نبدأ من الأول

364

بقلم/ سارة صلاح

ونقول إننا لا نريد شيئًا ونقول إننا اكتفينا، ولكن بداخلنا جزءًا ينتظر، ينتظر الحب الصادق بجميع أشكاله، بداخلنا جزء يريد هواءً منعشًا، فرصًا جديدة، يريد أزهارًا على الأبواب وفي الطرقات، يريد أن يرى رأسًا تميل على كتف أحدهم على مقعد في الطريق العام ويدًا تضغط على أخرى لتقول “أنت لست وحيدًا.. هناك من يحميك”. جزءًا يريد سلامًا وأمانًا.

 

أبدأ من الأول؟ من الأول خالص من أول حلم جوايا، من أول قعده مع نفسي وأنا قابلاها بقوتها وضعفها. بحنينها للي فات واحتياجه للعمر اللي جاي. من أول رسمة هرسمها لأيامي الجاية، من أول فنجان قهوة مش سادة. لا بأس؛ سوف أتركها تتدبر أمرها، ليس عليّ أن أتحكم في كل كبيرة وصغيرة، أنا أعترف، أنا لست Super women. أنا هنا لأتعلم وأخطئ، ولا بأس باختيار خاطئ، ولا بأس بفشل محاولة. ولن أنسى “عندما أكون أنا أول من يقسو على نفسي، فماذا أنتظر من الآخرين؟”.

 

وقت الحزن، مفيش حد عنده تحصين من الحزن، والزعل عارف طريقه ليّ كويس وله مية سكة أو مية وألف.. وعارفة إننا معندناش زراير ندوس عليها ننسى أو نقسى، بس عندنا أسلحة تانية نحاربه بيها. واجب عليّ وقت الزعل هخلصه وأديله حقه عشان لما هقوم منه هيبقى فيّ جزء بقى أقوى محدش هيعرف يكسره تاني.. أبدًا.

 

مع الأخذ في الاعتبار إن حزني مش بيعطّل الدنيا، ومش هتقف تستناني أخلص. وطاقتى المستهلكة هتاخد وقت عشان أستعيدها، والشغف اللي بيقل من حياتي، ووشي اللي هيطفي، كل ده هياخد وقت مني لإعادة ترميمهم. ومهم أوي إني عرفت إيه المفروض يتزعل عليه وهيتزعل عليه قد إيه.

لن أكون وقحة مع حالي.. سأقف أمام المرآة وأنظر إليّ باحترام؛ أنا كيان قائم بذاته. أنا ما زلت واقفة بعد كل صدمة صعقتني. بعد كل خيانة تعرضت لها. بعد كل من تخلّى وفارق وقال إني لا أستطيع، وسأبتعد عن المقارنة؛ لست بحاجة لتضييع وقت إضافي لأثبت لا شيء.

لن أبحث عن بداية جديدة إلا وسوف يكون التسامح أول بند فيها، استطعت فهم الطاقة الكامنة في التسامح وأطلقت العنان لروحي لتصعد فوق خلافات ومخلفات البشر، شعرت بأني ملكت السر الأعظم ولن أحتفظ به لذاتي.

سلامي الداخلي لن أستمده من الخارج وهو مسؤوليتي وحدي، ولن يكون مجرد مرحلة أصل إليها لضمان بقائه، فهو يحتاج ممارسة ومجهودًا لأحافظ عليه. ولن تكفيه مساحة هنا للتحدث عنه بالتفصيل.

جعلت لي مساحتي الخاصة، مكان أدفئ فيه روحي، أشحن فيه نفسي، ده مكانش للهروب من واقع أو مشاكل، بس بحتاج فاصل أعتبرته مكان الاستراحة عشان أكمل رحلتي.

هوايتي سلاحي ضد الاكتئاب، مش شرط هواية إني أغني أو أرسم أو أكتب، هوايتك هنا الحاجة اللي روحي بتهواها وتشتاقلها وتهدا بيها. مع إني كان نفسي أغني.

يا حلمي المتأجل، يا رسمة لسه مخلصتش، يا حب خد مني امبارح، يا روح يا زهقانة، يا جسدي المُنهك..

نبدأ من الأول عشان ببساطة كده لسه قدامنا حاجات كتير ناويين نعيشها.. وكلها حاجات حلوة.

 

 

 

المقالة السابقة16 سبب للبهجة في عز الشتا
المقالة القادمةعندما يتحول الكتاب لبساطٍ سحري
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا