تحب تسمع ايه؟

916

 

 

كتبته: آن سامي

 

مع أني كبرت، لكن لسه ذكريات الدراسة ومدرستي في ابتدائي -تحديدًا- لا زالت بتقبض لي قلبي. لسه -حتى الآن- كل ما أعدي من قدامها أودي وشي بعيد؛ علشان مش عاوزة أفتكر كمّ الخوف المحفور جوايا من سنين طفولتي فيها!

مش ناسية التفتيش على ضوافري ولمعان جزمتي، كنت بتنفض من الخوف. ولا ناسية المرة اللي كنت رايحة فرحانة بتُوْكِة شعري الجديدة، واللي للأسف اتشدت من راسي في طابور الصبح؛ علشان منقار العصفورة في التوكة كان أحمر مش أبيض! كنت ملتزمة، مطيعة، هادية للي يشوفني من برَّا. لكن من جوَّا متكتفة بالخوف من التهديد، التذنيب، أوحتى الضرب!

ظهر لي وجه جديد لما نقلت منها. وعلى الرغم من أني نقلت لمدرسة أقل في المستوى، لكن الحرية اللي كانت فيها ساعدتني اكتشف جوانب جديدة في نفسي كانت مستخبية من الخوف! اكتشفت أني اجتماعية، شاطرة، وينفع أطلع من الأوائل، اكتشفت أني بأحب حاجات زي الرسم والقراية .. وكأني بعيد عن الخوف عرفت أتنفس، أكبر واكتشف وأبدع.

  • مدرسة الحياة

بعد ما بنخلص مدارس وكُليَّة، بندخل مدرسة الحياة. المدرسة اللي ملهاش منهج، واللي فيها أنا بس اللي مسئولة عن نفسي وبأشيل شيلتي، المدرسة اللي بنقابل فيها الكويس والوحش، الصعب والسهل؛ المدرسة اللي امتحاناتها كثير منها بيكون على غفلة، وفي حاجات ممكن نكون منعرفش عنها حاجة من قبل كده!

مدرسة بشوف أن الشاطر اللي فيها؛ هو اللي فهم بدري أن أيامه في الدنيا محدودة فأخدها من قصيرها، واختار هو عاوز يعيش لايه، وعرف يعيش معناه من غير ما يتأخد في سكك مش بتاعته. الشاطر هو اللي عرف أن الحاجة الوحيدة اللي ينفع يسيطر عليها ويمشيها على مزاجه؛ لن تتعدى نطاق “نفسه” وبس. حتى دي مش سهلة!مش سهلة بجد!

  • طريق الرحلة

دايمًا لما بتخيّلني وأنا في طريقي لتحقيق أهدافي؛ بشوفني كأني سايقة عربيتي وطالعة على طريق جديد. أوقات الطريق بيكون ممهد، وأوقات بيكون مليان مطبات، أوقات الشمس بتكون طالعة، وأوقات الدنيا ضلمة كحل، أوقات “الجي بي إس” بيكون شغال كويس، وأوقات بيتوهني. ومع أن دي حاجات وراد أنها تحصل، لكن ده لا ينفي أنها بتخوف.

فيه رهبة في الخروج لمناطق جديدة؛ حتى واحنا مصدقين أنها ممكن تكون أراضي صالحة لزراعة أهدافنا. بأخاف وأقلق من اللي جاي مع أنه مجاش أو مش شرط يجي، أو لو حتى جه مش لازم هايعمل فيا اللي كنت متخيِّلاه! بأخاف من الخروج عن النص “الناس هاتقول عليَّ ايه؟”، بأخاف من نفسي لأفشل وبأعول برضه هَمّ نظرة الناس لي ساعتها!

واللي بيحدد هأكمل ولا هأوقف هو الصوت اللي شغال في الكاسيت؛ اللي أنا عمالة أسمع له طول الطريق، الصوت اللي بيدور جوَّا دماغي أنا!

  • أغاني الخوف (الرحلة)

بأكون سايقة في طريقي ومركزة على هدفي، لكن الأغاني عالية وبتقول: الطريق صعب وطويل أنتِ مش قدّه، الطريق ده لناس عندها قدرات غيرك، افرض عملنا حادثة! لفِّي وارجعي خلينا في اللي نعرفه! شايفه العربيات اللي حواليكِ سايقة حلو ازاي؟ ناجحة في علاقاتها ازاي؟ بتربي عيالها كويس ازاي؟ عارفة تحقق أحلامها ازاي؟ ناقصك ايه علشان تكوني زيهم؟! مش احنا طلعنا الطريق ده كذا مرة وكنتِ بتوقفي في النص وترجعي تاني؟ دي المرة الكام للدايت؟ المرة الكام اللي قلتِ هاتنتظمي في الصلاة؟ المرة الكام اللي اشتركتِ في كورس ومكملتيش؟ ايه اللي هايضمن أنك هتعرفي تنجحي المرة دي؟

وما أصعب السواقة، والأسئلة دي شغالة بصوت عالي ومش بيترد عليها! .. ما أصعب الحياة والسعي فيها؛ وخوفي منها ومن نفسي هو اللي مالي عيني، هو اللي مالي المشهد!

  •  السواقة فن

قالوا إن الكنز في الرحلة. وأعتقد أنه بوجود كل الأصوات دي صعب نلاقي الكنز. ده إذا قدرنا نكمل الرحلة أصلًا! الطريق ممكن يكون مبهج، فيه زرع وخضار، تفاصيل ترد الروح. لكن صعب نشوفها والدوشة دي كلها شغالة جوَّا! الحياة بتتعاش مرة واحدة وساعتها مش هايفيد الندم على العُمر والطاقة اللي ضاعت واستنزفت في الضغط والخوف والقلق!

ولسواقة رايقة هأقولك في السطور الجاية شوية نصايح، لعل تلهمك على الطريق:

– زي ما الصيانة الدورية أمان، فالفحص الدوري للأفكار والدوافع اللي جوايا كل شوية ضروري. فيه فلاتر بتبقى محتاجة تتنضف، زوايا محتاجة تتظبط. وأنت عارف قد ايه ده بيفرق في سرعة وثبات العربية من بعدها على الطريق؛ زي ما بيفرق جدًا في تركيزنا على أهدافنا؛ وكأنه بيوجه ويكثف طاقتنا لتحقيقها.

– أنا من الناس اللي بتوطِّي صوت الكاسيت لما بأكون عايزة أركز في الطريق. ومتسألنيش ايه العلاقة؟ وبأشوف أن ظبط علو صوت الخوف مهم لسواقة مش بس رايقة لكن آمنة. الخوف لا يكون عالي بزيادة بالدرجة اللي تخليني مكلبشة في الدريكسيون ورجلي دايسة فرامل أكتر من البنزين دون داعي، ولا يكون الصوت واطي خالص للدرجة اللي تخليني متهورة وبأعرَّض روحي للخطر! التوازن حلو. ومع أنه مش سهل بس دليل حياة!

– قد ايه مشجع أبص كل شوية على اللي مشيته من الطريق وأفرح بنفسي. فيه أهداف هتأخد العمر كله، ومش معقولة هأجِّل الفرح لآخر العمر! اركن كل شوية حلوين في السكة على جنب، وأُقَفْ وقفة امتنان صغيرة كده لنفسك، لربنا، للي ساعدوك تعدي اللي فات مهما كان قليل بالمقارنة باللي باقي. جرب تشغل أغاني الاحتفال بإنجازاتك الصغيرة، وشوف قد ايه هتشحنك تستمر لحد ما تحقق الأهداف البعيدة. وااه أوقات مش بنعرف نقيم روحنا صح، وده بيبقى وقت الدايرة الآمنة القريبة اللي بتساعدنا نلقط إنجازاتنا، اللي احنا مش شايفينها، ونبتدي نتعلم نفرح بيها.

– قد ايه بأستمتع لما بأفتح الشباك كل شوية وأنا سايقة. بأطفي الكاسيت وأسمع للحياة حواليا بتقول ايه؟ مش دايمًا على فكرة بلاقيها بتحط عليّ وتطالبني باللي ليها. أوقات بلاقيها بتضحك في صورة شكر على معروف عملته لحد، أوقات بلاقيها بتلمع بجمال تفاصيلها الرباني في الطبيعة، أوقات بتفاجئني بطبطبة حنونة في عز الحوجة!

وأخيرًا افتكر دايمًا أنك في طريق مش في سباق. حُط عينك على وجهتك، ومتنساش وأنت رايحلها تعيش وتبدع!

 

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب

المقالة السابقةتانجو الحياة 
المقالة القادمةقوة الدفع

1 تعليق

  1. آن المبدعه دايما ، واللي كلامها بيلمس القلب قبل م تشوفه العين ❤️ دايما عندك قدره غريبه إنك بسلامه توصلي لقلبي وعقلي ❤️ممتنه ان ربنا جعل ف الدنيا حد جميل زيك ❤️

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا