روتين .. ولكن مش مُملّ

655

بقلم: بولا سامي

 

عندي طقوس دايمة كده تقريبًا مابتتغيرش .. قهوة الصبح، وريحتها اللي بتفوَّقني مع صوت فيروز في وداني .. بكوي الهدوم، وفيروز لسه شغالة وبجهّز حاجتي وأنا بدندن معاها. 

فاكر زمان؛ كنت ممكن أقوم من على السرير على الهدوم على الشُّغل علشان ألحقه .. دلوقتي بقي لازم أبدأ يومي من عندي، مش في الشغل؛ لأني لقيت نفسي محتاج الوقت اللي أستمتع فيه وأغيّر فيه “مُودي” علشان أعرف أستقبل يوم جديد.

كان قرار الوقت اللي أقضيه قبل ما أنزل الشغل؛ قرار مهم علشان ما أدخلش جوه دوامة الحياة .. لأني حسيت أنها بتاكلني .. وإحساس الوقت مسيطر عليّ، ده كان بيخليني دايمًا مستعجل .. مستعجل أروح الشغل، ومستعجل أرجع منه، ومستعجل أجهّز الأكل، ومستعجل في كل حاجة علشان ألحق تاني يوم، وأبدأ في اللفة دي.

ولقيت أن الوقت اللي بقضيه في أي حاجة وأنا مستعجل؛ زيه زي الوقت اللي بقضيه في الطبيعي وأنا هادي. يمكن يفرق في دقايق زيادة .. كان فكرة أن وقت الاستمتاع يكون روتين يومي؛ كانت فكرة غريبة بالنسبة لي .. هو مش الروتين ده ممل؟

لمَّا بقوم من النوم بعمل حاجة بحبها، ومركّز أني أستمتع بنغمات فيروز، وريحة القهوة، وأعملها على مياه باردة علشان تستوي كويس، واقف جنبها لحد ما أصبّها في الفنجان بالراحة علشان الوشّ مايروحش وأشم ريحتها .. كلها تفاصيل صغيرة بحتاج أكون يقظ وأنا بعملها .. محتاج أسمع فيروز،  ومش بفكر هبعت إيه في الايميلات النهارده، وفي الشغل، وهناكل ايه ونشرب .. المتعة بتتكون في تفاصيل صغيرة بالنسبة لي.

الاستمتاع لمّا بيتحول لروتين .. غيّر في أدائي ونفسيتي واندفاعاتي، وإنتاجيتي في الشغل والحياة .. خلّاني أدرك أن قيمة الوقت مش في الاستعجال؛ إنما الاستمتاع بالتفاصيل البسيطة. ممكن ما أعملش إنجازات كبيرة النهارده .. بس كان يومي ماشي بسلاسة وهدوء. ده كان أفضل إنجاز في يومي. كنت مقصّر في حق نفسي، واكتشفت كثير جدًا حاجات محتاجها .. كان أولها أني أعمل “دايت” وألعب رياضة.

كنت بعمل “دايت” كثير جدًا ومش بكمل .. بس كنت حاسس أني مش قادر آخد الخطوة دي .. فيه حاجات كثير بتشدّني لورا .. لمّا ابتديت أخلق لحظات لنفسي .. وحبيتها .. كنت بعمل ده لأني بحبني، ومحتاج أعمل ده علشان صحتي ونفسيتي .. وبقت الرياضة متعة بالنسبة لي؛ لأنها تنفيس عن أي يوم ثقيل بعد الشغل.

بقيت بحب الرياضة، وانبسط وأنا بلعب، وبقيت أدور على النتّ على وصفات وأكلات تتعمل لـ”الدايت” وتكون حلوة .. بوّظت أكل كثير جدًا، بس اتبسطت كثييير جدًا .. كنت بضحك لما أقعد أحاول أعمل أكل، ويطلع وِحش في الآخر، وألاقيني باكله وأنا بضحك، وأحكي لأصحابي على اللي بعمله ونضحك .. كل حاجة بتتحوّل للحظات ممتعة.

بقيت بعمل سينما في البيت، وفشار، وأختار فيلم حلو في الإجازات .. لقيت عقلي مابيبطلش أفكار عن لحظات أستمتع بيها .. حتى لقيت نفسي باخد “كورسات” في حاجات بحبها، وبقيت بقضي فيها أوقات وكنت بفرح بإنجازي .. لدرجة كنت مش مستوعب أني ممكن أقعد أذاكر تاني … بس بقيت بذاكر حاجات بحبها.

أني أتبسط؛ ده كان قرار واعي علشان أحب نفسي .. وعلشان أحب نفسي كنت محتاج أعمل حاجات علشانها كثيير بتحبها .. وكنت محتاج أعمل علشان نفسي حاجات ثانية صعبة وماكنتش بتحبها … بس كانت ضروري علشاني.

لمّا بتعدي لحظات صعبة في حياتي أو بكون مكتئب ومش قادر أمارس الروتين العادي واتبسط ..  وكنت بكون عارف أن الوقت الصعب ده ممكن ياخد فترة .. كنت بلاقيني بكمّل حتى لو مش قادر أحس بنفس الأحاسيس اللي كنت بحسها في الأوقات العادية.

كنت ممكن ألاقي 100 سبب يخليني ما أروحش ألعب رياضة. بس كنت بنزل وألاقيني بتغيّر ببطء بس كنت بتغير.

أني أحافظ على روتين الاستمتاع، وأنا مش قادر أستمتع بيه كان بيخليني أخرج أسرع من الأوقات العادية .. كان بيقلل الوقت اللي بكون مرهق فيه أو تعبان ومش قادر .. وبرجع ثاني للحظات المفرحة؛ لأن كل مُرّ هيمرّ .. وهيكون ليها وقتها وهتخلص.

وبرجع أشارك ناس في حياتي في اللحظات دي، وأدخل ناس في أوقات متعتي وبقيت بفرح بوجودهم. بقيت بحب أستمتع لوحدي وأستمتع مع الناس .. مش بقفل على نفسي، ولا بخلي الحياة تشدني في دوشتها .. وبعد وقت كثير فهمت: أن الحياة فعلًا تستاهل أننا نعيشها بشكل كويس.

 

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب.

 

المقالة السابقةالراحة والذنب
المقالة القادمةالقدرة على الحياة

3 تعليقات

  1. I would like to thank you for the efforts you have put in writing this web site. I am hoping the same high-grade web site post from you in the upcoming also. Actually your creative writing abilities has encouraged me to get my own web site now. Really the blogging is spreading its wings quickly. Your write up is a good example of it.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا