مارس شهر القوة والحب

1202

 

بقلم/ إيمان رفعت

 

مارس.. الشهر الذي أحبه ويحبني، على الرغم من عدم وجود ذكريات قوية وفريدة في هذا الشهر، يظل عندي في مكانة خاصة، ولم يحظَ مارس بهذه المكانة إلا بعد ولادة “نادين” طفلتي الوحيدة وحبة القلب.

 

لم يكن مارس هو شهر ولادة طفلتي، فقد وُلدَت في أبريل ليلة عيد زواجي الأول، وُلدت فجأة دون مقدمات، لتقدم لي رسائل كثيرة في مولدها، لم أفهمها إلا بعد مرور سنوات.

 

مارس شهرُ القوة والحب، يرتبط عندي بيومين عظيمين، يوم المرأة ويوم الاحتفال بعيد الأم وتقديرها، على الرغم من عدم وجود مناسبات شخصية في هذا الشهر فهو عندي أعظم الشهور.

 

في اليوم العالمي للمرأة أتذكر القوة وأراها في كل امرأة قد تبدو عادية في نظر الجميع، لكنها قوية بما يكفي لتتحمل كل ما يحدث في حياتها يوميًا، فقط كونها أنثى وُلدت في مجتمع لا يُمكِّنها من أبسط حقوقها إلا عندما تُظهر هذه القوة.

 

ومع كل القوة الكامنة داخلها تستطيع منح الحب بلا مقابل أو توقف، هي الأم التي يحتفي بها الجميع في عيد الأم، والتي تمنح طاقة الحب لكل من حولها دون انتظار المقابل، تناقض كبير بين القوة والحب، لكنه تناقض يمنحك الطمأنينة لاستكمال المسيرة.

 

توقفت عن لعب دور الضحية منذ وقتٍ طويل، وبدأت في استعراض القوة.. قويةٌ على نفسي وعلى كل من حولي، وبعد ولادة طفلتي لم أستطع تحمل القوة وحدها، وجدت الحب يتدفق دون أن آذن له، فأصبح هذا الخليط العجيب يحدث يوميًا، لا أفهمه لكنني أريده أن يبقى ولا يفنى مهما بلغت ذروة الأحداث في حياتي.

 

القوة والحب لم أرَهما بهذا الشكل المتناسق والمندمج إلا بعد أن أصبحت أمًا، في الحقيقة لم أدرك مشاعري إلا بعد مرور عامين كاملين، كوني امرأة في مجتمعٍ لا يتركني أستمتع بأبسط حقوقي جعل مني وحشًا يريد أخذ كل ما يستطيع بالقوة ولا يأبه بأحد أو بمشاعر أحد مهما كانت درجته عندي، اعتبروه طيشًا أو مرحلة كان يجب أن أمُر بها كي أدرك حقيقة نفسي.

 

أنا إنسان تكمن قوتي في مميزاتي التي لا يمتلكها غيري، أدركت حينها أن الطريق الوحيد للتعرف على نفسي هو البحث عما يميزني، سأكون كاذبة لو قلت إنني الآن أعرف كل مميزاتي، لكنني على الأقل أدركت بعضها، والأهم هو أن وجود ابنتي في حياتي كان بداية المعرفة والفهم والإدراك، فهي أيضًا أنثى وُلدت في نفس المجتمع، الاختلاف الوحيد أنني أمها، والآن لم أعد مسؤولة عن معرفة حقيقة نفسي فقط، بل عليّ معرفة واستكشاف هذه الطفلة الصغيرة ومنحها كل ما تستحق لتعيش وتفتخر بنفسها كونها إنسانًا وأنثى.

 

الأمومة كانت بدايتي للتعرف على نفسي التي لم أكن أعرفها، بداية التوازن بين عقلي وقلبي، هذه هي الرسالة الأولى التي قدمتها لي ابنتي دون أن تُدرِك ذلك، مجرد وجودها منح نفسي بُعدًا آخر. أحببت نفسي كامرأة وأحببتها لأنها ستكون في القريب العاجل أروع امرأة لا تخاف كونها امرأة، لذلك أحب هذا الشهر حبًا مختلفًا، أحبه بكل تفاصيله وكل أيامه.

كل عام وأنا وأنتِ وكل امرأة وأم قوية ومحبة.

 

القوة والحب لم أرَهما بهذا التناسق إلا بعد أن أصبحت أمًا

 

المقالة السابقةالأمومة.. المرادف الجديد للوحدة
المقالة القادمةكيف تحب الأمهات؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا