بقلم/ إسرء هندي
الأطفال أول ما بيتولدوا معظمهم بيبقوا مغمضين، فيه بينزل مفتح وفيه بينزل ساكن وفيه اللي بيعيط، كل ده نتيجة إن الطفل خرج من البيئة اللي كانت موفراله كل سبل الرعاية والأمان (رحم الأم) لدنيا تانية واسعة وغريبة ومش مفهومة بالنسباله. أول احتكاك لينا مع الدنيا بيحتمل وجود 3 عوامل فارقة في تكوين الشخص ورسم مسارات حياته.. وهما: القبول، الاهتمام، الاحتواء.
القبول
أنا بحبك طبعًا.. بس كان نفسي تبقي حاجة كبيرة غير اللي بتفكري فيه (وش أسف/ ممتعض)
الناس دايمًا بتجيب سيرة الحب كتير، مع إنه عامل، بس مش أهم عامل. هل كل اللي بيحبونا قابلينا زي ما إحنا بشكلنا، أفكارنا، مشاكلنا، بطريقة حياتنا؟ هل إضافة كلمة “بس أنا بحبك” بتديك صك ضامن إن أي كلام يحتوي على إشارات عدم قبولك ليَّ هو لازم يعدي عشان تم ذكر كلمة “بحبك” في السياق؟
كذلك نفس الكلام اللي ممكن أب أو أم يقولوه “مفيش حد مبيحبش ولاده، بس أنا عايزاك تعمل كذا كذا…، أنا بحبك بس لو لبستي كده، أو دخلتي الكلية الفلانية أو حتى لو غيرتي وجهة نظرك هتبقى أحسن في عيني”، عشان كده معظم الناس والعائلات بيوصلوا لنقطة سد مع أولادهم.
الحب قصة مختلفة تمامًا عن القبول. القبول أشمل وأرحم، لأنه بدون شروط، ومفيهوش أي نوع من الحواجز النفسية اللي بتمرر أي مشاعر حلوة بين الناس.
ما دام قبلت إني أحب شخص (أم، أب، حبيب، حبيبة، صديقة… إلى آخره) لازم أبقى متأكد إني أقدر أدفع فاتورة الحب من قبول واحترام وحفظ المساحات الشخصية.
القبول بيخلق علاقات قادرة تستمر وتعيش وتطول، قادرة تخلق أعذار قبل إطلاق الأحكام. وأهم قبول ممكن الإنسان ياخده هو قبول أبوه وأمه، بيبقى عامل زي السد المنيع ضد أي حدث ممكن يحصل برة إطار البيت، وده بيكمله حاجة.. الاحتواء.
الاحتواء مش بين اللي بيحبوا بعض بس والله.. أنا عايز اللي يحتويني
هل تعلموا إن فيه منظور آخر للاحتواء اسمه “احتواء المخطئين”؟ آه والله! النوع ده موجود ومحتاج إنه يسلط الضوء عليه شوية، عشان نرحم بعض من نفسنا شوية.
احتواء المخطئين هو إنك تشوف شخص قدامك أخطأ وتدارك خطأه وأعلن عن ده. نقوم إيه بقى، نقول على سبيل المثال: “لا معلش.. اللي غلط فيَّ مرة أنا بشيله من حياتي، أنا مش قابلة أسفك، بلوك من حياتي ومن كل الأبليكشنز عندي على الموبايل”. هتفهمك بالطريقة قد إيه إنت مش مهم، “فهمت قد إيه إنت مش مهم ولا أفهمك أكتر؟”.
بلاش تتعامل مع الناس على إنهم Figures وأشياء ممكن تشيلها بدوسة زرار، لأن في الغالب ده بيوضح إنت بتشوف نفسك إزاي.
على صعيد آخر.. الأب والأم.. فيه نسبة مش قليلة، بتحط الاحتواء في دايرة “خد فلوس، اعتبرني صاحبك واحكيلي، وغالبًا بيبقى فخ. المرحلة دي بيبقى الابن أو الابنة محتاجين يعرفوا إنهم ممكن يغلطوا ومتعايروش بالغلط ده العمر كله، أو على الأقل لا يتم ذكره دايمًا في أي موقف مشابه، عشان خلق الثقة بتيجي إني أستوعب الغلط وأتعامل معاه بدون عنف.
إنك تحتوي شخص أقر بغلطه دي علامة من علامات النضج، إنك تحتوي شخص أخطأ في حق نفسه وقرر ياخد طريق أحسن بتديله ثقة في نفسه، وبينعكس بإيجابية على أفعاله. إنك تحتوي هفوات وتتغافل عن أخطاء غيرك ده مش عبط ولا تنازل في حق نفسك. ولكن إنت بتزرع زرعة لنفسك بإيديك عشان لما أنا آجي أغلط ألاقي اللي يحتوي ده بدون ما يحسسني بأي نوع من الانزعاج، أو أي مشاعر سلبية، وده بيتخلق لما بنهتم.
الاهتمام مبيطلبش
الاهتمام أنواع، فيه اهتمام عاطفي، اهتمام مادي، اهتمام معنوي. ويتم التعامل مع الأشكال دي بأنواع كتيرة حسب كل شخصية وحسب كل علاقة.
الأب والأم مطلوب منهم يدوا جميع أنواع الاهتمام لحد ما يوصل الأولاد للسن اللي يقدروا فيه يكفوا نفسهم.
أول اهتمام بيجى للطفل من أمه وبعدين باباه وبعدين باقي الناس.
هل تعلم إن الاهتمام أحيانًا بيكون لعنة؟! ده بيظهر في صورة الأم اللي عايزة تطمن على أولادها طول الوقت، وبالتالي هي متوترة طول الوقت ومضغوطة، وبالتالي اهتمامها مش بيطلع بالشكل المظبوط على قد ما الأولاد بيفسروه بالخنقة والتكدير.
على صعيد العلاقات هنلاقي الراجل مثلاً بيجيب هدايا للبنت اللي بيحبها غالية وكتيرة، وممكن تكون البنت مش بتحب تستقبل الاهتمام بالشكل ده، فتحصل الفجوة وبيتاخد الاهتمام بشكل تاني.
الاهتمام ممكن يكون كلام، أفعال، حاجات مادية، اختلاق أعذار، احترام، سند وقت الشدة وممكن حاجات كتيرة قوي. كل ده بيحدده نوع العلاقة والشخصية اللي بتهتم واللي بتاخد الاهتمام.
كل سنة بتعدي من عمر الشخص مشاعره بتنضج معاه، ومرونته بتزيد، وقيمه بتوضح (ده على افتراض إنه شخص بيتطور وبيعبر عن مشاعره).
قيمة القبول ممكن تتخطى الحب. قيمة احتواء الخطأ هتبقى أحلى من مشاعر كتيرة جياشة. قيمة الاهتمام بما يحتاجه الشخص فعلاً هيبقى أجدع من مليون هدية بفلوس كتير. صناعة شخص سوي هي صناعة بتحتاج خسارة وألم ودفع فواتير كتير عشان توصل لقيم حقيقة تشكل بيها نفسك بشكل
