مرارة الطريق تسبق حتمًا لذة الوصول

1168

 

بقلم/ إيمان عاصم

 

أكتب اليوم لمن يحيا صراعًا مع حلمه.. لمن يتذوق مرارة الخوف وألم الطريق ووحشته.. لمن كان يمتلك الأمل وأخفق الآن في إيجاده.

من وقع تجربتي وتجارب أخريات يعايشن نفس الحال وعانين ذات المعاناة.. إلينا جميعًا..

 

لمن راوده الكثير من التساؤلات مثل: هل سأصل أم الفشل ينتظرني؟ هل سأجد ما أبحث عنه عندما أصل أم أني أسير صوب سرابٍ؟ ماذا سيحدث إذا وصلت لما أريده ولم أعد أريده؟ جميعها تساؤلات تشغل بال الكثيرين.

 

مع مثل هذه التساؤلات نخفق كثيرًا تجاه أهدافنا، ينتابنا إحباط وخوف شديدين من المجهول، إلا أن هذا ليس غريبًا على من يسعى لهدف في الحياة، فبكل تأكيد هو اعتاد على مثل هذه الفترات، وأنشأ معها صداقة وكوَّن تحالفًا معها.

 

من بعدها عودة أكيدة أقوى صوب الهدف على الدرب السليم، وإن جل ما نريد معرفته: ماذا يكون سبب هذا الإخفاق والعثرات المتكررة؟ هل هو بسبب عظمة أحلامنا التي تكون بعيدة أحيانًا عن الواقع وتتطلب جهدًا شاقًا، أم إخفاق منا في دراسة المجهود الذي يتطلبه تنفيذها، فنأخذ نفسًا عميقًا ثم نخفق في تنفيذ المطلوب، فنجلس بعدها يائسين، وحينها لا تجدي محاولات الأمل نفعًا؟!

 

من يمتلك حلمًا يعرف جيدًا كم أن الطريق صعب ومليء بالمعاناة والخوف والاضطراب، ذلك لأن تحقيق الذات ليس بالهين، فهذا الطريق يعتم كثيرًا، وكثيرًا ما نخشى فيه الفشل. وبعد انقضاء فترة اليأس العظيمة والفوضى الحياتية البائسة، نعود واثقين أنه ليس سرابًا.

 

بالطبع هذا الدرب معتم، لكن هناك في نهايته ما نبحث عنه، وما سوف نجده، فأقول عودي أيتها النفس لا تستسلمي فتندمين أبد الدهر على ما أخفقتِ في إيجاده، لسنا وحدنا من نيأس، ومن نخشى الفشل، ومن ينتابنا الخوف وعدم اليقين مما نبحث عنه، إلا أن العودة رائعة؛ لها مذاق الانتصار.

 

إنها العودة لمسار النضال لأجل الأحلام، العودة لرحلة الحياة الشاقة المفعمة بالأمل والحيوية، تستقبلها نفسي دائمًا بابتسامة وعودة مباركة. انتظرتك لبعض الوقت، ليس كثيرًا على حلمنا، وحينها أعدُّ نفسي وأقول سنقطع هذا الطريق لا محالة، مهما انتابنا الخوف أو الشك سوف نصل يومًا إلى ما نبتغيه، فدائمًا أنا على يقين أنك سوف تهتدين مهما سيطر الحزن واليأس والانعزال عليكِ.

 

عودةً مُرحَّب بها يملؤها الأمل، أعلم أنها سيتخللها اليأس لاحقًا مرات عديدة كما تخللها سابقًا مرات عديدة، لكني على ثقة بك دائمًا، وأعلم أن لكِ عودة مهما أخفقتِ. أثق كثيرًا بكِ فلا تيأسي، وأنتظرك فلا تخافي يومًا أو تظني أنك وحيدة، أترككِ أحيانًا تستجمعين قواكِ وتلملمين شتات أمرك لتعودي أقوى. فمرحبًا بك الآن ومرحبًا بك بعد كل إخفاق، فأنا بجانبك في كل الأحيان.

 

ما كتبته سابقًا عايشناه كثيرًا، فأكتب لمن يحيا فيه الآن من وقع تجربة تؤلم في حينها، إلا أن الانتصار على هذه المرحلة سيبني أحلامكن، ويشكل منكن شخصية قوية لا تؤثر في كيانها الصدمات بشكل كبير.

 

في هذه المرحلة عليكن بالثقة في الله أولاً، ثم الثقة بأنفسكن أنكن تستطعن اجتياز هذه المرحلة، ولن تستسلمن، تصالحن أولاً مع الرغبة في عدم فعل أي شيء ومع جميع إخفاقاتكن، وضعَنَ نَصبَ أعينكن كل التجارب التي استطعتن اجتيازها ببراعة. اشعرن بلذة الانتصار وكأنها نور يملأ روحكن، ويتغلغل في أنفسكن، ويشرق كل خلية من أجسادكن، وكأنه نور ينير لكم دربًا معتمًا.

 

تمسكن بالأمل وتقبَّلن اليأس، فلن يزول إلا عندما تتقبلن وجوده، وفي هذه الفترة لا تضعن أهدافًا كبيرة لأنها ستنتهي بالفشل، وهذا بدوره سيعزز الشعور باليأس، وإنما ضعن أهدافًا يسهل تحقيقها ليغزز لديكن الأمل ويشجعكن على الانتصار على اليأس، كما أن عليكن أن تعلمن جيدًا أن الكثيرات سبقكن على هذا الدرب، وعايشن الكثير مما تعايشن اليوم، وهن الآن على الدرب الصحيح مفعمات بالأمل.

 

فلا تستسلمن وكن على قدر أحلامكن، وافعلنها تستطعن كما استطاع من سبقكن، فلا مجال لليأس الطويل على هذا الدرب، فانهضن وهنِّئن أنفسكن بعودة مباركة وابتسامة، كان الله معنا دائمًا وعونًا لنا.

 

هل سأصل أم الفشل ينتظرني؟

 

المقالة السابقةكيف نحمي أطفالنا من ديزني؟
المقالة القادمةأميرتي الصغيرة: أجمل حكايات الأميرات الجميلات
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا