ما زال المرض النفسي يشكل وصمة في عالمنا العربي للأسف. فبالرغم من كل الجهود المبذولة لتوعية الشعوب بأهمية التعرف على أنواع المرض النفسي والتعامل معه والحث على الاعتراف به كمرض يجب مواجهته وفهمه وعلاجه، فإن في الحقيقة هناك فجوة كبيرة بين ما نتمناه وما يحدث، فما زال الكثيرون يعتقدون أن كل مريض نفسي هو شخص مجنون. كل هذا إذا كان المريض شخصًا بالغًا، فما بالكم بالأطفال! الأطفال الذين ينكر عليهم الجميع احتمالية الإصابة بتلك الأمراض التي يعدونها من أمراض الكبار. واحد من الأمراض المنتشرة بنسبة عالية هو اضطراب القلق عند الأطفال.

شيوع اضطراب القلق عند الأطفال وأعراضه

أمراض القلق تعد من أكثر الأمراض انتشارًا للبالغين والأطفال، فتجد الدراسات أن النسبة من 4-20% من الأطفال يعانون بشكل أو بآخر من أمراض القلق، ويرجع التفاوت الملاحظ في النسبة السابقة لاختلاف أسلوب الإحصاء، حيث تركز بعض الدراسات على المراهقين، حيث نسبة الإصابة أعلى من الأطفال الأصغر سنًا، بينما تأخذ دراسات أخرى عوامل للبحث كالدولة والمكان. ولكن المؤكد أنها من أكثر الأمراض انتشارًا وأنها أكثر شيوعًا في البنات عن البنين.

أنواع اضطراب القلق عند الأطفال

1. الخوف المرضي من الانفصال

من الطبيعي أن يبكي الطفل ذو العام إذا تركته أمه مع غرباء وانصرفت عنه. ومن المتوقع أن يرهب الطفل عند ذهابه للحضانة في البداية. ولكن من الأشياء المرضية أن يخاف الطفل جدًا من ابتعاد أي من مقدمي الرعاية، لدرجة من الممكن فيها حدوث أعراض كالصداع وأوجاع البطن إذا طلب منه الذهاب للمدرسة. بأسلوب بسيط يمكنك التمييز إذا كان خوف طفلك طبيعيًا أم مرضيًا بمعرفة المتوقع منه في مثل سنه.

2. الرهاب الاجتماعي

يخاف الطفل من الوجود في تجمعات بها عدد كبير من الناس، سواء كان على معرفة بهم أم لا، وسواء كان يحبهم أو يبغضهم، (رفض الطفل مثلاً الذهاب لجدته التي تسيء إليه ليس رهابًا اجتماعيًا)، ويكون لديه مشكلة كبيرة في التواصل الاجتماعي لدرجة الانعزال. وفي الحالات الشديدة قد يصل الأمر لخوف الطفل من الرد على التليفون.

3. القلق العام

في هذا النوع يكون الطفل قلقًا بشأن كل أمور الحياة، فهو دائم الأسئلة والخوف على كل شيء وكل شخص من حوله، فيسأل مثلاً: ماذا لو أصاب جدي مكروه؟ ماذا لو تعرضت لحادث؟ ماذا لو مرضت أمي؟ ما سيكون رد فعل أبي لو فشلت في اجتياز الامتحان؟ يدور المريض في دائرة مركزها الخوف والقلق من كل شيء، وحدودها دائمًا الاحتمالاتالسيئة.

4. الرهاب المحدد

يعتبر من أكثر أنواع القلق انتشارًا، وفي هذا النوع يقلق المريض من أشياء محددة، قد تكون غير منطقية عند البعض، ولا يستطيع المريض الانسياق وراء التحليلات العقلانية والمنطقية التي ترفض قلقه، ولعل من أشهر الأمثلة الرهاب من الدم والخوف من الأماكن المغلقة أو المرتفعة.

5. الوسواس القهري

في هذا النوع تحاصر المريض أفكار معينة بمخيلته باستمرار، لا يستطيع منعها لدرجة أنه يحتاج لفعل أشياء معينة ليتخلص من تلك الأفكار. من أشهر الامثلة هو الوسواس القهري من النظافة، فيقوم بعض المرضى بغسل أيديهم مرات كثيرة جدًا لدرجة قد تصل بالبعض لتشقق الجلد.

6. الهلع

هو حالة من القلق الشديد، تصاحبها أمراض جسدية، مثل زيادة نبضات القلب وعرق شديد وآلام في المعدة، ولا تكون مسبوقة بأي أحداث أو ضغوطات.

7. كرب ما بعد الصدمة

تحدث عندما يتعرض الطفل لحادث أليم مروع، كوفاة شخص عزيز أو زلزال، وطبعًا في الحروب، سواء عن طريق التعرض المباشر أو المشاهدة، فيحدث للطفل قلق زائد وعدم قدرة على النوم وخوف شديد.

مسببات اضطراب القلق

١. بعض الأسباب الوراثية، حيث وجد أن الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلق يحملون نوعية مختلفة من الجينات المسؤولة عن التوتر.

٢. الاطفال الذين ينشؤون في أسرة أفرادها دائمو القلق.

٣. بعض طرق التربية الخاطئة التي تعتمد تخويف الأطفال وإرهابهم.

علاج القلق عند الأطفال

١. العلاج السلوكي أو النفسي، ومن أمثلته:

• العلاج الإدراكي عن طريق إعادة هيكلة التفكير.
• تعريض الطفل للأشياء التي يخاف منها بطريقة بطيئة وتدريجية.
• في حالات الرهاب الاجتماعي نساعد الطفل عن طريق مشاهدته لصور للأماكن قبل الذهاب إليها.

٢. الأدوية

في أمراض القلق لا يلجأ الطبيب للأدوية إلا بعد فشل العلاج الإدراكي والسلوكي. ويلجأ الأطباء إلى بعض المهدئات وأحيانًا تستخدم بعض الأدوية المعالجة للاكتئاب، حيث وجدت الكثير من الحالات التي يتلازم فيها القلق والاكتئاب. وبالتأكيد تستخدم جميع الأدوية تحت إشراف مباشر من الطبيب وبالجرعة التي يحددها.

المصدر: مساق الصحة النفسية للطفل من منصة إدراك.

اقرأ أيضًا: اضطراب القلق عند الأطفال: 8 طرق تساعد طفلك على تجاوزه