كان أسبوع الغواية.
في اليوم الأول اتخذت ملامح الشيطان طريقًا لها، لترسم حاجبيها وتضع المساحيق على وجهها وتدق الوشم أسفل ظهرها، وتترك شعرها الأسود يغطي نصف وجهها الأيمن ليكشف عن جزء من شفتيها اللذيذتين بطعم التوت البري.
لم يكن أمامه سوى أن يتلهث تحت قدميها ككلب مدلل.
أما اليوم الثاني فتقمصت دور البراءة في زي طالبة مدرسية بتنورتها القصيرة جدًا وقميص أبيض شفاف يكشف عن أنوثتها المبكرة، ولم تختبر أيًا من المساحيق على وجهها، بل رفعت شعرها كله على الجانب الأيسر كذيل حصان.. ما دفعه كي يحاول جاهدًا أن يسلبها هذي البراءة بود وحنان غاب عنهما طويلاً.
واليوم الثالث أتقنت دور الغازية بجلباب ذهبي لامع يحدد ملامح جسمها مكشوف الساقين، وشعرها الغجري المموج مرسل على ظهرها، وكحل أسود ثقيل حدد جمال عينيها. شعر بدم البدوي يجري في عروقه، وأخذ يدور حولها ثائرًا لا يدري من أين يجذبها!
رابع يوم تنكرت في الساري الهندي الذي كشف عن خصرها، حيث كانت تضع حلقًا في سرّتها وآخر في منخارها، وقسمت شعرها نصفين وعقدته بضفيرة للخلف، ثم أشعلت بخورًا برائحة العود الذكية، على خلفية موسيقى هادئة، حين نظر إليها شعر كأنه امتلك خفّة ورشاقة مكّنته من اجتذابها بين ذراعيه، ليظلا طوال الليل يتراقصان على أنغام وتر الحب الذائب بينهما.
في اليوم الخامس أعدّت طعامًا شهيًا على أضواء الشموع، وجلست على المائدة تنتظره بثوب أسود طويل مرصّع بالألماس، والحلق اللامع الذي أهداها إياه في ذكرى زواجهما الأولى يتدلى من أذنيها، وكعب عالٍ، وشعر تفننت في رسمه بخصلات ذهبية ورائحة عطر أعادتهما إلى ذكريات خطبتهما التي ظلا يتسامران حولها لساعات طوال، دون أن يملّا الحوار بضحكات وهمسات ولمسات.
أما اليوم السادس فوقف ينثر عليها ورقات المال وهي تتمايل أمامه ببدلة رقص خليعة وأغانٍ شعبية، حتى توقفا عن ذلك عندما دق جرس الباب، فوجد أحد الجيران يعتذر ويطلب منهما خفض الصوت لأن لديه امتحانًا في الصباح.
دخل إليها ليخبرها بذلك وتوقفا لوهلة ينظران إلى بعضهما حتى أصابتهما حالة هيستيرية من الضحك، ليكملا ما كان يفعلان وكأن شيئًا لم يكن.
اليوم السابع أخرجت ثوب زفافها وارتدته وأتقنت تمثيل كل ما فعلته في يوم زفافها، بدءًا من تورّد وجنيتها خجلًا حتى آخر السهرة.
كانت تعيد ذكريات اليوم بأدق تفاصيله، واستجاب لها وكأنه فعلًا يوم زفافهما.
في اليوم الثامن عاد إلى البيت متلهفًا لرؤية المزيد، بعد أن اعتذر لأصدقائه عن موعد لقائهم، ليجدها ترتدي البيجامة وتأكل الفيشار أمام التلفاز.. جلس بجوارها مندهشًا!
سألها: ماذا سنفعل اليوم؟
قالت: فيمَ؟!
قال: لا شيء.
قام حائرًا ودخل غرفته يفكر.. هل عليه أن يبادر؟ هل فعل شيئًا ضايقها؟ هل تنتظر هي منه شيئًا؟ ألف سؤال دار في رأسه جعله يأخد الغرفة ذهابًا وإيابًا دون سبب.. في حين جلست هي أمام التلفاز تبتسم ابتسامة ماكرة.
قالوا عن النساء إنهن غاويات، يفعلن ما يحلو لهن بالرجال، يبعدنهم أو يقربنهم برغبتهن. قالوا عن النساء إنهن ماكرات، وهن فعلًا كذلك.
يحضرني قول الشاعرة العراقية ردينة، في قصيدة “تراتيل المساء”:
ماكرة الهمسات
جريئة اللمسات
تستفزينني
وتختبئين خلف العبارات.
فاحذروا غضب النساء أو ظلمهن.. إن كيدهن عظيم.