بقلم/ ندى جمال
كتير أوي في مجتمعنا بنسمع كلمة “إنت غلط” وقلما بنسمع “إنت ناجح”.
وعشان كده أغلب المبدعين أصحاب الفكرة المختلفة مش بيحسوا بالأمان في اتجاههم وبيلجؤوا للنمطية.
وما أكثر النمطيين في مجتمعنا. النمطي هو اللي بيلجأ لفكرة عامة متداولة لاسترضاء طائفة فكرية معينة. بمعنى أصح عشان يلاقوا تشجيع ويسمعوا الكلمة الحلوة. ومن هنا بيتحول المبدعين لنسخ مكررة بتستشهد بعبارات وأمثال ناس قبلها.. ونرجع ندور في نفس الدايرة.
فكرة الأمثال والاقتداء بيها دي فكرة مزعجة، هي عبارة عن تجارب لبشر مروا قبلنا في ظروف غير ظروفنا تمامًا، ممكن تكون صح وممكن تكون غلط.
زي حكاية قديمة.
ست راحت لجارتها فشافتها بتقلي سمك وبتقطع راسه وذيله قبل ما تقليه، سألتها الست: هو أنا لازم أعمل كده؟
جاوبتها: آه طبعًا، ده أنا وارثاها عن جدود جدودي.
تابعت الست: طب إيه السبب؟
قالتلها: والنبي ما أعرف. استني أكلملك أمي.
– آلو. ماما. هو إنتي ليه كنتي بتعملي كذا؟
والدتها: معرفش بس كنت بشوف جدتك كانت بتعمل كده.. هسألهالك.
– آلو يا أمي. إنتي ليه كنتي بتعملي كده؟
– والله يا بنتي أصل الطاسة بتاعتي كانت صغيرة وكانت السمكة كبيرة فقطعت ديلها وراسها عشان تدخل في الطاسة.
يا تري كام حد عمل زي الست دي لمجرد إنه تقليد أعمي توارثته الأجيال؟
النمطية بقت أسلوب حياة فينا لدرجة إننا مبنتقبلش أي اختلاف، وبنبص للفكرة المختلفة على إنها خروج عن الأعراف وتضييع للوقت.
كتير مننا بيبدأ من نقطة وينتهي عند نفس النقطة، والغريب إنه بيبقى سعيد وحاسس إنه وصل لنتيجة، رافعين شعار إن السلام في البساطة، ميعرفوش إن فيه فرق بين البساطة والسطحية (أي عمل اللا شيء).
قابلت كام واحد منهم لحد دلوقتي؟ طب بصراحة إنت منهم؟
كام واحد بيسألك “إزيك؟” أكثر من مرة مع اختلاف الصيغة، وعمره ما مل من سماع نفس الإجابة كل مرة؟ لأنه مش هامه النتيجة.. يهمه الخطوات.. الخطوات وبس.
النمطي معندوش حاجة اسمها اختلاف ألوان، هو يا أبيض يا أسود، الرمادي حاجة بتزعجه وبتشتته لأنه متعودش عليها، أسلوبه هو الكسل، بيكره المغامرة.
بيشغل نفسه في اكتشاف حياة ما بعد الموت، وبينسى يكتشف حياة ما قبله، بيتمنى من ربه حسن الخاتمة والنجاة من النار، وعمره ما اتمنى إن ربنا يمنحه عمل وفهم وتطور وتكنولوجيا.. مبيخافش من الجهل بل من المعرفة، وعشان كده بيبعد عن أصحابها لأنه مبيعرفش يتعامل معاهم، فبيلجأ للتعنيف سواء باللفظ أو الفعل.
النمطية عبودية شفافة، مش هتلاحظها إلا لو بدأت بالتلوين وآمنت بالاختلاف، غردت خارج السرب، بنيت لنفسك مدينة من الأفكار الخاصة بيك وحطمت سور القيود والتبعية.. لوّن حياتك ومتخافش يتقال عليك مجنون، أحيانًا في الجنان تميز، لوّن حياتك عشان يعرفك الناس وتعرف نفسك.
