلم: إيمان عاطف

اليوم قررت أنا وزوجي الاستمتاع بمشاركة وجبة لم نأكلها منذ وقت طويل، تلك الوجبة المبهجة التي تُهضم في القلوب قبل الأمعاء.. المحشي. ربما تتساءلون فيمَ يهمكم الأمر! في الواقع الأهمية هنا لي في مشاركتكم تلك البهجة اللذيذة، ربما لهذا أنشأت مدونتي الشخصية من البداية. للابتعاد عن الفيسبوك والتوقف عن نشر الهراء اليومي المعتاد وحياتي الشخصية المنشورة بلا خجل (هكذا تخبرني أمي)، وإعطاء الفرص للمتطفلين والمتنمرين والسخيفين بالتدخل في حياتي، لمجرد نشر بعض مبهجاتي. ولكن هذا موضوع آخر. نعود لورق العنب اللذيذ.

الآن دعوني أشارككم طهو ورق العنب على طريقتي الخاصة

في البداية البصل

الكثير من البصل، ورق العنب يحب البصل، ويجب أن يقطع مكعبات صغيرة متساوية الحجم لو أمكن. نستغنى عن الكبة في تلك المرحلة ونلجأ للوح التقطيع، ولا بأس ببعض الدموع، اعتبرها دموع الفرح في انتظار حلة المحشي الدافئة للقضاء على أي دموع.

الثوم

ربما تتم مهاجمة المحشي بسبب الثوم، ولكن يُعد ذلك ظلمًا، فمن الممكن الاستغناء عنه، ولكنك سوف تفوت على أنفك متعة استنشاق الرائحة الأجمل على الإطلاق، لحظة إضافة الثوم للبصل على النار. يمكن للذي لا يحب (لأنه لا يجوز إضافة كلمة كره بجوار كلمة محشي) إضافة بعض فصوص الثوم الصحيحة على وجه الحلة، بعد رص أصابع المحشي، سيضيف بعض التأثير.

ثم الطماطم

طماطم حمراء لامعة، تُغسل جيدًا وتضرب في الخلاط، ويُفضل ضرب غير مُبرح، ويا حبذا لو لم تُصفَّى، لتكون محتفظة ببعض قطع الطماطم التي تساهم بشكل جيد في زيادة جودة صلصة المحشي.

الخُضرة

الشبت والكزبرة والبقدونس، والبهجة التى ينشرها اللون الأخضر عند اختلاطه بالصلصة الحمراء والأرز الأبيض المغسول. المحشى يحب الخضرة. من الآخر المحشي يحب الخلطة الزائدة والأرز القليل، كما تقول حماتي دائمًا.

الأرز

الأرز المصري الأصيل، يغسل ويصفَّى جيدًا ويُترك جانبًا.

الآن بعد تجهيز كل ما يلزم للحصول على الدفء والبهجة في ليالي الشتاء الحزينة، نبدأ في إعداد الخلطة الشهية. في الحلة على النار نضع معلقتي زيت وما يعادلهما سمن، وبعد تسخينه بما يكفي لسماع طشة البصل، نضع البصل ونستمر في التقليب، حتى يتحول إلى اللون الذهبي، وذلك للحصول على أفضل طعم، وقبل النهاية بدقائق نضع فصوص الثوم المفروم، ونستمتع بالرائحة قليلاً قبل إضافة عصير الطماطم.

ثم تأتي أهم مرحلة، وضع النكهات، تحويجة المحشي، خلطة البهارات السحرية لفتح أي شهية (ده أنا عليَّ جُمل) ملح وفلفل أسود وكزبرة ناشفة وزنجبيل وبابريكا وفلفل أبيض وريحان، وكمون، الكثير من الكمون. تُترك تلك الخلطة على النار حتى تمتزج المكونات وتسبك الصلصة، أي تصبح سميكة وحمراء اللون بما يكفي لإضفاء لون البهجة على الأرز.

يُضاف الأرز للصلصة وهي على النار، ويُقلب جيدًا حتى يصبح متجانسًا، ثم نطفئ النار، وتضاف الخضرة، وحدثني وقتها عن مهرجان الألوان والروائح. هنا أحب إضافة عصير نصف ليمونة، فقط لزيادة البهجة.

ثم مرحلة اللف.. لف ورق العنب اللذيذ

اللف يحتاج إلى فن وطولة بال، تفرد الورقة ناشرًا جناحيها أمامك، وتضع بعض الأرز في المنتصف، القليل فقط حتى تسمح له بالتمدد والاستواء على مهل. تعمل لفة صغيرة من أسفل الورقة، ثم تضم جناحيها إلى الداخل، وتكمل اللف بإحكام حتى لا يتسرب الأرز أثناء التسوية. يمكنك أن تضع بعض البطاطس والبصل والفلفل أسفل الأوراق الملفوفة، وهذا يُعد طبقًا جانبيًا ممتلئًا بطعم المحشي وخلطة الأرز ولون البصل المكرمل المائل إلى البني قليلاً. الآن نحن جاهزون للتسوية، من الممكن تسويته في شوربة الدجاج أو اللحم، ولكن المحشي الألذ على الإطلاق يسوَّى بشوربة البط، على نار عالية في البداية ثم تهدئ النار بعد بدء الغليان، ويُترك حتى تمام التسوية.

للحصول على أقصى درجات الاستمتاع، يُفضل قلب الحلة على صينية كبيرة ليحجب البخار المتصاعد الرؤية لثوانٍ. وفي الثواني التالية يقضى على جميع الصوابع الساخنة، بألف هنا على القلب والمعدة.

اقرأ أيضًا: أقرب طريقة لقلب جوزك الدليفري