قانون السينجل ماذرز في مصر ظالم

1140

تعاني الأمهات في مصر من شتّى أنواع المشكلات، منها الاجتماعية والأسرية والمادية، ولكن كأنه جاء ليزيد الطين بلّة، فإن حتى القانون المصري لم يكن في صالح الأم المصرية، تولّد لديَّ هذا الرأي بالاستماع لمشكلات العديد من الصديقات، اللاتي عانين صغارًا دون أب، أو عانين أمهات دون زوج، كما اصطلح على تسميتهم “سينجل ماذر”، أو الأم العزباء إن أردنا الترجمة الحرفية. حتى لا أكون ظالمة أو متجنية على القانون المصري فيما يخص هذه الأمور، استشرت المحاميان وائل حفيضة ومصطفى أبو إبراهيم فيما يخص البنود القانونية، ووضحا لي القوانين المختصة بالسينجل ماذر وأبنائها كالتالي:

 

1- تسجيل المواليد:

لنأخذ المشوار من بدايته، منذ أن تصبح الأم سينجل ماذر قانونًا، فعند ولادة الطفل من له الحق في تسجيله بالشهر العقاري؟ أُكد لي أن حق تسجيل الطفل يعود للأم ولا يجب وجود الأب أو من ينوب عنه، وهو ما تعارض لما حدث لي بشكل شخصي حين رفض الموظف المسؤول تسجيل ابنتي دون وجود والدها أو جدها لأبيها، ليجاوبني المحامي في الحال أن الكثير من الموظفين يرفضون تسجيل الطفل، لأنه حين يرفض الأب الاسم الذي منحته الأم للطفل، يكون الأب الأحق في تسمية الطفل قانونًا، ومنعًا للمزيد من العمل والكثير من الإمضاءات، يرفض الموظف أن تسمّي الأم مولودها “من بابه” رغم أنه غير قانوني.

 

2- الولاية التعليمية:

هنا يختلف الأمر بين الأرملة والمطلقة، فالأرملة لها الولاية التعليمية وكل ما يخص شؤون الأطفال القُصّر بشكل تلقائي، ولا تحتاج إلى أي أوراق رسمية لإثبات ذلك، أما المرأة المطلقة فبالرغم من أن الوصاية التعليمية تكون من حق الحاضن، فإن هذا الأمر لا يتم بشكل تلقائي، ويستلزم على الأم المطلقة أن تقدم أوراقًا للمحكمة وتمضي على أخرى من أجل إثبات ما هو حقها قانونًا.

 

3- الوصاية المادية:

الوصاية المادية هي مشكلة كبيرة بالنسبة للأرملة، فبرغم أن الأم هي الحاضن الطبيعي للأطفال، فإن الولاية على المال الموروث للطفل في حالة وفاة الأب، تكون من حق الجد لأب، إن لم يترك الأب وصية يوصي فيها أحدًا آخر بالوصاية على مال أطفاله، حتى وإن كانت أرملته حية تُرزق، ويمكن أن تحصل هي على الوصاية المالية فقط في حالة أن يتنازل لها الوصي وأن توافق لها المحكمة.

سواء كانت هي الوصية أم شخص آخر، فلا يزال هناك المجلس الحسبي أو النيابة الحسبية، فكل ما يخص الطفل القاصر من أموال أو ممتلكات هي في حوزة المجلس الحسبي، لا يمكن أن يخرج مليم زائد عن مبلغ 300 جنيه شهريًا، دون موافقة المجلس الحسبي، الذي يجب تقديم كشف حساب له، بالمأكل والمشرب والمسكن والترفيه “حاشا لله يعني”، وللمجلس أن يقرر ما إذا كان المبلغ المطلوب سفهًا أم منطقيًا.

 

رغم أن نفس الأمر يحدث في حالة وفاة الأم، أي أن الأب لا يستطيع التحكم في ميراث أبنائه من والدتهم، لكن هذا لا ينفي الظلم البالغ الواقع على الأسرة ككل بسبب المجلس الحسبي للأسباب الآتية:

 

أ- يقال إن وجود المجلس الحسبي ضروري لحماية حق القُصَّر من التبدد أو الإسراف الذي قد يقوم به الحاضن، سواء عن جهل أو عن عمد، إذًا فهذا القانون يرى بشكل واضح أن نقود الأطفال أهم من حياة الأطفال نفسها، وهو أمر عجيب للغاية.

ب- القانون مهين للأم، فهي يجب أن تقدم حسابًا شهريًا بالمصروفات إن أرادت الحصول على أكثر من 300 جنيه، وهو أمر غير منطقي أن تخرج أسرار الأسرة ومدفوعاتها شهريًا بهذا الشكل للعلن.

ج- المجلس الحسبي لا يسكن مع الأسرة، ولكنه يتحكم في المستوى المعيشي لها، وله أن يرفض إعطاء المبلغ المطلوب لأنه يرى أنه زائد عن الحد.

د- في عمر الـ16، يحضر الابن مع أمه إلى المجلس الحسبي في كل مرة أرادت صرف المزيد من النقود، ليسأله القاضي إن كان يوافق على هذا أم لا، ضاربًا بعرض الحائط ما قد يفعله هذا بثقة الأبناء في والدتهم.

 

أعترف بأن هذه هي مجرد قشور القانون، والقانون له دهاليز وسراديب كثيرة، والحالات القضائية متباينة ومتشابكة، ولكن حتى هذه القشور تبدو ظالمة للغالبية العظمى للأمهات الوحيدات، وبدلاً من أن يقف القانون بجانبها لتشجيعها، يحطمها قدر الإمكان ولا يرى أنها وليًا طبيعيًا لأطفالها، وكأنها شخص غريب أو غير مضمون مهمته الوحيدة هو إنجاب الأطفال، أما كل ما هو دون ذلك فيجب عليها أن “تلف السبع لفات” كي تثبت حقها، فما بالك بما هو ليس حقها قانونًا في بلد لا يشجع النساء بطبيعة الحال!

 

للأسف أنا لا أتجنَّى على القانون، فهناك العديد من القوانين الأخرى التي تتعلق بمختلف نواحي الحياة، فعلى سبيل المثال لا يمكن قانونًا للأم المطلقة الحاضنة لأطفالها أن تسافر دون إذن الأب، إلا إذا كانت بموجب قضائي للضرورة فقط، أما في حالة الأب فيمكنه بالطبع أن يسافر بالأطفال في أي وقت وهو ليس حاضنًا لهم، ولا إذن الأم ولا يحزنون، وكأن للأب للمرة الألف حقًا في الأولاد أكثر من حق أمهم فيهم.

 

أعلم بالتأكيد أن هناك بنودًا أخرى في قانون الأسرة يشكو منها الرجال، منها على سبيل المثال قانونَي الحضانة والرؤية، ولكني معنية الآن بمشكلات الأم، نظرًا لأنها الأكثر في هذا البلد الذي لا يحب نسائه، ويتفنن في إيذائهن كلما استطاع حتى لو لم يكن القانون في صفِّه، فهل يستطيع السادة المُشرِّعون أن يعيدوا النظر في القانون الحالي، وأن يحاولوا معاملة الأم كمسؤول طبيعي عن الأطفال، كخطوة أولى على الأقل؟!

المقالة السابقةالبطلة التي لم تحبني
المقالة القادمة“بسمة”.. سينجل ماذر من قلب المعمعة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا