بقلم/ نور ياسر
من سنين في نفس التوقيت ده.. مريت بأكبر أزمة في حياتي، أزمة من اللي مستحيل نرجع بعدها زي ما كنا، لازم نتغير ونتبدل. لسة فاكرة تفاصيل كل لحظة فيها كأنها امبارح.
من وأنا صغيرة بسمع مثل شعبي بيقول “تسلمي يا أزمة”، بس مفهمتوش غير وقتها. رغم صعوبة الأزمة دي ومرارة لحظاتها لكنها علمتني كتير، علمتني إن فعلاً كل حاجة بتعدي، بس مش دايمًا بنرجع بعدها زي ما كنا. علمتني إن مينفعش نعلي سقف توقعاتنا في اللي حوالينا، عشان السقف ده مش هيقع على دماغ حد غيرنا. علمتني إننا نعيد حساباتنا وترتيب الناس في حياتنا وجوة قلوبنا من تاني ونشيل ناس مبقاش ينفع يبقوا موجودين نهائي.
وقتها اتصدمت في ناس كتير كنت متخيلة إنهم أول حد هيبقى جنبي وفي ضهري، بس ردود فعلهم كانت كفيلة تموت كل حاجة حلوة بينا في لحظة. وفي نفس الوقت خلتني أشوف ناس مكنتش متخيلة إني هفرق معاهم أصلاً أو إنهم هيقفوا جنبي بالشكل القوي ده، وكسبتهم في حياتي لحد دلوقتي.
أكتر حاجة فرحتني وقتها هي الناس اللي مخابش ظني فيهم وصورتهم في عينيا متهزتش، بالعكس، كبرت ووضحت أكتر، كانوا أحسن ما كنت فاكرة بكتير، كانوا سند وضهر بمعنى الكلمة. فاكرة كل كلمة حلوة اتقالت، كل نظرة كانت بتطمن وتقول إحنا جنبك وحضن بيقويك عشان تتجاوز وتعدي. وبرضو فاكرة كل نظرة شماتة وإحساس خذلان وكلمة كسرت الضهر وخيبة الامل.
الأزمات اللي بنعيشها نوعين.. أزمات بسيطة بتعدي وبتتنسي بمرور الوقت، وأزمات بتتحفر جوانا وبتسيب ندوب، بتزيد مع الوقت مبتقلش، وبنفضل فاكرين تفاصيلها مهما مر عليها سنين. الأزمات ممكن تحولنا لحد تاني منعرفوش، حد بيتوجع من أقل حاجة، وبيخاف من كل حاجة. وممكن تخلينا أقوى وأصلب وجاهزين نواجه اللي لسة الدنيا مخبياه.
متخلوش الأزمت اللي بتعيشوها تعدي مرور الكرام، من غير ما تفكروا في كل لحظة فيها، وتراجعوا حساباتكم، ومين واقف جنبكم وسندكم، ومين كمل عليكم وخذلكم. ولما تشوفوا حد في أزمة ادعموا بكل قوتكم، واللي تقدروا عليه حتى لو بكلمة من قلوبكم.
حاولوا تشوفوا نقطة نور في الأزمات تخليكم تعدوها وتكملوا، وقدروا الناس الحلوة اللي كسبتوهم. ومتنسوش دايمًا تقولوا تسلمي يا أزمة.
نقطة نور في الأزمات
الحزن، تجربة، أزمة