أنا أنثى لم يُخبرها أحد عن الأنوثة

1845

 

بقلم/ وفاء مرزوق

 

نعم.. أنا أنثى لم يُخبرها أحد عن الأنوثة شيئًا، لم تخبرها أمها عن أي تغير سيحدث لها في مرحلة المراهقة. لم تعلم مُسبقًا عن جسدها الذي ستتغير ملامحه لتصبح أنثى. فقط شاهدت تلك الملامح وهي تنبت أمام عينيها يومًا بعد يوم. لم تقل لها إن رحمها ستنفجر منه الحياة في وقت من الأوقات، لكنها فوجئت بآثار تلك الحياة على ملابسها!

أنا أنثى لم تُدرك أهي لعنة أم نعمة أن تكون أنثى!

 

أنا أنثى تربت على أن الجسد عورة، وملامح الأنوثة فتنة، فظلت سنوات دراستها تحتضن الكتب لتُخفي تلك المعالم. وبعدها أخفتها في الملابس الفضفاضة التي لا توضح ملامح هذا الجسد أهو لأنثى أم لرجل.

 

أنا أنثى حينما تكون في عادتها الشهرية تذهب لشراء مستلزماتها ملفوفة في جرائد ثم كيس أسود، فتعلمت أن طمس المعالم هو سمة كل الأشياء.

أنا أنثى تعلمت عن الأنوثة بملاحظة أحاديث وحكايات أقران الدراسة، فتفاوتت تلك المعرفة بين نقيضين.. ما بين ميوعة البعض، وجمود البعض الآخر.

 

أنا أنثى لم تدرِ كيف جاءت إلى تلك الحياة، وظلت فترة تشاهد أفلام الأبيض وأسود حينما يُقبِّل البطل البطلة وتظلم الشاشة فتصبح البطلة حامل في اليوم التالي. هكذا ظننت كيف يأتي الأطفال، هم يأتون من تبادل القُبل.

 

أنا أنثى تعلمت أن الأنوثة في الاستكانة وخفض الصوت، وعدم الدخول في حوارات، وعدم إبداء الرأي في أي شيء. فهذا الرأي في البداية والنهاية غير مهم بالمرة، ولن يفيد في شيء على الإطلاق.

أنا أنثى شبَّت على أن أي محاولة للتجميل هي محاولة معيبة للفت الأنظار، فتهذيب الحاجب عيب ولا يليق، وإزالة شعر الجسم ليس بضروري، فلتبقي على طبيعتك.

 

أنا أنثى حينما قيل لها من شخص “أنا معجب بكِ” أرادت أن تنشق الأرض وتبتلعها، أو أن تأتي رياح قوية وتُطيح بها بعيدًا عن تلك المواجهة التي لا تعلم لها ردًا. لا.. بل تعلم، فحديثها الداخلي يقول: “أنا قبيحة.. كيف يُعجب بي هذا الشخص؟! أنا غير مرئية بالمرة.. كيف رآني هذا الشخص؟!”.

 

أنا أنثى قيل لها معايير قياسية للجمال هي لا تتمتع بها، كطول القامة ولون البشرة، وملامح الوجه، واستقامة الظهر، وحتى حجم الثدي! أنا تلك الأنثى التي ظلت سنوات لا تنظر إلى جسدها، ولا تُطيل الوقوف أمام المرآة. وبما أني لا أملك تلك الصفات فاعتقدت أن من الأفضل لو كنت رجلاً.

 

أنا تلك الأنثى التي ظلت تبحث عن المعنى الحقيقي للأنوثة، وهل هو بهذا القُبح أو بتلك المعايير، أو هو لعنة يجب التعايش معها طيلة العمر!

أنا أنثى لم يخبرها أحد عن الأنوثة، ولكنها أخبرت وما زالت تُخبر نفسها.

 

لكنها أخبرت وما زالت تُخبر نفسها

 

المقالة السابقةتعرفي على فوائد المزلق الحميمي وأضراره
المقالة القادمةما هي علامات رضا الزوج في الفراش؟ كيف تكون العلاقة الحميمة ناجحة
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا