زي كل يوم

110

 

بقلم: روكسان رأفت

 

كل شخص -تقريبًا بلا استثناء- عنده طقوس يومية بيعملها في يومه، من أول ما يبتدي لحد ما يقول: تصبحوا على خير. من أول اللي بنعمله أول ما نفتّح عينينا الصبح، مرورًا بساعات النهار، وصولا لحد طقوس النوم المختلفة من شخص للثاني. الطقوس المختلفة دي، واللي بتتكون منها تفاصيل يومنا اسمها “عادات”.

يعني ببساطة حاجة، سلوك، طريقة اتعودت أعملها كل يوم. يمكن العادات دي تعلمتها كده من وأنا صغير زي ما ماما عودتني، ويمكن تعلمتها لما كبرت، ويمكن لقيتني بعملها وأنا كبير؛ علشان أتأقلم مع ظروف معينة اتحطيت فيها. الناس الدارسين والمتخصصين في السلوك الإنساني بيقولوا: لو عايز تعرف حياة الشخص ده شكلها إيه، بص على عاداته اليومية.

عادات -ببساطة- يعني حاجة أنا متعود أعملها كل يوم، وبدون مجهود أو تعب. بصراحة الفكرة دي مرعبة! .. مرة سرحت بخيالي وقلت: يا ترى لو أنا بتفاصيل يومي بقيت بطلة فيلم أنا بتفرج عليه هيعجبني ولا لا؟ هنتقد إيه في تفاصيل يومي وإيه اللي هيعجبني؟ هغير إيه في أحداثه وهبقى راضية بإيه؟

 

بصراحة بشوف فكرة العادات دي فكرة بتخوفني. لأنه:

1-   العادات اليومية بتشكل سلوك يومي مستمر، ممكن يكون حلو ومفيد وممكن جدًا يكون سلبي ومضر. ده مش بس كده! ده نفس السلوك والعادة اليومية العادية ممكن جدًا تبقى عادية وممكن جدًا تبقى خطر. زي -مثلًا- “مجّ النسكافيه” اليومي اللي كلنا بنحبه وبنشربه بأحجام وأطعم مختلفة، ممكن جدًا يبقى حاجة لذيذة بتحلّي اليوم وتفوّقني، وممكن جدًا تبقى خطر بطيء تدريجي. لما أشربها كثير قوي زيادة عن الحد، ولما أستبدل بيها حاجات ثانية مهمة ومفيدة لجسمي. وقيس على كده حاجات عادية ثابتة يوميًا زي الأكل والشغل وتصفح الإنترنت.

2-   معنى أن العادات اليومية بتشكّل تفاصيل يومي؛ إذًا عمري ممكن يضيع وأنا بعمل حاجة تأثيرها على حياتي صفر! أو تأثيرها على حياتي سالب، يعني بياخذ من وقتي وصحتي وطاقتي ونفسيتي بالبطيء، وأنا مش واخذ بالي.

3-   فكرة العادات بالنسبة لي مخيفة؛ لأني أم، وبدون ما أقصد فيه عدوى من عاداتي بتتنقل لأولادي. فإيه اللي ممكن يحصل لو عاداتي كانت غلط ومضرة؟ لكن مش بس الأم وأولادها، أي ناس ليهم تأثير في حياة بعض بيحصل لهم عدوى من عادات بعض.

فالنهارده لو عايز تبني عادة مستمرة تفرق قوي في شكل حياتك، ابني عادة المراقبة والمراجعة. من وقت للثاني ارجع بُصّ على حياتك، وراجع تفاصيل يومك، وركّز هي بتأثر ازاي. متسيبش نفسك لحد ما توصل لمرحلة أنك ضعيف أو متكتّف قُصاد عادة مش مظبوطة.

عادةً كل مشاكل عاداتنا السلبية، أو حتى الإدمانية؛ بتبدأ بسلوك بسيط مش بندي له أهمية، وبنفتكر أنه “مش للدرجة دي يعني!”. ومرات حتى السلوكيات اليومية البسيطة اللي بتحصل بدوافع عادية ونية سليمة بتتحول مع الوقت وبالتدريج لعادات سلبية. زي -مثلًا- شربنا للقهوة والنسكافيه كل يوم، تصفح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، الأكل، الشغل، تصرفاتنا وقت الملل والغضب، وهكذا.

كل ده ممكن يبان عادي ومفيش منه ضرر، لحد ما يحصل حاجة تبقى عاملة زي جرس الخطر! .. تفضل تدّيني في إنذار وراء إنذار؛ علشان تقول لي: إن العادي بقى عادة سلبية.

 

        زي -مثلًا- أني أستمر في شرب النسكافيه أو القهوة، رغم أن الدكتور حذرني أنهم خطر على معدتي، أو محتاج أقللهم تفاديًا لمخاطر ثانية؛ فألاقي نفسي مش عارف، ولا قادر أبطلهم. زي أني مستمر في أكل الحلويات لأنها لذيذة وبتبسطني ومش قادر أبطلها؛ رغم أن سكري دايمًا عالي. هنا السلوك اليومي العادي تحوّل لعادة مؤثرة على حياتي بالسلب وده جرس خطر.

        أو زي -مثلًا- أني مستمر في سلوك معين رغم تأثيره السلبي على جانب ثاني في حياتي، فطول الوقت أنا ماسك الموبايل ومببصش في عين عيالي وهم بيكلموني، أو باخذ موبايلي وبسيب الناس وأنعزل عنهم كعادة تعودت عليها في يومي، ده كمان جرس خطر.

 

دي علامات بسيطة لسلوكيات يومية بسيطة، لكن المتخصصين في علاج الإدمان بيقولوا دايمًا: إن السلوكيات الإدمانية ابتدت كعادات ومرة ورا مرة، وبالتدريج وببطء، وصلت لمرحلة الإدمان. يمكن لو حد متخصص يحكي لنا أكثر عن ده. لكن ببساطة كده السلوك اللي يمشيني وراه رغم أني مش مبسوط منه أو شاكك فيه يبقى جرس خطر.

لكن بما أننا ذكرنا كذا مرة كلمة ببطء وبالتدريج، وزي ما كل حاجة بتبدأ صغيرة، تعديل العادات كمان محتاج وقت. متستسلمش لو لقيت نفسك مش قادر تبطّل عادة غلط، تراكُم المحاولات بيساعدك. لكن مش بس كده دخولك لمجتمع بيعمل العادة الإيجابية اللي عايز تتبناها أو بيقاوم العادة السلبية؛ بيساعدك كثير أنك تتحسن وطبعًا تقدر تطلب الدعم من ناس متخصصين.

 

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب

المقالة السابقةعاداتك .. حياتك

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا