علامات حمراء لا تتجاوزيها

1120

علامات حمراء لا تتجاوزيها

 

بقلم: يوستينا جورج وليم

 

“أنا زعلانة مش علشان هو ماعرفش يحبني،   لكن اللي واجعني فعلًا إن أنا اللي ما عرفتش أحب نفسي.”

دي الجملة اللي فجأة لقيتها بتخرج مني رغمًا عني!

 

لأني كنت فاكرة أني فيض من “الحب” اللي لا يمكن أبدًا ينتهي، ولا حتى في يوم ها يشتكي بخل المشاعر، ويَمُلُّ الألعاب النفسية.

فسمحت لنفسي إنها تكمل رغم كل المؤشرات اللي بتقول إني ما ينفعش أسيب قلبي رهينة بين إيديه.

تجاهلت كل “العلامات الحمراء” اللي بتدل على عدم أمانته عليّ، وخلقت مليون عذر لأفعاله المتقلقلة، وكمان تجاوبت مع ألعابه المتنوعة.

ومن غير ما أدرك لعبت معاه وكنت فاكرة إني كده بحافظ على علاقتي بيه، بس للأسف اكتشفت إني مش لعيبة زيه، وخسرت في كل “الألعاب النفسية” اللي اتورطت فيها من غير ما آخد بالي،
والألعاب دي كانت زي:

– إني ماعرفتش فجأة اختفي وفجأة أظهر، لكن أنا كنت طول الوقت موجودة، فاتحة قلبي ومشاعري وأحضاني، على عكسه.

لأنه هو دايمًا كان عارف إمتى يكون موجود علشان يعلقني بيه ويخليني أعتمد على وجوده.

وإمتى تاني يهرب ويسيبني لأسباب وأعذار مختلفة،
عمرها ما كانت سبب كافي للترك، بس أنا دايمًا كنت بلاقي له مبرر.

 

  • وما عرفتش أقلل من قيمته، لكن أنا كنت طول الوقت بشجعه وبمتدحه.

لكن هو كان دايمًا بيحسسني إن عيوبي قد البحر ما لهاش نهاية، وإنه متحملني رغم كل اللي عندي وفيَّ.
كان دايمًا بيوصللي إني مستحيل ألاقي حد يحبني، وأنه “حبه الكاذب” ليَّ هو قارب النجاة الوحيد في وسط بحر أخطائي وعيوبي.

  • ما عرفتش أشوفه ضعيف، لكن هو كان شايف كل ضعفي واستخدمه لمصلحته.

كل مرة كشَفت نفسي قدامه وأظهرت مخاوفي وضعفاتي، كان بيعرف كويس إزاي يستغلهم ويشاور على نَقصي واحتياجي العميق لوجوده.

 

  • ما عرفتش أقارنه بغيره، لكن هو طول الوقت كان بيقارني بغيري
    وعمري ما كنت في عينيه كفاية.

كنت ببذل مجهود مضاعف وزيادة علشان أعجبه لكن للأسف مجهودي كله كان بيقع في الأرض، لحد ما استنزفت بالكامل وحسيت أني فعلًا ما استحقش حتى إعجابه.

  • ما عرفتش أقول كلام بمعاني كتير، أنا كنت واضحة في رسايلي

لكن هو كان بيحسسني بالحاجة وعكسها في نَفس الوقت.

كنت أوقات باحس بكلماته وعمقها وبتأثر جدًا بيها، بس ما كنتش أعرف اسأله عن مسؤوليته تجاه أي كلمة بينطقها، لأنه بيعرف كويس إزاي يتلاعب بالألفاظ والكلمات، فكان بيسرق مني حقي في إني أصدق مشاعري، فانقسمت على نَفسي وكرهت أحاسيسها، لأنها بتخدعني بالوهم، كأني ماسكة هواء في إيديا.

 

  • ما عرفتش أغضب زيه وأعاقبه على كل غلطة في حقي، لكن هو دايمًا كان بيتقمص مني زيادة ويبالغ في ردود فعله.

كان مهما عمل وجرحني بسامحه، بس هو ولا مرة سامحني بدون عقاب منه ليَّ.

 

  • ما عرفتش أحسب مشاعري واللي باقدمهوله بالتنقيط زيه، هو كان بيعرف يحسبها كويس، لكن أنا كنت دايمًا بدّيله من غير حساب.

لأني ببساطة كنت بحبه، فماكنش عندي مانع حتى لو أقدمله

“حياتي هدية” لو طلبها.

 

بس اللي اكتشفته إني فعلًا قدمت له حياتي من غير ما يطلبها، لأنه هو بقى “مركز عيني”، ماكنتش عارفة أشوف غير “هو محتاج إيه؟!” ونسيت “أنا عايزة إيه؟!”

 

كنت واخدة عهد على نَفسي أني ها كمل أشوفه “يستحق“، وها حارب كل المعوقات اللي ممكن تمنعنا نكون أقرب، كل الصعوبات اللي ها تقابلنا مش ها سيبها تغلبنا.

 

بس اكتشفت أني أخدت “العهد” لوحدي، وبدل ما أحارب الصعوبات والمعوقات، حاربت نفسي!

حاربت حقي في إني ألاقي شخص يشاركني “المشوار“، فمشيت سكك كتير لوحدي على أمل أني أتقابل معاه في نفس سكته وأبقى موافقة للمواصفات الشروط اللي كان بيطالبني بيها.

وأقنعت نَفسي أنها “ماتستحقش” حد يحبها ويبذل نفسه علشانها، زي كل البنات الباقية.

وإن أكيد “المشكلة” فيَّ زي ما هو قالي، وأكيد الغلطة مني، فمحتاجة أبذل مجهود زيادة شوية وألاقي جذور الغلطة اللي فيَّ!

وبعد سنين بحاول أغيّر نَفسي فيها، أكتشفت إن عُمر ما كانت دي مقاييس الحب والمحبة، وإن حق “الحب الحقيقي” في:

“الألتصاق” بدون معافرة في طَلب “القُرب“.

“وضوح المشاعر” بدون لوم وتوجيه الأخر “للإحساس بالذنب”.

– “مواجهات بناءة” بدون تجريح أو إخفاء “للحقيقة“.

– “الأمانة والتقدير” في السر قبل العلن بدون “خيانة”.

“عطاء من غير حدود” من الطرفين بدون “استنزاف“.

– “غفران الضعفات” ودعم الآخر في التغلب عليها بدون “عقاب”.

– “احتواء وقبول” في كل وقت بدون “انسحاب مفاجئ” أو تهديد “بالترك”.

 

اكتشفت إن “الحب الحقيقي” مشوار حياة مش مجرد مشاعر، وإن الحب بيحرر من الخوف، لأنه مليان أمان.

ولو ضَحيت بكل حاجة في حياتي، مش من حقي أبدًا أضحي بحقي في
“الشعور بالأمان”.

 

فما تضحيش، حتى لو مش قادرة تكتمي صرخات جوعك اللي جواكي للحب، وأوعي تقبلي بالاستسلام.

لأن كسر القلب مش بالساهل، ولا سنين العمر اللي بتروح ينفع من تاني ترجعيها لو ضاعت مع اللي “ما يستحقهاش”.

 

والحب لو اتقدملك ناقص “ماتقبلهوش“، صحيح كلنا محبتنا مهما كانت فيها شوية أخطاء.

بس فيه فرق ما بين أني أقدم “قلبي كله” بعيوبه وضعفه، وما بين إني أرمي الفتات منه بدون أي إخلاص.

 

مهما كانت عيوبك وضعفك وشكل جسمك، أنتِ تستحقي محبة كاملة، “فما تتنازليش“.

 

ولو محتاجة أي مساعدة وناس تمشي معاكِ سكة للتعافي من علاقة مؤذية أو محتاجة دايرة أمان تحكي فيها، فأحنا في “نون” دايمًا متاحين ليكِ، وبنقولك أحنا بنحبك علشان أنتِ تستحقي الحب.

المقالة السابقةقصتي مع الحب
المقالة القادمةوأنتِ ايه اللي بيحرَّكك؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا